سبق وان كتبت رسالة الى " الأحزاب الإسلامية " مضمونها الإنفتاح على المجتمع اكبر بكثير مما هم عليه، وتقبل الآخر بقدر كافي لإنهم في الطليعة التي يختارهم الشعوب ويثقون فيهم، كنتُ مثاليًا بقدر لا بأس به على انني اهتم اولًا واخيرًا بنقل الصورة التي تناسب مجتمعاتنا ليتم لهم فهم الإخوان وكل الإسلاميين بصورة إيجابية، انا لم اخطأ في رسالتي لكني فشلت في إعطاء الإخوان قدرهم الحقيقي الذي هم فيه على الاقل ويعيشون فيه ومنه مع الشعوب، والحقيقة التاريخية ان كل مفاهيم التعايش والقبول بالآخر تجاوزها " الإخوان " واصبحت ثقافة يعيشها كل فرد إخواني، هم لا يتعايشون مع الآخرين لكنهم قريبون منهم وآلامهم وإحتياجاتهم، هم ينطلقون من عمق المجتمع، يعرفون هذا وذلك ويفهمونه كما ينبغي، هذه المفاهيم والمصطلحات اتضح لنا بجلاء ان ادعياء التعايش والقبول بالآخر يستخدمونها وسائل لشيطنة " الإخوان " وإتهامهم بعدم تطبيقها او انهم يفتقدونها، لقد كذبوا ولو قارنا بكل انواع المقارنات لوجدنا ان " إخوان " العالم هم ادرى الناس بمفاهيم التعايش والقبول بالآخر حيثُ لا يميزون بين صغير ولا كبير ولا ابيض ولا اسود، وقاعدتهم في ذلك ( إن اكرمكم عند الله اتقاكم ) هذا الميزان العظيم يفتقده من زيف التاريخ الجمعي وانتهاك حقوق الناس في التعايش والحب، واصبح يعتبر فصيل من الناس مستحيل بقاءه على الحياة وآخرون هم الأولى بالحياة من غيرهم. اليوم رسالتي ادق من الأولى واعمق ولعلها اكثر إنصافًا مما سبق، ولكي يتسنى لي ولكل فرد امتطاء صهوة فرس الدعوة وقيادة الأمة يلزمني ان ارسل تعظيم سلام لكل فرد من افراد الإخوان في كل انحاء المعمورة شرقها والغرب برها والبحر ومعهم كل الأحرار والشرفاء الذين ارتضوا بالأوطان الفداء والدم والولاء والحب .. اقول : أنتم البياض في ليلٍ اسود حالك الظلمة، وانتم القوة في زمنٍ يستضعفه الرعاع والمنسلخين من الشرف والعفة، انتم امل من لا أمل له، وانتم شوكة في حناجر الظلمة والمستبدين، لقد تجاوزتم كل العقبات واصبحتم امام محك تاريخي تقدمون انفسكم واغلى ما تملكون فداًء لما تؤمنون به من مبادئ وقيم راسخة اعتنقتوها بجدارة وإقتناع، واحببتوها بصدق ووفاء، وناضلتم وكافحتم من اجلها بقوة وإقتدار، فكنتم للمستضعفين نصيرًا، وللمظلوم سندًا، وفي وجه الطغاة اسودًا لا تهاب الوغى احرارًا تشقون الطريق ومعكم الحق وحاميه، وتكسرون كل الحواجز بأرقى وانبل الوسائل الحضارية التي عجز اراذل القوم ان يستهينون بكم او ان يواجهونكم رجالًا .. فلكم الحب والحياة الخالدين . الآن وبعد بان عوار تلك الفئة التي ظلت تنادي بالديمراطية والإنصياع لخيارات الشعوب سنينًا عدة اتضح زيفهم، وظهر كذبهم وفجورهم والوجه القبيح والمظلم لهم وهم نفسهم الكائنات التي اذاقت امتنا وشعوبنا تاريخًا من الزمن الويلات والنكبات، واستخدموا فاشيتهم ودمويتهم ليعيدوا الكرة مرة اخرى وليثبتوا لنا بعد ان إئتمناهم على اوطاننا ان الذئب لا ينسلخ من غدره، والوحوش لا تألفها ذوو الفطر السلمية، وفي زمنٍ غير تلكم الأزمان اعادوا الوسائل ذاتها وبأقبح صورة وأشنعها يلزم علينا بصدق تحمل مسئولية تاريخية تجاه هذا السخف المتكرر والخبث والنجس التاريخيان، نتحمل امانة الأمة الملقاة على عاتقنا والتي اعطونا من خلالها كل الثقة والحب، امامنا امانة عظمى تتحتم علينا ان نكون اوفياء بحق في الحفاظ على قيمنا ومبادئنا الأصيلة التي مضمونها الدفاع عن المظلومين