الرئيس يثمن الاستجابة العاجلة للتحالف من أجل حماية المدنيين في حضرموت    حملة أمنية تحرق مخيمات مهاجرين غير شرعيين على الحدود بصعدة    الأرصاد يخفض التحذير إلى تنبيه ويتوقع تحسناً طفيفاً وتدريجياً في درجات الحرارة    4 كوارث تنتظر برشلونة    ما علاقة ضوء الشمس بداء السكري.. نصيحة للمصابين    الدولار الأمريكي يترنح في أسوأ أداء أسبوعي منذ شهور    قرقاش يدعو إلى تغليب الحوار والحلول المتزنة كأساس للاستقرار الإقليمي    إنجاز 5 آلاف معاملة في أسبوع.. كيف سهلت شرطة المرور إجراءات المواطنين؟    خبير طقس يتوقع ارتفاع الرطوبة ويستبعد حدوث الصقيع    ترميم عدد من الشوارع المحيطة بشركة ( يو)    قمة أفريقية..تونس ضد نيجيريا اليوم    من يحرك أدوات الامارات في حضرموت والفاشر    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    الولايات المتحدة تعرب عن قلقها إزاء التطورات في جنوب شرق اليمن دون توجيه أي موقف عدائي للجنوب    موقع إيطالي: اندلاع حرب غير مباشرة بين السعودية والإمارات في اليمن    ترامب يلتقي زيلينسكي غدا في فلوريدا    المغرب يتعثر أمام مالي في كأس أمم إفريقيا 2025    لمن يريد تحرير صنعاء: الجنوب أتخذ قراره ولا تراجع عنه.. فدعوه وشأنه لتضمنوا دعمه    لماذا يفشل خطاب الوصاية أمام التاريخ الجنوبي؟    خطورة التحريض على القوات الأمنية في حضرموت    تجدد المعارك الطاحنة بين ادوات العدوان في حضرموت    موقف صنعاء من تفاقم الصراع في حضرموت    الكيان يكشف سر الاعتراف بأرض الصومال    جُمعة رجب.. حين أشرق فجر اليمن الإيماني    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    العليمي يقدّم طلبًا للتحالف بشأن الأوضاع في حضرموت    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    الذهب يقفز لمستوى قياسي جديد    شاهد / حضور كبير لاحياء جمعة رجب في جامع الجند بتعز    السيّد القائد يحذر من تحركات "طاغوت العصر"    الرئيس المشاط يعزي عضو مجلس النواب علي الزنم في وفاة عمه    ريال مدريد يدرس طلب تعويضات ضخمة من برشلونة    ندبة في الهواء    خلال يومين.. جمعية الصرافين بصنعاء تعمم بإعادة ووقف التعامل مع ثلاثة كيانات مصرفية    الصحفية والمذيعة الإعلامية القديرة زهور ناصر    كتاب جديد لعلوان الجيلاني يوثق سيرة أحد أعلام التصوف في اليمن    البنك المركزي بصنعاء يحذر من شركة وكيانات وهمية تمارس أنشطة احتيالية    صنعاء توجه بتخصيص باصات للنساء وسط انتقادات ورفض ناشطين    فقيد الوطن و الساحة الفنية الدكتور علوي عبدالله طاهر    حضرموت تكسر ظهر اقتصاد الإعاشة: يصرخ لصوص الوحدة حين يقترب الجنوب من نفطه    البنك المركزي اليمني يحذّر من التعامل مع "كيو نت" والكيانات الوهمية الأخرى    الرشيد تعز يعتلي صدارة المجموعة الرابعة بعد فوزه على السد مأرب في دوري الدرجة الثانية    لحج.. تخرج الدفعة الأولى من معلمي المعهد العالي للمعلمين بلبعوس.    المحرّمي يؤكد أهمية الشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز الاقتصاد وضمان استقرار الأسواق    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    ميسي يتربّع على قمة رياضيي القرن ال21    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس الدائرة الاقتصادية للإصلاح يقدم رؤية شاملة لإصلاح المالية العامة للدولة
نشر في الصحوة نت يوم 22 - 06 - 2013

قدم الدكتور محمد الافندي,رئيس الدائرة الاقتصادية للإصلاح,وأستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء,رؤية شاملة لإصلاح ليس المالية العامة للدولة لا تقوم على نفس المقاربات السابقة التي تمت في العقود الماضية.
