في نهاية عام 2010م أوشكت اليمن أن تصل إلى درك الدولة الفاشلة، عندما زاد الاحتقان وسدت كل أبواب التغيير والإصلاح وأغلقت أبواب الحوار، واتجه النظام لتعديل ستين مادة في الدستور ليضمن التأبيد والتوريث، فاندلعت الثورة الشبابية الشعبية السلمية لتفتح الأمل في بناء يمن جديد يتخلص من سلبيات الماضي ويبني مستقبلاً تسود فيه العدالة والمساواة وقواعد الحكم الرشيد. وجاءت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لتمنع الدخول في حرب أهلية، لكن الوضع الاستثنائي لعملية التغيير وضعَ اليمن تحت الوصاية الدولية، بعد أن عجز اليمنيون عن حل مشكلاتهم بأنفسهم، على الرغم أننا نردد صباحاً ومساءً وفي الاحتفالات وعبر مختلف المنابر كلمات السلام الجمهوري( ... لن ترى الدنيا على أرضي وصياً )!! لن يتمكن اليمنيون أن يتخلصوا من أي وصاية عليهم إلا ببناء دولتهم وامتلاك قرارهم، وهذا ما ننتظره من مؤتمر الحوار الوطني الذي يجب أن تأتي مخرجاته ملبية لآمال وطموح أبناء الشعب اليمني الذي يريد دولة قوية عادلة كفؤه قادرة على قيادة عملية التغيير والنهوض، وتوجيه الطاقات والموارد لإسعاد الإنسان اليمني وحل مشكلاته.. ما أنتجه مؤتمر الحوار الوطني حتى الآن عملاً كبيراً ورائعاً في عمومه، ونأمل أن تتجسد الحكمة اليمنية في حل بقية القضايا العالقة؛ لننطلق نحو البناء والعمل المشترك بدون أثرة أو إقصاء، لاسيما أن لدينا من الموارد - إن أحسنا توظيفها - ما يجعلنا في غنىً عن استجداء الآخرين وطلب المساعدات التي إن جاءت اليوم فلن تستمر غداً!! نأمل أن يدرك الذين يثبّطون أو يعرقلون أو يترددون مخاطر استمرار الوضع الاستثنائي الذي تمر به البلاد، وأن عدم إنجاز مهام بناء الدولة وتحقيق الاستقرار سيزيد من المشكلات وسيعيدنا إلى مربع الفشل الذي يتهددنا ويهدد العالم من حولنا؟! عندما تنطلق عجلة الحياة يتناسى الناس المآسي والأخطاء السابقة، وينشغلون بالبناء والعمل، ومع ذلك فلن يتسامح الشعب اليمني مع الذين لا يريدون له الاستقرار والخروج الآمن من المرحلة الانتقالية؛ نكاية أو انتقاماً، أو أملاً في العودة إلى فترة سابقة تجاوزها الزمن، أو من أجل مصالح خاصة داخلية أو خارجية، والواجب اليوم الارتفاع فوق الجراح والآلام، وأن تستشعر جميع القوى السياسية أهمية التعاون وبذل الجهد لبناء دولة المؤسسات وإنهاء الوضع الاستثنائي الذي نعيشه لنتخلص من الوصاية الدولية التي مازالت ناعمة حتى الآن، وقبل أن تتوحش وتكشر عن أنيابها ويصعب مقاومتها مستقبلاً إلا بتضحيات جسام... **** [[ الذكرى الثانية لمذبحة 2011/11/11م ]] الشهداء الأبرار بذلوا أرواحهم من أجل أن يعيش شعبهم حراً كريماً أبياً، والواجب أن نخلد ذكرهم ونرعى أسرهم ونخلص للوفاء للمبادئ والأهداف التي ضحوا من أجلها، وتمر بنا اليوم الذكرى الثانية لاستشهاد الثائرات العظيمات اللائي ارتفعت أرواحهن في مصلى النساء بساحة الحرية بتعز يوم الجمعة 2011/11/11م. ( تفاحة العنتري، وياسمين الأصبحي، وزينب العديني ) وغيرهن من الشهيدات، مع بقية شهداء الثورة الشبابية السلمية سيظلون مثالاً نستلهم منهم معاني التضحية والبذل والعطاء والتجرد. نسأل الله أن يكتب أجرهم ويجعلهم في عليّين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وأما القتلة والمجرمون فليس لهم إلا الخزي والعار وسؤ الذكر، ولا نامت أعين الجبناء!! [email protected]