شنت جماعات قبلية مسلحة حرب مفتوحة منذ أيام مستهدفة أنابيب النفط الرئيسة وأبراج الكهرباء في محافظة مأرب اليمنية (170 كم) شرق صنعاء. وتحتضن محافظة مأرب اليمنية أكبر حقول انتاج النفط اليمني بما يعادل 70 بالمائة، كما تقع فيها محطة "مأرب الغازية" أكبر محطة توليد كهربائي في اليمن، وتعد مأرب إحدى المحافظات اليمنية ذات الطبيعة القبلية المسلحة. وتعاني المحافظة من ارتفاع معدل الجهل بين ابناءها، وتفتقر هذه المحافظة الغنية بالثروة النفطية إلى المشاريع التنموية والخدمية. وتتعرض انابيب النفط الرئيسة التي تضخ النفط الخام من حقول المحافظة إلى ميناء التصدير في رأس عيسى في البحر الاحمر إلى الغرب اليمن ي" وكذا انابيب الغاز التي تصل حقول الغاز في صافر بمحطة بلحاف لتسييل الغاز المسال في شبوة شرقا، لأعمال تفجير مستمرة. ومنذ مطلع مارس الجاري سجلت اربع عمليات تفجير بحق انبوب النفط الرئيس، وما تزال حتى اليوم عملية ضخ النفط متوقفة، وتتكبد اليمن يوميا حوالي 15 مليون دولار نتيجة التوقف. كما تعيش العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى في الظلام لليوم الثالث على التوالي نتيجة تعرض ابراج نقل الطاقة من محطة مأرب الغازية لثلاث عمليات تخريب متتالية. وقالت خدمة ((26 سبتمبر)) الاخبارية الناطقة باسم وزارة الدفاع إن منظومة الكهرباء خرجت عن الخدمة، ونقلت عن مصدر مسئول في وزارة الكهرباء تأكيده أن " الاعتداءات المتكررة اخرجت منظومة الطاقة عن الخدمة". وصعدت جماعات مسلحة قبلية في مأرب من عمليات استهداف انابيب النفط وأبراج الكهرباء للضغط على الحكومة للاستجابة لمطالبهم. وفي السياق ذاته، قال الزعيم القبلي صالح الضما احد شيوخ قبائل منطقة صرواح بمحافظة مأرب اليمنية إن هناك مطالب لدى ابناء مأرب لا تستجيب لها الدولة ولذلك يلجأ المواطن إلى مثل هذه الاعمال. وأوضح الضما، في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن الدولة تتعامل مع أبناء مأرب بالتهميش وان حالة احباط كبيرة يعيشها ابناء مأرب نتيجة عدم استجابة الحكومة لمطالبهم. وأضاف " هناك مطالب وحقوق مسلوبة يجب على الدولة الالتزام والوفاء بها حتى تضمن ايقاف عمليات التخريب التي تطال انابيب النفط وأبراج الكهرباء في مناطق متعددة من المحافظة". وتابع " هذه الاعمال غير مبررة ومرفوضة لكنها هي الحل الوحيد امام المواطن الذي ليس له أي سبيل لأخذ حقه من الدولة". وأشار الزعيم القبلي إلى أن الحكومة شكلت لجنة للنظر في قضايا المواطنين في مأرب إلا ان اللجنة لم تلتزم ولم تقوم بمهامها وحدثت اخطأ كبيرة تسببت في تصاعد اعمال التخريب. وأكد الضما انهم على استعداد للتعاون مع الدولة في حال انصفت المواطن واستعادت كافة الحقوق المسلوبة للمواطنين. وتسائل قائلا " كيف تمر في مناطقنا انابيب النفط ونحن بحاجة إلى خيرها .. فليس لدينا مستشفيات ولا طرق ولا جامعات ولا منشآت تعليمية وغيرها من الخدمات؟" وواصل قائلا " خطوط الكهرباء تمر فوق رؤوسنا الى صنعاء والحديدة ومدن اخرى ونحن نعيش في الظلام "، لافتا إلى أن " المواطن المأربي يشعر بإحباط كبير لذلك يلجأ الى الانتقام ". واشار الى ان اضرارا كبيرة تلحق بالأطفال والمزارع نتيجة اعمال تفجير انابيب النفط في مناطق قريبة من السكان في مأرب. ودعا