ورحل عنا المربي الإنسان والشيخ الجليل العلامة / محمد عبدالله بن إسماعيل الخديري .. إلى مثواه الآخير بعد حياة حافلة بالصبر والجد والإجتهاد والمثابرة والعمل الصالح وخدمة دين الله عزوجل. وترجل الفارس ،، الحساس والألماس .. حبيب الناس .. المعلم الملهم .. وفارقنا صاحب الصوت الشجي ، والإيماني الذي ظل يصوته يصدح من مرتفعات جبال العروم ليصل إلى عزل وقرى بني عواض والغضيبة والوادي والمكاربة والمناطق المجاورة من مديرية العدين ، كان رحمه الله صوته لايغيب طوال عشرات السنوات بحلوها ومرها ومرضها .. أيامها ولياليها في اليوم والليلة عشر مرات للصلاة والإقامة .. ومنزله المتواضع قبلة للدارسين وطلبة العلم ومحبي الفقيد . لازلت أتذكر عندما كنت صغيراً .. كنت أنتظر قدوم شهر رمضان المبارك عبر أثير صوته الهادئ وأنتظر بشرى حلول عيد الفطر المبارك بتكبيراته العيدية .. وكأن العيد قادماً من سفوح جبال العروم .. يالله كم كانت طفولتنا بريئة .. وكم هي أعمارنا قصيرة . ها أنا أرثيك يا شيخنا الفاضل ولا أجد بما أرثيك ولا كلمات بمقامك العالي ومناقبك الثرية والمنزلة الإلهية التي وهبك الله أياها .. كيف لا وقد كنت رجلاً هادئاً وساجداً .. وخلوقاً وودوداً وخجولاً .. وشيخاً لطيفاً وزاهداً ورعاً .. كان رحمة الله تغشاه يتسم بالطهر والنقاء والصفاء والإبتسامة لا تفارق محياه للصغير والكبير ووجه يشع بالنور وحريصاً على أن يكون مجلسه مليئ بذكر الله حتى تتنزل عليه الملائكة و تتغشاه الرحمة ويذكره الله فيمن عنده . كان شيخنا البار .. يدرك أن الحياة زائلة وفانية لذلك لم يكن يسعى لأن يكون عالم سلطة أو حزب أو جماعة.. ولو كان كذلك لتقلد مناصب عليا في محافظة إب رغم أن الظروف كانت مهيئة ومناسبة لكنه فضل أن يعيش مجيداً وسعيداً .. والإبتعاد عن شبهات النفاق والتطبيل والتمجيد للحاكم لأن الله إذا أحب عبداً أبعد عنه الريا والمنكرات وجعله محبوباً بين الناس فأحبوه وأحبهم في الله .. يالله كم كنا بحاجة إليه في وقت نحن بأمس الحاجة إليه .. وفي زمن مليئ بالفتن .. كنا نريده أن يرشدنا ونستقي منه العظات والعبرات والإشارات . صحيح رحلت ووريى جسدك المنير الثرى لكنك لم تمت .. لم تمت .. أنت حياً فينا يا أبتاه .. لازلت وستظل حياً في قلوبنا بصوتك ، وصفاتك وصدقك وإخلاصك .. ولن ينقطع عملك بعلمك .. أنت حياً فينا بلسانك الذاكره ووجهك البشوش ونصائحك الصادقة .. ستشهد لك الجبال والأودية والأمكنة والطريق والشجر والحجر والطيور على أعمالك الصالحة . إلهي اننا نؤمن بقضائك وقدرك وأن الموت حق .. ولست حزيناً على رحيل عبدك محمد الخديري .. بل مسروراً لأننا نعلم أن جنات عدنٍ التي اعدت للمتقين تتنظر مقدام الضياء والنور .. جناتً عرضها كعرض السموات والأرض عند مليك مقتدر .. فهنيئاً لك هذا المقام يا صاحب المقام . اسأل الله العظيم كما أسكنك في أعالي الجبال أن يسكنك في أعلى الجنان مع النبين والصدقين والشهداء وخير اولئك مقاما .. ألف رحمة تغشاك والسلام عليك أيها النقي والتقي والأمين حياً وميتاً . إنا لله وإنا إليه راجعوان . 2/ ذي القعدة 1435ه 28-8- 2014 م