ترقب هلال رمضان له طقوسه وأفراحه في العالم الإسلامي .. وفي كل بلد توجد فيه جاليات إسلامية! واليمن السعيد تدخل –طبعاً- ضمن هذه المنظومة إلا أنها تتميز –كالعادة- بمظاهر خاصة تكرست خلال السنوات الماضية. وأولى هذه المظاهر هو ارتباط قدوم رمضان بأزمة ما: تموينية وغازية أو هما معاً؛ صارت علامة من علامات الشهر الفضيل .. وقبل أسابيع أبديت فرحتي بانتهاء أزمة لكن صاحب المحل سخر من فرحتي مهدداً بقرب قدوم رمضان .. وعيونكم ماتشوف إلا .. الطوابير! الحديث عن ارتباط الأزمة التموينية برمضان ليس افتراء من عندي؛ فهاهي وزارة الاقتصاد والتموين أعلنت حالة الطوارئ لمواجهة قدوم رمضان .. ووضعت اللجنة العليا لحماية المستهلك(!!) رؤية لمواجهة أزمات رمضان .. وعلى أساس هذه الرؤية وضعت اتجاهات بهدف حماية المستهلك المشهور تاريخياً باسم: الشعب اليمني.. وضمان توفير كميات كافية من السلع الغذائية والاستهلاكية الأساسية (فيكم الخير .. الله يكفينا شركم بس) .. وبالإضافة إلى هذين الهدفين التاريخيين فهناك هدف ثالث يتعلق بضبط مخالفات الغش التجارية والاحتكار، وعدم إشهار الأسعار بما فيها مادتا الخبز والغاز .. وأخيراً: ضبط السلع الغذائية التالفة والفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك! وكل هذه الأهداف تعجز حتى وزارة التموين في الاتحاد السوفيتي (سابقاً) أن تحققها بكل ماكان لها من سطوة بوليسية يندر وجود مثيل لها .. وعندنا تزعم وزارة التموين (المؤتمرية) أنها ستحققها .. وفي رمضان عندما يوزع التجار: الزكاة! *** في سبيل تحقيق الأهداف التاريخية المذكورة سوف تقوم الوزارة مع الجهات المعنية بتكثيف الرقابة على الأسواق من خلال تنفيذ حملات مشتركة مع الجهات المعنية! سيقول اليمنيون: لاجديد تحت الشمس! كلام نسمعه كل عام دون فوائد محسوسة .. فالذي لا يقدر على ضبط الأسواق في رجب وشوال لا يستطيع أن يضبطها في رمضان .. فكما أن رب رمضان هو رب شوال (كما يقال للتائبين في رمضان الذين يفسدون توبتهم في شوال) .. فإن التموين في رمضان هو التموين في سائر الأشهر: ورمضان رمضان .. والتموين التموين .. وحق العيد حق العيد! *** ربما كان هناك شيء جديد -وهذا من باب الأمانة- وهو أن الوزارة أعلنت –بذكاء تحسد عليه- موعد بدء حملاتها لحماية المستهلك، ومكافحة الغش والاحتكار، وضبط مخالفات الغش والسلع الفاسدة! وجعلت من 15 شعبان –باعتباره يوماً مباركاً- موعداً لانطلاق حملاتها المباركة! عبقرية لم يسبق إليها أحد!" يعني كان لازم على الوزارة أن تعلن موعد الحملات الذي يفترض أن يظل مخفياً عن المحتكرين والغشاشين وتجار السلع الفاسدة؟ وحتى لو كانت وزارة التموين تراهن أن عامة الشعب لا يقرأون الصحف المحلية حتى وهي مفروشة على الموائد والأرض أثناء تناول الطعام .. فالمفترض أن يكون هناك شيء من النباهة وعدم الإعلان على الموعد وجعله (مفاجأة) ولو من باب: إذا ابتليتم فاستتروا! يمني عريق في التجارة والشطارة علق على إعلان الوزارة لموعد حملاتها التفتيشية بأنها تحصيل حاصل .. فسواء كانت حملات مفاجئة أم علنية شفافة فلن يحدث إلا ما حدث في الأعوام الماضية والموجودة في الجيب لازم تشوفه العين .. وسينتهي رمضان والطرفان سعداء: التموين والتجار .. والجميع حبايب .. وكلهم يرددون بعد يومين فقط من رمضان: خواتم مباركة.. خواتم مباركة! *** كالعادة –أيضاً- ستثور نقاشات وتراود الناس أحلام إكرامية رمضان، التي ظلت منذ سنوات طويلة تصرف لجهات وتمنع عن جهات .. حتى كان العام 2006م، وصرفت للجميع بمناسبة الانتخابات الرئاسية ثم تقلصت ثم عادت حليمة إلى عادتها القديمة! .. وتأكد للشعب أن إكرامية 2006م الشاملة كانت رشوة انتخابية وليست إكرامية رمضان! *** التلفزيون اليمني كالعادة –أيضاً- لم يتم استعداداته لرمضان .. وقيّل وكتب إن رمضان يقترب والجماعة لم يتعلموا ولم يستفيدوا من البرامج الدينية والمواعظ التي يبثونها طوال الشهر الكريم .. مع أنهم يسمعون الخطباء والوعاظ يقولون إن الصحابة –رضوان الله عليهم- كانوا يستعدون لرمضان من قبل ستة أشهر! *** الحكومة المؤتمرية الشعبية العامة سوف تتذكر ركن الإسلام المحبب لديها الأثير عندها .. ألا وهو ركن الزكاة! ليس لأنه مرتبط بالزلط .. ولكن لأنها حكومة يهمها أن تطهر الشعب وتزكيه بأخذ أموال الزكاة منه! وكما وصفناها قبل أعوام .. فالحكومة المؤتمرية هي: حكومة زكوية .. ولولا أن أركان الإسلام لا تتبدل ولا تتغير لجعلوا الزكاة ركنها الأول .. والأخير! *** وضع الكهرباء يبشر بأنه سيكون في رمضان سيئاً .. فإذا كنا قد عشنا عاماً من إنجازات طفي طفي ووزارة الكهرباء تعلن كل فترة موعداً نهائياً لتشغيل محطة مأرب الغازية .. فكيف سيكون الحال والخبرة ساكتون منذ مدة بعد أن صار شعارهم: (إذا كان الكلام من كهرباء فالسكوت من .. شمع). وبهذه المناسبة فقد كان الواجب على وزارة التموين أن تتأكد من ضمان توفير كميات كافية من الشموع في الأسواق كغيرها من البضائع والإعلان عن ذلك تطميناً للشعب .. وتهديد لكل من يحاول إخفاء الشموع أو رفع سعرها .. ومن باب (ما لايتم الواجب إلا به .. فهو واجب).