نص الرؤية نقلاً عن الزميلة الثورة:
ليس صحيحا أن تتم عملية إصلاح المالية العامة للدولة بإتباع نفس المقاربات السابقة التي تمت في العقود الماضية. وتلك كانت مقاربات انتقائية اتكأت على تنفيذ سياسات مالية واقتصادية جزئية مفصولة ومعزولة عن رؤية شاملة للإصلاح الاقتصادي والمالي والمؤسسي، وتلك لم تؤدي إلا إلى مزيد من البؤس والحرمان والفقر والبطالة وهو ما أجج مزيداً من التوترات السياسية والاجتماعية الناشئة عن الآثار السلبية للسياسات الانتقائية في عملية الإصلاح الاقتصادي وجعل الناس يخرجون بثورة تغيير سلمية تطالب بتصحيح بوصلة الإصلاحات وعملية البناء، فلا يمكن النظر إلى سياسات إصلاح اقتصادي انتقائية بمعزل عن عملية بناء شاملة للدولة.
نحن اليوم بحاجة إلى أن نستفيد من دروس وعبر الماضي، إصلاح المالية العامة للدولة لا يتم بمجرد العودة إلى مسلسل رفع أسعار السلع الأساسية (المشتقات النفطية) فتلك عودة للنهج القديم والمقاربات السابقة الفاشلة التي انتهت إلى كوارث اجتماعية واقتصادية.
ندرك أن حكومة الوفاق الوطني قد ورثت تركة ثقيلة واختلالات اقتصادية واجتماعية عميقة ومزمنة، وندرك أن حالة المالية العامة ليست مطمئنة فعجز الموازنة يتصاعد والمتوقع أن يصل إلى نحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي لأن الإنفاق العام يتزايد والإيرادات العامة تتناقص. وخاصة إيرادات النفط بسبب تخريب المخربين والفوضويين لأنبوب النفط، وقطع الكهرباء والطرقات من أولئك الذين يقاومون ثورة التغيير وبناء اليمن الجديد، ومن أولئك الذين يريدون أن يكونوا ثواراً بعد الثورة .
وندرك أيضاً أن دعم المشتقات النفطية يشكل نسبة متزايدة من الناتج المحلي (تقدر بنحو ٪8 من الناتج) وأن هذا الدعم يستفيد منه الغني قبل الفقير وأن هناك تهريباً للمواد البترولية، وكذلك ندرك أن الأجور والمرتبات في موازنة الدولة قد وصلت إلى نسبة تجاوز المعايير الدولية (نحو ٪10 من الناتج المحلي الإجمالي) فحكومة الوفاق قد تحملت عبء التوظيف الجديد المرحّل من السنوات السابقة، نحو ستين ألف وظيفة كان مخططاً لها أن تتم خلال خمس سنوات، إلا أنها تحملتها في سنة واحدة، كل تلك الاختلالات ندركها ونفهمها، ولكننا بالمقابل ندرك ونفهم أن اختلالات الموازنة العامة متعددة وليست محصورة في ما ذكر، فما زال جدول المرتبات يحتوي على آلاف الوهميين والمزدوجين من القطاع المدني والعسكري والأمني وما زالت هناك بنود في الانفاق الجاري غير مبررة ولا ذات جدوى وهي بنود تندرج في إطار الامتيازات العامة لذوي النفوذ، مما يجعلنا أن نطلق عليها بأنها موازنة عامة للامتيازات الاجتماعية والسياسية للنافذين أو أنها موازنة الحتميات، فالنفقات الجارية تنمو بمعدل متزايد (نحو ٪16 لعام 2012) بينما ينخفض معدل نمو الإنفاق التنموي إلى نحو( ٪5.5 لعام 2012).
