[email protected] بدأت الفترة الانتقالية الثانية بتسلّم الأخ عبدربه منصور هادي منصب رئيس الجمهورية بعد أدائه اليمين الدستورية أمام مجلس النواب, وهي الفترة المحددة بسنتين يتم خلالها تهيئة البلاد للوضع الطبيعي المستقر, واتخاذ الخطوات التي تحقق العدل والمساواة وإقامة دولة المؤسسات, والقيام بالإصلاحات السياسية والانتخابية التي تضمن التداول السلمي للسلطة . لم يعد لدى اليمنيين وقت يضيعونه في جدال حول شكليات أوقضايا غير جوهرية بعيداً عن لبّ المشكلات الأساسية, لأن المخرج الذي وصلنا إليه يلزمنا أن نَغُذّ الخُطى نحو التغيير المنشود الذي يجب أن نسعى إليه بعيداً عن قيود وأثقال الماضي, وسيكون من الصعب - بعد اليوم - أن ينبري أيٌ كان ليملي رؤاه الخاصة ليفرضها على الآخرين, أو يحاول أن يرى نفسه فوق النصح, أو أنه صاحب الحق الوحيد في توجيه الناس ومنحهم شهادة الوطنية !! إن واجبات اليوم التي ينبغي أن تتجه الجهود لإنجازها تتمثل في إعادة الحياة إلى طبيعتها وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين, وتثبيت الأمن والاستقرار وإنهاء كل الأوضاع العسكرية والأمنية الاستثنائية التي حدثت منذ تفجّر الثورة بداية العام الماضي حتى الآن, كما أن هيكلة الجيش وأجهزة الأمن إحدى أهم الأولويات التي ستساعد على استتباب الأمن وإحياء روح المحبة والإخاء بين منتسبي هاتين المؤسستين, لتصبحا مصدر أمن واطمئنان -لا اضطراب وقلق - للمواطن والوطن. من الواجبات العاجلة: الإعداد الجاد والبدء بالحوار الوطني الشامل الذي يُعوّل عليه في مناقشة المشكلات والمعضلات - العادية والمركّبة - ووضع الحلول المرضية لها, ومن ثمّ القيام بالإصلاحات الدستورية والانتخابية التي سيتم الاتفاق عليها . القضية الجنوبية تأتي في مقدمة قضايا الحوار الوطني بحيث ينتهي الظلم والإقصاء والعبث الذي تم خلال الفترة الماضية, وكذا قضية صعدة ستأخذ حقها في الحوار؛ بما في ذلك وضع برنامج لإعادة بناء ما دمرته الحروب وتعويض المتضررين, كما أن هموم الشباب وتطلعاتهم يجب أن تأخذ الحيز المستحق من الاهتمام ولابد أن تشرك كل الساحات في الحوار والنقاش واقتراح الحلول, فقد كان الشباب هم المحرك الأساس للثورة وأكثر من قدم التضحيات وهم أولى من يحصد ثمار التغيير الذي كانوا دعاته ووَقوده . لاشك أن القضايا كثيرة ومتشابكة ويجب أن تدرس بشفافية ومسؤولية ليخرج اليمنيون بحلول لمشكلاتهم, ووضع الآليات التي تضمن التداول السلمي للسلطة وعدم تغوّل الاستبداد والاستئثار مستقبلاً ! مدة الفترة الانتقالية سنتان - حسب الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية - وحتى نضمن إنجاز ما تضمنته يحسن وضع برنامج زمني لمدة عام واحد فقط يتم خلاله الانتهاء من جميع المهام المطلوبة بحيث يخصص العام الثاني لتدارك واستكمال أي قصور والتغلب على أي صعوبات ستظهر أثناء التنفيذ .. ننتظر من الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية – خلال العامين القادمين - قيادة مسيرة التغيير, وإجراء المصالحة الوطنية وبذل أقصى الجهد لبلسمة الجروح, وسيجد كل التأييد والدعم من القوى السياسية ومن سائر أبناء الشعب اليمني, ونأمل أن يتبنى رعاية أسر الشهداء – مدنيين وعسكريين - وأن يصدر أمراً بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين على ذمة الثورة , وأن يفتح تحقيقاً حول جميع المفقودين ومحاسبة من يقف وراء تلك الجرائم ضد الإنسانية, كما نتمنى أن يقترب أكثر من شباب الثورة ليستمع إلى رؤاهم وتطلعاتهم؛ لاسيما أنه قد أشاد بهم في عدة مناسبات ...