قبل أيام تظاهر العشرات من أبناء مديرية حرف سفيان التابعة إدارياً لمحافظة عمران مطالبين الحكومة إعادتهم إلى قراهم ومنازلهم التي نزحوا منها بسبب ما تمارسه ضدهم جماعة الحوثي المسلحة. النازحون من أبناء المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين قسمان؛ قسم نزح خلال المعارك التي دارت بين الجيش ومسلحي الجماعة، غير أن بعضهم تمكن من العودة بعد أن وضعت الحرب أوزارها، لكن آخرين ممن يختلفون مع أفكار الجماعة أو معارضين لها لم يستطيعوا العودة؛ خوفاً من المصير المجهول الذي يتربص بهم. قبل ذلك بأيام، تظاهر المئات من أبناء محافظة صعدة ومناطق مجاورة أمام منزل الرئيس عبدربه منصور هادي في صنعاء للمطالبة بالإفراج عن ذويهم المعتقلين في سجون الجماعة المنتشرة في المحافظة. نكبة أهالي حرف سفيان لم تكن منطقة حرف سفيان في محافظة عمران بمنأى عن المعارك الضارية التي دارت رحاها بين قوات الجيش وجماعة الحوثي التي كانت تزداد وتيرتها في كل جولة جديدة يخوضها الطرفان، فدفع الأهالي ثمن تلك الصراعات، فاضطروا للخروج من مناطقهم وقراهم هرباً من اعتداء مسلحين حوثيين لا يتفقون مع أفكارهم وسياستهم، عليهم، كما يقولون. يقول صدام، وهو أحد النازحين، إنه لم يكن بين أهالي قرية «العيشة درب زيت» في حرف سفيان أي مشكلة بينهم وبين الحوثيين، إلى أن حدث خلاف بين أهالي القرية في 2010، فاشتكى طرف موالٍ للحوثيين إلى قائد الجماعة في المنطقة، والذي بدوره أرسل مسلحين لتخيير الطرف الآخر إما بالقبول بحكمه أو أنه يتوجّب عليهم مغادرة المنطقة خلال ساعات وبدون سابق إنذار. وبدأت المشكلة تتأجج –يضيف صدام- وتبادل الطرفان إطلاق النار فقتل أحد قياديي الحوثي يدعى «أبو حيدر»، بعدها تواجد المسلحون الحوثيون بشكل كثيف وحاصروا القرية، وقتلوا ستة أشخاص، «أعدم بعضهم وسط مزارعهم أثناء عملهم»، كما يقول. والقتلى هم: صالح علي دجران (27 عاماً)، وصالح صالح دجران (25 عاماً)، وعابد محمد عبدالله جميلة (14 عاماً)، ويحيى هادي جميلة (18 عاماً) طالب، وأحسن علي ناصر خموسي (35 عاماً)، ويحيى على الموج (مسن).. مصير مجهول لمعتقلي القرية وقال صدام إن الحوثيين شنوا حينها حملة مداهمة لمن تبقى من الأهالي فاعتقلوا 17 شخصاً لم يُعرف مصيرهم حتى اليوم. يقول أحد السكان إن أمهات وزوجات المعتقلين ذهبن ذات مرّة يستنجدن بقيادة الجماعة لإطلاق سراح أزواجهن وأبنائهن وقصّين ظفر شعورهن عند قبر «بدرالدين الحوثي»، الزعيم الروحي الراحل للجماعة، كتعبير متعارف عيه لدى أهالي المنطقة للالتفات لمعاناتهن والاستجابة لمطالبهن، لكن لم يحدث شيء من ذلك. ويضيف الأهالي النازحون ان النساء من أقارب المعتقلين بدأت تظهر عليهن أمراض نفسية بسبب عدم معرفتهن بمصير أقاربهن المعتقلين في سجون الحوثيين، مشيرين إلى أن «الأسرى في فلسطين يسمح لأسرهم بزيارتهم، في حين لم يعرف مصير المعتقلين في سجون الحوثيين، أأحياء هم أم أموات؟!».