وندرك أن حجم الدين العام المحلي يتصاعد بشكل مقلق وربما تجاوز بشكل تراكمي نحو اثنين ترليون ريال.
وندرك كذلك، أن برنامج الرعاية الاجتماعية في اليمن يعتوره الكثير من الفساد والاختلالات الكبيرة التي تحتاج إلى إصلاح وتصحيح. فبرامج الرعاية الاجتماعية تتضمن أعداداً ممن لا يستحقون وهناك كثيراً من الوهميين في برنامج الرعاية تُعطى لهم مبالغ نقدية تذهب إلى جيوب النافذين والوجهاء الذين أعطو لأنفسهم حق الوصاية على الفقراء في المدن والأرياف وتقرير حالات الضمان والرعاية.
كما ندرك أن الاختلالات في مؤسسات القطاع العام ما زالت قائمة منذ عقود.. ومع ذلك فإن موارد واستخدامات القطاع العام تفوق حجم استخدامات الموازنة العامة للدولة، ففي ظل الفساد المزمن، قدّر اجمالي استخدامات القطاع العام بنحو (4.7) ترليون ريال مقابل (2.8) ترليون ريال استخدامات الموازنة العامة لم يكن ما ذكرت إلا أمثلة وليس حصر اختلالات المالية العامة للدولة .
لذلك فإن إصلاح المالية العامة ليست عملية انتقائية ومن الصعب أن تكون كذلك، في هذه المرحلة الجديدة التي تمضي فيها اليمن الآن. ليس صحيحاً ولا مقبولاً اليوم أن يتم إصلاح المالية العامة من خلال التركيز فقط على رفع أسعار المشتقات النفطية، ما هو مقبولاً وصحيحاً اليوم هو إدراك أننا بحاجة إلى رؤية شاملة لإصلاح المالية العامة، تأخذ بعين الاعتبار الاعتبارات الآتية:
1) إن الاقتصاد اليمني هو اقتصاد انتقالي ويمر بمرحلة انتقالية ويعمل في ظل ظروف غير طبيعية تحكمها آلية تسوية سياسية لها أجندتها وأولوياتها، وأن أولويات الاقتصاد الانتقالي لا يمكن فصلها عن متطلبات وأجندة مسار التسوية السياسية.
2) أن الأولويات الاقتصادية للحكومة هو وقف التدهور الاقتصادي الناشئ عن اختلالات اقتصادية مزمنة وسياسات اقتصادية خاطئة لعقود خلت وكذلك إعادة الاعتبار لمبدأ العدالة الاجتماعية، وفي مقدمة ذلك التخفيف من مشكلتي الفقر والبطالة وتأمين الخدمات العامة للدولة.
3) إن متطلبات تحقيق العدالة الاجتماعية هو تحقيق الاستقرار الاجتماعي المرتبط بتحقيق الاستقرار الاقتصادي، ولذلك فإن إصلاح برنامج الرعاية الاجتماعية بما فيها شبكة الحماية الاجتماعية وتحريره من منظومة الفساد والمحسوبية والنافذين يأتي أولاً وقبل اللجوء إلى رفع أسعار المشتقات النفطية كما أن تنقية جدول المرتبات والأجور وترشيد الانفاق العام وزيادة كفاءة التحصيل الضريبي لها أسبقية على الإجراءات الأخرى والتي تضر بالفقراء قبل الأغنياء.
4) أن يُنظر إلى مشكلة تهريب المواد البترولية أنها مشكلة مرتبطة بفرض وترسيخ هيبة الدولة قبل أن تكون مشكلة مرتبطة بسعر النفط، وأن ترشيد مخصصات الاستهلاك المحلي للجهازين المدني والعسكري من المشتقات النفطية لها أسبقية على رفع أسعار هذه السلع التي ستؤدي إلى اشتعال أسعار السلع والخدمات التي تزيد الفقراء فقراً وحرماناً.
