تلعب الأحزاب السياسية دوراً هاماً في الحياة السياسية لما تتمتع به من قدرة على تنظيم وتجنيد الجماهير، وتزداد أهمية الدور الذي تلعبه الأحزاب في الديمقراطيات المعاصرة لأنها تمثل أداة وسيطة نحو التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي بين الجماهير والسلطة السياسية، فهي تمثل القناة الشرعية التي من خلالها يستطيع الفرد التعبير عن آرائه ورغباته السياسية في إطار منظم وشرعي لأنها تؤدي مجموعة من الوظائف الأساسية في توفر قنوات للمشاركة والتعبير عن الرأي وهي تجمع المصالح وتعبئها، وهي أداة للتنشئة السياسية والوظيفة التنموية والتعبئة السياسية للأفراد. وتعد الانتخابات أكثر خصائص الديمقراطية أهمية فمن خلالها يتخذ الشعب حرية اتخاذ القرار فيما يخص شئونه، ورغبته في التغيير وموافقته على السياسات المتبعة، وتمنح الانتخابات للشعب حق المشاركة الدائمة في عمليات التقييم للحكومة بأجهزتها المختلفة، لضمان إحداث وبناء نظام ديمقراطي يتمثل بإيجاد برلمان معترف بشرعية نتائج الانتخابات التي أوجدته ويكون معبرا عن المصالح والأيدلوجيات المختلفة ويضم بين أعضاءه الرجال والنساء ويتمتع بفاعلية وتأثير في تشكيل الحكومة وسياستها إضافة إلى الرقابة عليها ومسائلتها.
ويتضح مما سبق أن الأحزاب السياسية لا تمثل البرلمان للمواطنين بوصفهم أفرادا فحسب بل أيضا كجماعات ليعزز اتجاهات سياسية عن طريق التركيز على خيارات الناخبين والعمل على وضع برنامج يلبي تلك الخيارات عن طريق الحكم النيابي (أي أن يتولى حكم الشعب حكومة منتخبة من الشعب بطريقة ديمقراطية ،الحكم الخاضع للمساءلة ولضمان احترام حكم القانون وفى إطار الفصل التقليدي بين السلطات ، مابين تنفيذية وتشريعية وقضائية.
وقد أثبت نظام الانتخاب انه الوسيلة الأجدى للاختيار والحكم التمثيلي ومن ثم أصبح جوهر عملية التحول الديمقراطي ، حيث يكون الجميع على قدم من المساواة لاسيما الفئات الأكثر حرمانا من خلال المشاركة والتأثير في ممارسات الحكومة وسياساتها، لذلك يتطلب الإدارة الفاعلة لأنظمة الانتخابات من خلال وجود مؤسسات مستديمة ، عادلة ومستقلة تتمثل في للجنة العليا للانتخابات التي يتوافر لها شرعية تنفيذ القوانين وضمانة النزاهة في التعاون مع الأحزاب السياسية والمواطنين ، عن طريق الأنشطة التي تقوم بها الأحزاب المختلفة وبدرجات متفاوتة، سواء في الدول المتقدمة أو النامية ومن أهمها:
- التجنيد السياسي واختيار الكوادر السياسية : وذلك باكتشاف الأفراد المؤهلين وتدريبهم كقوى بشرية قيادية في الحزب ثم في الحكومة فيما بعد ، وذلك إنما يحدث بهدف السيطرة على عملية صنع القرار الذي يضع السياسة العامة حيث أن نجاح الحزب في تشكيل الحكومة يعطى الفرصة لتنفيذ برامجه .
- التنشئة السياسية : ويتم ذلك من خلال سياسة الحزب عن طريق إقناع الناخبين بأيدلوجيتها وببرامجها الانتخابية ، ولا يمكن لأي حزب أن يحرز انتصاراً ما لم تُعبر برامجه وسياساته عن مشاعر وأمال وأفكار قطاع عريض من المواطنين ؛ بحيث يشعر هذا القطاع انه يجد نفسه في الحزب ،ولهذا تعمل الأحزاب على تنمية الوعي السياسي لدى المواطنين ؛ فهي تفتح أمامهم فرصة الاختيار بوضوح أثناء عملية الاقتراع ، وتقوم الأحزاب السياسية بعملية التنشئة السياسية والتي بمقتضاها إكساب الفرد مجموعة من القيم والاتجاهات والمعايير السياسية المستقرة في ضمير المجتمع ؛ بما يضمن بقائها واستمرارها عبر الزمن.
- المشاركة السياسية : حيث تقدم الأحزاب للمواطن أداة وطريقة لتنظيم نفسه مع الآخرين الذين يشاركونه الرؤى والفكر أو العقيدة السياسية ، والعمل على تنظيم أنفسهم سياسياً لممارسة التأثير على السلطة السياسية ، ومن ثم يصبح الحزب أحد قنوات الاتصال بين الحاكم والمحكوم واحد الأدوات التي تمكن المواطنين من المشاركة العامة .
- ويتضح ذلك من خلال تقديم التصور الخاص بكل حزب سياسي لما يجب أن تكون عليه السياسات العامة للدولة ، إلى جانب ذلك فان الأجهزة المسئولة مباشرة عن وضع السياسات العامة تجد نفسها واقعة في دوامة الضغوط الحزبية المختلفة ، وهى لا تستطيع أن تتجاهلها ، ولهذا تؤدى الأحزاب دورها الفاعل فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، حيث يضع كل حزب سياسي برنامجه الذي قد يصبح أساسا لسياسة الحكومة إذا تولى السلطة ،أو إطارا لنقد سياسة الحكومة إذا كان في موقع المعارضة .