الزعيم القبلي صالح الضما الحكومة اليمنية إلى ان تتعامل بالعدالة مع كافة فئات المجتمع اليمني وان تبسط بعد ذلك نفوذها لإيقاف أي عبث بالمشاريع العامة. بدورها، حملت الناشطة اليمنية توكل كرمان ، الحائزة على جائزة نوبل للسلام 2011، على صفحتها بموقع التواصل الإجتماعي " فيس بوك" فشل الحكومة في حماية ابراج الكهرباء. وقالت " خلال عام كامل من عمر المرحلة الانتقالية فشلت الرئاسة والحكومة الانتقالية في حماية ابراج الكهرباء ". وتابعت "التحجج بالرئيس المخلوع لم يعد مقنعا ولا كافيا لتبرير ذلك العجز والفشل ". ويرى الكاتب والناشط الحقوقي اليمني وضاح الجلال أن هناك اقصاء وظلما وحرمانا يعاني منه ابناء مأرب يؤدي بالتالي إلى السخط والنقمة. وأوضح الجلال ل((شينخوا)) أن محافظة مأرب تتعرض وأهلها لظلم وإقصاء ويتم حرمان هذه المحافظة من الحقوق والخدمات، ما يؤدي بالتالي إلى السخط والنقمة. واضاف " أبراج الكهرباء تمر وسط قرى ومديريات مأرب المحرومة أساسا من الكهرباء، وبالمثل يتعرض السكان للإقصاء والتهميش وتمنع عنهم حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية". وتابع " كل ذلك ليس مبررا لضرب واستهداف الكهرباء وأنابيب النفط، ولا يوجد ما يبررهما أساسا، فهناك وسائل احتجاج سلمية يمكن أن يلجأ إليها أبناء المحافظة، وسيجدون عونا ومناصرة من كافة أطياف وشرائح المجتمع". وأكد الجلال " بالإضافة الى المظالم الموجودة هناك قوى ومراكز النفوذ في النظام هي من تدفع ببعض العصابات لتنفيذ أعمال تخريبية ضد المنشآت النفطية والخدمية ". وأضاف " يبدو جليا وواضحا أن طرفي الصراع السياسي متورطان في هذا الأمر من أجل فرض الأمر الواقع على اليمنيين قبل مؤتمر الحوار الوطني، ومن ثم حصر طموحاتهم وآمالهم من مؤتمر الحوار بتوفير الخدمات الأساسية فقط، وتجاوز مطلب الدولة المدنية الحديثة". وترى الحكومة اليمنية أن تيارا حقيقيا يقف وراء اعمال التخريب وليس المطالب وحدها، وان خيار استخدام القوة مطروح لحل لذلك. وقال علي الصراري، المستشار الاعلامي لرئيس الحكومة اليمنية، إن الحكومة مع مطالب ابناء مأرب لكن تيار حقيقي يقف وراء عمليات التخريب التي تطال انابيب الكهرباء وأبراج الكهرباء. وأوضح الصراري، ل((شينخوا))، أن الحكومة اليمنية مع كافة المطالب الخدمية والإنسانية في عموم الوطن بما في ذلك مأرب وان هناك توجها لحل كافة الاشكاليات. واضاف " لكن المطالب المشروعة لا يجب ان تطالب بطرق غير مشروعة وتدمير المشاريع الوطنية "، وتابع " تبرير الاعمال التخريبية بالمطالب غير منطقي ولا يجب القبول به". وأكد الصراري أن ابناء مأرب ليسوا جميعا وراء اعمال التخريب، فقط قوى معينة وتيار حقيقي يريد خلق حالة من القلق ونتيجة الشعور بالفشل للتسوية السياسية. وتابع " الاعمال التخريبية لا تعبر عن المطالب المشروعة ". وعن تبريرات الحكومة وتحججها دائما بالنظام السابق، قال الصراري إن الفكرة صحيحة ولا ينبغي تعليق اعمال الحكومة على الاوضاع السابقة، لكن تواجه الحكومة تيارا حقيقيا موجودا لم يتخلى عن اوهام السلطة يريد افشالها. وأكد مستشار الحكومة اليمنية ان هناك عملا بالتوازي لمعالجة اعمال التخريب التي تطال المشاريع الحيوية ، حيث سيتم مواجهتها بالقوة القانونية. نقلاً عن شينخوا