والفداء والشهادة والوقوف ضد الظلم والطغيان ايًا كان قوته وإرهابه، بعد كل هذه المعطيات الأليمة اقول لكل من في هذا الخط ومن في هذا الميدان ومن نال شرفه : ان ما يجري هو جرح دامي اصاب امتنا في الوريد اراد اعداء الحياة والسلام واعداء الإنسان ايضًا ان تتحول شعوبنا الى قطيع يقودها من استنزف حقوقها وخيراتها قرونًا عدة، وازمنة مديدة، لقد خططوا لهذه الفاشية الجديدة المتلبّسة بالشرف والعفة زورًا وبهتانًا وهاهو نِتاج تخطيطاتهم الخبيثة، دماء تُراق، وحقوق تُسلب وارواح تُسحق، واعراض تُنتهك، ومعتقداتٍ تُنجّس، ونظام ودستور هدما واصبحا لا شيء وبدون شيء، إن ما يجري في عصرنا الحالي وايامنا القريبة الجديدة هو رسالة واضحة البيان والمعالم مفادها : ( لا مكان لكم بيينا، ولإن ارتضيتم بما انتم عليه وقادمون له ولن تبتعدوا فالعالم معنا والسلاح والطائرات بحوزتنا، ولكن بكل صدق وقوة سنقول بسلام وبصدور عارية : { الله مولانا ولا مولى لكم، معكم الباطل ومعنا الحق }، ومن لا يملك الشرف لن يدعيه او يتظاهر به ابدًا ولن يقدر ) . ان شعوبنا صحت وقامت من نوم عميق طال امده وهاهي الآن في الطليعة وبأرقى وانبل صور الحضارة عبر التاريخ، ومستعدة بقوة الحق ان تصمد لسنين وليس لأيام فحسب. إن على قادتنا الأبطال الذين هم قوتنا بعد الله في مواجهة الخبث المتلبس بالطهارة، والذين هم حكمتنا في مواجهة الزيف والضلال والنكران ان يعيدوا ترتيب الصفوف والتنظيم، إن عليهم ان يقوموا بفحصٍ شاملٍ متكرر لكل اروقة التنظيم والتنظيمات والأفراد والجماعات، لا ينبغي ان نتعامل بحسن ظن مع من يواجهنا بالمجنزرات والدبابات والموت المحقق، انه حتمًا يجب عليكم ان تعيدو النظر في كل من شأنه ان يقوي الروابط والعلاقات بين صفوف الإخوان كما هي عليه منذ زمنٍ بعيد، انه يجب عليكم قادتنا الأبطال ان تعيدو ترتيب الصفوف بدقة متناهية تتناسب مع هذا الواقع الخبيث الذي يراد لنا ان نتفرق او نتشتت او نصاب بخللٍ ما، ولكن سيتعبون ولو ظلوا قرونًا عدة، وإن جيلًا زرعته يد الله لن تحصده يدُ البشر .. هكذا هي البذرة وكذلك الحصاد هاهو واضحًا كالشمس. نحنُ هنا جاهزون وفي جاهزية عالية تامة لكل ما يُطلب منا، ووالله اننا في اتم الإستعداد أفراد وجماعات، كتائب وميليشيات، إرهابيون وعصابات، لا نفرق بين المسميات وكلها نعشقها حد تمني حدوثها ما دامت ستحقق لنا الغرض والهدف الذي نسعى له بأرقى الوسائل الحضارية وانبلها على مر التاريخ، لقد فتحنا صدورنا العارية والجمنا الأفواه المشبوهة وحشرناهم في زوايا الكذب والفجور، لن يُثنينا العسكر وإرهابهم، ولا الأنظمة المخلوعة المستبدة ودمويتها، ولا أموال النفط والدولار وغزارتها، وكلها وسائل تساعدنا وبكل صدق على النضال والكفاح والصمود، قالها يومًا سيد قطب : هكذا نحن نرتب ملابسنا لِلقاء المشانق فلما نخاف من المعتقلات ؟!، لقد عاش الإخوان سنين عديدة بين السجون والمعتقلات ويواجهون المجنرزات ويضحون بالدماء فلم تزداد دعوتهم إلا قوة وأهدافهم إلا ظهورًا وزخمًا وبروزًا، هكذا هم وهكذا سيظلون وهكذا سيستمرون، الجيل الذي بذرته نقية، لن يكون الحصاد إلا نقيًا صالحًا. واخيرًا إليكم هذا ايها الأحبة، وردوا على مؤسسكم البناء بصدق خالص : " أيها الإخوان، هل أنتم علي إستعداد أن تجوعوا ليشبع الناس، و أن تسهروا لينام الناس، و أن تتعبوا ليستريح الناس، وأخيرا أن تموتوا لتحيا أمتكم، هكذا تكونون صادقين بحق مع الله " ؟