لا تزال علاقة الود مفقودة بين الأحزاب السياسية وجموع المواطنين اليمنيين, بحيث لم تصل نقاط الالتقاء فيما تدعو إلية الأحزاب وما يطلبه المواطنون إلا قليلا, فيما كان الافتراق والتباعد سيد الموقف بين الجانبين كثيرا,على الأقل وفقا لاستطلاع للرأي العام. ويرسم الاستطلاع الذي أعلنت نتائجه حديثا صورة قاتمة عن نظرة الناس للأحزاب السياسية في السلطة والمعارضة على حد سواء, إذ لا يتجاوز عدد من يثقون بالأحزاب سوى12.3%, مقابل47.9% لا يثقون بها إطلاقا. ويهدف الاستطلاع الذي نفذه المركز اليمني لقياس الرأي العام, بالتعاون مع المبادرة الشرق أوسطية(MEPI), إلى قياس مستوى المشاركة السياسية في أوساط المجتمع واهتماماته وأولوياته,وقنوات الاتصال بينة وبين الأحزاب السياسية, فضلا عن معرفة صورة الأحزاب لدية, إلى جانب تشخيص أهم عوائق المشاركة السياسية وأفضل السبل لتحفيزها بشكل ايجابي. وأعلن القائمون على الدراسة الميدانية نتائج ما توصلوا إلية من خلال عقد ثلاث ورش عمل خلال الفترة (4-6 أكتوبر الجاري), شارك فيها ممثلون عن حزب المؤتمر الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك, بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني كل على حده, بهدف اطلاع نتائج الاستطلاع عليهم من اجل الخروج بتوصيات محددة تسهم في تطوير آليات الاتصال بين الأحزاب والمجتمع وتحديد أولويات برامجها السياسية لتعزيز المشاركة السياسية. ويكشف الاستطلاع عن ارتفاع منسوب الوعي السياسي لدى المواطنين, حيث يرى76% من المبحوثين بان الديمقراطية مهمة للبلاد واشترك الرجال والنساء بالتساوي في هذه النظرة, فيما تعني مفهوم الديمقراطية عند أكثر من نصف اليمنيين من الجنسين بأنها حرية التعبير. وتظهر النتائج بان61% يؤمنون بان الديمقراطية يمكن أن تمثل حلا لمشاكل البلاد ولو بعد حين, لكن إمكانية تشكيل حزب سياسي دون تدخل حكومي ليس يسيرا, بحسب54%,ويعتقد60% بأنهم يستطيعون انتخاب مرشحيهم بحرية في نتيجة ملفتة وغريبة معا. ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد فحسب,حيث يقول35.3% بأنهم قادرون على انتقاد الحكومة دون خوف,فيما لا يوافقهم هذا الرأي 31.1%. وأفرزت نتائج الاستطلاع رسائل متعددة للأحزاب السياسية, مفادها بان هناك حاجة ملحة للمراجعة والتغيير, إذ لا يرى بأنها مهمة للبلاد سوى39.6%, خاصة الرجال, فيما33.4% ترى بأنها غير مهمة, ولا تعرف البقية الأخرى ما إذا كانت مهمة أم لا. وترتفع نسبة من يرى بان الأحزاب غير مهمة, وبالذات في أوساط النساء الى47.1%, مبررين ذلك لأنها" فرقت بين الناس وخلقت العداوات",في حين ينظر37.2% من اليمنيين إلى أن الأحزاب لا تقوم بدورها ولا تتبنى قضايا الناس. واعترف11.4% من المشاركين معظمهم من الذكور بأنهم يهتمون بمتابعة الأخبار الحزبية دائما,مقابل65.1% قالوا عكس ذلك. لكن من يستطيع أن يعرف أهم وظيفة للأحزاب بلغ48.9% من إجمالي المبحوثين,وان كان2.5% فقط يعتقدون بان أهم وظيفة من وجهة نظرهم,تتمثل في تقديم برامج سياسية واقتصادية لإدارة البلاد. وما يشد الانتباه هنا,هو أن أكثر أعضاء هذه الأحزاب جلهم من الذكور بحسب27.6% من المبحوثين,إلا ان12.5% فقط من هؤلاء سبق لهم الاطلاع على برامج أو أدبيات الأحزاب السياسية.