5) إدراك أن توليد مزيد من التوتر الاجتماعي والسياسي له كلفة مالية كبير ستتحملها الخزانة العامة وهي كلفة تقدر بأكثر مما هو متوقع أن تحصل عليه الخزينة من رفع أسعار المشتقات النفطية في هذه المرحلة الانتقالية.
6) أن يُنظر إلى أن المحافظة على ثقة المجتمع بقيادته السياسية والتنفيذية الانتقالية (الرئاسة وحكومة الوفاق) أولى ومقدم على زعزعة هذه الثقة بسبب رفع الدعم في هذه المرحلة غير الطبيعية.
فالحفاظ على ثقة المجتمع بالقيادة الانتقالية إنما يعني الحفاظ على رأس المال الاجتماعي وأن تطّلب ذلك زيادة عجز الموازنة في الوقت الحالي.
فالرضاء والثقة عنصر أساسي في نجاح متطلبات المرحلة الانتقالية، بينما تجاهل الرضاء الشعبي في هذه المرحلة يشكل جذوراً للتوتر السياسي والاجتماعي الذي من شأنه أن يفشل مسار العبور إلى الدولة الجديدة وبناء اليمن الجديد. كما أن السير في اتجاه زعزعة الثقة هو معاكس لما توقعه الناس من تحسن أحوالهم ولو نسبياً في هذه المرحلة.
فلسنا بحاجة اليوم إلى أن نقدم مبررات جديدة للتوتر ولا وقوداً تتغذى منه القوى المناهضة للتغيير واليمن الجديد.
إن التمسك بالتغيير وبناء الدولة يتطلب الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والبُعد عن السياسات الانتقائية فتجريب المجرب خطأ مرتين، كما أن تحقيق الاستقرار الاقتصادي يتطلب وفاء المانحين بوعودهم لدعم الاستقرار الاقتصادي وبرامج التنمية.
ومن ذلك دعم الموازنة العامة وبرامجها التي من شأنها أن تسهم في إنجاح أولويات المرحلة الانتقالية. وكلما بذلت حكومة الوفاق جهوداً مضاعفاً لحث أصدقاء اليمن على تنفيذ وصرف التعهدات التي التزموا بها في مجالات الإصلاح والبناء والحاجات الإنسانية ذات الأولوية رسخت ثقتها بالمجتمع، وبقدر إدراكنا لحجم وعمق اختلالات المالية العامة إلا أن إصلاح المالية العامة هي منظومة متكاملة وفي إطار إصلاح شامل يسهم في بناء الدولة اليمنية الحديثة القائم على الحكم الرشيد ومكافحة الفساد
فتصويب سياسات الدعم ينبغي أن يتكئ على رؤية متكاملة وواضحة للإصلاح المالي ولكافة البدائل، كما لا ينبغي أن يدفع الفقراء ثمن هذا التصويب كما كان الحال في العقود الماضية .
والإصلاح الشامل للمالية العامة ليس مجرد تصويب سياسات الدعم في الوقت الخطأ وبالمنهج الخطأ .
إن إصلاح المالية العامة الذي يضر بالفقراء قبل الأغنياء عملية مؤذية ومدمرة للاستقرار الاجتماعي، كما أنها عملية لا تستحق التعويل والرجوع إليها في هذه المرحلة غير الطبيعية، ولأنها تكرر تجارب وأخطاء ألحقت أفدح الأضرار بالنسيج الاجتماعي للمجتمع في العقود الماضية، فليس من العدل تكرار سياسات انتاج الفقر والبؤس والحرمان. (وللحديث بقية).
* أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء – عضو الحوار الوطني الشامل – رئيس المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.