قد يكون الهاتف المحمول الخاص بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أحد أهم مفاتيح القوة في برلين. كان من المفترض أن يكن محصنا من التجسس، ولكن فضيحة تجسس الاستخبارات الأميركية على القيادة الألمانية أثارت الكثير من الأسئلة. ليس سرا على أحد أن المستشارة ميركل تحب استخدام هاتفها المحمول، الذي تستخدمه عادةً من أجل تسيير أعمال الحكومة. ولكن استخدام ميركل لهاتفها كتبادل البريد الإلكتروني والرسائل النصية والمكالمات كان من المفترض أن يبقى طي الكتمان. كما يفترض أن تبقى أجهزة المحمول الخاصة بالمسؤولين الألمان محميةً، إلى أن كشفت مجلة دير شبيغل الألمانية في الثالث والعشرين من الشهر الماضي أن وكالة الأمن القومي (أن أس أي) تنصتت على هاتف أهم مسؤول ألماني. والجهاز المحمول الذي تستخدمه ميركل هو من نوع نوكيا، كما ظهر في صور عدة التُقِطت لها وهي تكتب رسائل نصية، رغم عدم وجود تأكيدات رسمية بشأن نوع الهاتف. كما تشير تقارير أخرى إلى أن بحوزتها هاتفا إضافيا للاستخدام الخاص. وأعلن المتحدث الرسمي باسم المكتب الاتحادي للمعلومات والأمن في حديث لصحيفة زود دويتشه تسايتونغ الألمانية أن الهاتف الذي تنصت عليه الاستخبارات الأميركية لم يكن مصنفا على أنه محصن. 3 هواتف لكل سياسي وفي الآونة الأخيرة تم تزويد مسؤولي مكتب المستشارية الألمانية بهواتف محمولة حديثة لتسيير أعمال الحكومة، وأشاد معظمهم بهذه الهواتف لما توفره من حماية خاصة، كما لم يتوقعوا أن يكون استخدامها سهلا. يشار إلى أن كثيرا من السياسيين الألمان يضطرون إلى حمل ثلاثة هواتف محمولة، الأول من أجل إجراء مكالمات وإرسال رسائل نصية محمية، والثاني من أجل إرسال برد إلكترونية محمية، والثالث للاستخدام الخاص. وتم استلام هذه الهواتف من قبل شركة "ريسيرش أن موشين" الكندية التي تصنع هواتف البلاك بيري في شهر سبتمبر/أيلول من العام الجاري، وذلك بعد قيام شركة "سيكيوسمارت" الألمانية بإجراء التحديثات اللازمة ووضع تشفيرات خاصة تكافح نقل المعلومات. ويشير مؤسس شركة "سيكيوسمارت" هانز كريستوف كويليه إلى أن "المكالمات يجرى تشفيرها بواسطة بطاقة تشفير مخصصة، كما أن تقنية التشفير تُستخدم أيضا عبر الهواتف الذكية والعادية المستخدمة للشبكات المحلية، فضلا عن إمكانية استخدامها في التطبيقات المتاحة للجمهور، وذلك عن طريق استخدام دوائر كهربائية مختلفة، لتبقى البيانات المراد حمايتها منعزلة". عملية التنصت وفي سياق متصل يعلق المتخصص في تقنية المعلومات روبن كمبل أن" التجسس في حد ذاته مشكلة إضافية لأن منْ بحوزته بطاقة التشفير يستطيع تشفير وفك رموز الحماية عن كافة البيانات". ويعتبر كمبل أن عملية التنصت على مكالمات الهواتف المحمولة ليست معقدة، نظرا لتوفر برامج تطبيقية كثيرة على شبكة الإنترنت وهي تخدم أغراض التجسس، ويمكن تشغيلها باستخدام جهاز خلوي قديم. ويعتقد كمبل أن رموز الحماية التي تكون بحاجة إلى طاقة محوسبة لكسرها، يمكن بشكل سريع فكّها، مشيرا في الوقت ذاته إلى وجود وسائل تجسس أخرى مثل المخبرين في مواقع وشركات الحماية التي تصمم وتزود عملاءها بهذه الخدمات الأمنية. ورغم أن التجسس على هواتف الخطوط الأرضية يواجه صعوبة أكثر، فإنه بات جليا أن وكالة الاستخبارات الأميركية لديها إمكانية مراقبة جميع أنواع الاتصالات منذ أن سرب العميل السابق في وكالة الاستخبارات الأميركية إدوارد سنودن هذه المعلومات إلى وسائل الإعلام.