مسودة مشروع القرار الذي وزعته روسيا على الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولى والذى يدعو إلى فرض هدنة إنسانية "مؤقتة" في اليمن، ووقف الغارات الجوية، بغرض ما اسمته السماح بدخول المساعدات الإنسانية للمدنيين، لا يعدو ان يكون مجرد محاولة لتوفير غطاء يمنح الانقلابيين من مسلحي جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، فرصة لالتقاط الانفاس واعادة ترتيب الاوراق، بعد الضربات الجوية القوية التى وجهتها لهم قوات التحالف المشاركة في عملية "عاصفة الحزم". وللأسف فان مسودة مشروع القرار الروسي، الذى يختبيء خلف لافتة "الهدنة الانسانية"، لا ينطلق من حرص على سلامة المدنيين او توفير الترتيبات المناسبة لاجلاء الرعايا الاجانب من اليمن، ذلك ان القيادة السياسية والعسكرية لعملية "عاصفة الحزم" ظلت تستجيب لكل الطلبات المقدمة من جميع الدول لاجلاء رعاياها من اليمن، حيث تم بالفعل إجلاء رعايا عدد من الدول من بينها روسيا نفسها والهند وإندونيسيا وباكستان والجزائر وتركيا والصين، فيما تستعد دول ومنظمات اخرى منها مصر وجيبوتي والسودان واليونيسيف والصليب الأحمر اليوم الاحد لاجلاء رعاياها بالتنسيق مع قيادة التحالف التى تقوم بتسهيل عمليات الاجلاء وتوفر لها الرقابة الجوية اللازمة. ويبدو الفتور الذى قوبل به مشروع القرار الروسى في الاممالمتحدة، ليس مستغربا، اذا نظرنا الى مواقف موسكو ازاء القضية اليمنية والانقلاب الحوثى على الشرعية، فقد احبط "الفيتو الروسي" من قبل قرارا كان يفترض ان يصدر لادانة الحوثيين تحت مظلة الفصل السابع، كما سبق ان عطلت في نهاية يناير الماضي، صدور بيان في مجلس الأمن يحمل الحوثيين مسؤولية تقويض العملية السياسية في اليمن. لقد فقدت السياسات الروسية جاذبيتها في المنطقة، منذ وقت طويل، وتراجع نفوذها بشكل اكبر خصوصا في ظل مواقفها حيال الأزمة السورية، وهو أمر يستلزم منها، وهى دولة عظمى مؤثرة، مراجعة استراتيجياتها المتعلقة بالشرق الاوسط قبل ان تفقد ما تبقى لها من رصيد لدى الشعوب العربية في المنطقة.