ما إن ظهرت نتائج فوز حزب العدالة والتنمية التركي وزعيمه أردوغان حتى ارتفع مؤشر البورصة إلى أعلى مستوى لها..في المقابل ما إن أعلن المشير عبد الفتاح السيسي بالترشح للرياسة حتى انخفض مؤشر البورصة انخفاضا مريعا إلى أدنى مستوى لها.. خسرت البورصة في مصر وربحت في تركيا والسبب وجيه فالاقتصاد دائما مرتبط بالاستقرار السياسي ونجاح الحكم في أي دولة ثورة الشعوب هي المستقبل والانقلابات والحكم الاستبدادي بلفظ أنفاسه مهما بدا وكشر وخار.. أصبح ترشح السيسي (نحس ودبور) ولم تستطع رؤوس الأموال المؤيدة للانقلاب إنقاذ البورصة لأن الخسارة أكبر من قدرتهم... إنه الذعر من المجهول ووجه النحس؟ مصر وتركيا كان يمكن أن تعملا معا لتحقيق تحول ايجابي كبير في المنطقة فيما لو استمر النظام الديمقراطي في التجذر على المستويات كلها السياسية والاقتصادية...فرحت الشعوب المقهورة في المنطقة العربية تحديدا خاصة في دول الربيع العربي لأن المعركة في تركيا كانت جزءا من المعركة في الوطن العربي حيث عملت الثورة المضادة العربية إلى محاولة الإسهام في إسقاط حزب العدالة والتنمية أو توظيف سقوطه كانجاز لها لضرب روح الثورة العربية وكونه يمثل الديمقراطية الصالحة والمنجزة ولأنه أيضا يمثل تجربة ما يسمونه بالإسلام السياسي وهو الرافع الأول للحرية وثورات الشعوب العربية وبدونها تصبح حالة عابرة؟ أرادوا أن يضربوا الثورة العربية معنويا بإسقاط حزب العدالة والتنمية باعتباره إحدى العناوين الأساسية للإسلام الثوري فهم يعلمون أن الأثر المعنوي والنفسي في دول الربيع العربي برافعتها الإسلامية الثورية السلمية قد يكون أكثر من أثره في تركيا نفسها؟؟ يجري شيطنة الحركات الإسلامية الوسطية السلمية ووصمها بالإرهاب ليس لأنها عنيفة فهم يعلمون قبل غيرهم أن لاشأن لها بالإرهاب لكن ذنبها أنها قادة التحول الثوري والمسار الديمقراطي الأخطر على الاستبداد والاستعمار من حركات العنف الذي يسهل حصارها شعبيا وتوظيف عملها سلبيا.. إن المعركة الدائرة اليوم هي معركة حرية وكرامة وديمقراطية ونقيضها الحاكم والمستبد منذ القدم... مهمة الحركات الشعبية تريد أن تغير واقع متجذر ومصالح عميقة لصالح الشعوب والمعركة مستمرة ثقافية بالدرجة الأولى ولهذا كان هذا الحماس والتفاعل مع الانتخابات في تركيا كحالة ثقافية بالمقام الأول.. ذلك أن التحدي الكبير الذي يواجه الثورات العربية هو ثقافي متعلق بوعي الشعوب من عدمه ...لأن الاستبداد لايمكن أن ينتصر بالعنف وحده والقمع بل بالإعلام وغسيل المخ والشائعات خاصة بعد ثورة الربيع وتجاوز مربع الخوف والاستكانة الشعبية... المعركة معركة وعي وتحصين ضد الشائعات والإعلام المضاد الذي يعد القوة البديلة ويستخدمه الطغاة لتفتيت الروح المعنوية لدى الجماهير فهي التي هدمت عروشهم وتمثل قوة المجتمع الصلبة وبقائها حية ستساعد على الصمود واقتلاع ما تبقى وستنتصر طال الزمان أم قصر طالما حفظ الثوار على معنوياتهم وإيمانهم بقضيتهم وعملوا على الوصول إلى مساحة واسعة من الشعب ووعيه الجمعي وتحريك طاقات الناس في الشارع كشركاء لا كأتباع أو تلاميذ؟؟؟ لقد كان فوز العدالة في تركيا فوزا معنويا للمسار الثوري العربي ورافعته الأساسية حركة الإسلام السياسي بإطاره الشعبي المعتدل والصلب بمشروعه القائم على الدولة المدنية القوية التي نجح نموذجها التركي بعمق ومازال في مصر يقاوم بروح صاعدة محافظة على قوى السلمية بينما يخسر الانقلاب على كل الجوانب السياسية والشعبية والأدبية وتتضاءل آلته الإعلامية أو بالأصح تفقد بريقها السحري في الشارع لصالح كلمة الثورة والوعي المتنامي في الشارع الذي سيحسم المعركة ثورة الربيع العربي لن تموت لأنها روح حقيقية ستنمو حتى تصل غايتها وتحقق كامل أهدافها.