وتقدر نسبة من سمعوا عن فعالية أو نشاط لحزب سياسي في مناطقهم أو خارجها 13.3%. ويشير الاستطلاع فيما يتعلق بتقييم المجتمع لأداء الأحزاب,بان38.4% قالوا بان هناك فوارق واضحة بين برامج الأحزاب السياسية أو ما تطرحه,فيما لا يعرف نحو32.7% من المبحوثين أي حزب يطرح حلولا لمشاكل البلاد,ويظهر19.4% من المبحوثين نتيجة,خلصت إلى صورة قاتمة ومخيفة,بحيث لا ترى أي حزب يقدم حلولا. وينظر المواطنون إلى أن أحزاب المعارضة تمتلك القدرة على التأثير في سياسات الحكومة,ولكن بنسبة32.1% من المبحوثين,ويرى بخلاف ذلك نحو25.7%,فيما لا يعرف ما نسبتة34.3%. ويبرز التباين والتباعد أكثر وضوحا عندما أظهرت نتائج الاستطلاع بان هناك اختلافا بين أولويات الأحزاب واحتياجات الناس,حيث تصدر الوضع المعيشي والاقتصادي وتوفير فرص العمل بنسبة38.7% قائمة أولويات الناس,التي يجب على الأحزاب السياسية وفقا لرأيهم أن يولوها الاهتمام والرعاية. وجاءت القضايا الأمنية عموما والأزمات الداخلية كحرب صعده وأزمة الجنوب في المرتبة التي تليها بنسبة23.7%. وازدادت الصورة قتامه,عندما بينت النتائج بان58.4% من المبحوثين يرون انه لا يوجد حزب سياسي يتبنى قضايا الناس,فيما قال28.3% من المبحوثين بان هناك أحزابا سياسية تعبر عن قضاياهم,لكن57.5% قالوا إن قيادات الأحزاب لا تهتم بمصالح الناس. وتصاعد مؤشر السخط والاستياء على أداء الأحزاب بشكل اكبر,حيث يقول77.7% بان الأحزاب والمرشحين لا يناقشون قضايا الناس إلا في أيام الانتخابات فقط. وأضاف الاستطلاع بان16% من المبحوثين قالوا إن الأحزاب السياسية تقدم خططا ممتازة لتطوير البلد,مقابل41.4% يعتقدون أنها غير ذلك. وتصدر التلفزيون قائمة قنوات الاتصال بين الأحزاب والمواطنين في التعرف على أخبارها بنسبة48.4%,وتلتها الصحف والمجلات بنسبة31.9%. وقد أجريت المقابلات في هذه الدراسة مع1000 شخص خلال الفترة(5-15 مارس الماضي) من العام الجاري,موزعين في12محافظة هي(العاصمة صنعاء,عدن,تعزإب,الحديدة,ذمار,حجة,حضرموت,مأرب,لحج,أبين,عمران). وشكل الذكور50.2% من المبحوثين مقابل49.8% من النساء,وقام بإجراء المقابلات معهم38باحثا وباحثة و6مشرفين ميدانيين تم تدريبهم لمدة 6 أيام على طرق تنفيذ الاستطلاع وإجراء المقابلات. وكان المركز قد أقام خلال فبراير الماضي,ورشتي عمل شارك فيها قيادات وممثلي عدد من الأحزاب,إضافة إلى ممثلي عدد من منظمات المجتمع المدني تم خلالها مناقشة أهداف المشروع ومكوناته,ومعرفة آراء المشاركين في الورشتين بشان عدد من مدخلات الاستطلاع. يشار إلى أن هذا الاستطلاع يشكل المرحلة الثالثة من مشروع"تعزيز المشاركة السياسية في اليمن",الذي ينفذه المركز,بالتعاون مع(MEPI),من اجل المساهمة في تحقيق الأهداف الإستراتيجية,وخلق شراكة قوية مع المواطنين.