في الساحات الآن دولة مصغرة .. لو أن عطاء الثورة لم يقدم إلا هذا المجتمع الراقي المتناغم لكان يكفي .. هم لا يريدون أن يفارقوا تلك الميادين، لقد نقلوا إليها أمتعتهم، وأشياءهم المهمة، لم يعد يربطهم بالبيوت إلا بقية ذكرى صوتية .. لقد أفقدهم الحاكم هناك الإحساس بالفرح، فكوى من عمرهم سنين ماذاقوا فيها حلم صباهم .. الوطن يرونه هذه الأيام يتعشقهم، ومن أجله هم باذلون.. الإحساس بالرجولة في زمن الثورة أن تدع بيتك وراء ظهرك.. هذه المرة يجيء موسم المطر على شدو أصوات الثوار .. رائحة التراب عبق من شذى الحرية .. الشعب يريد أن تكون لأنداء الصباح معنى الشروق الجديد، والذاهب إلى العقل لايريد أن يبدأ رشف القهوة على صوت مذيع نشرة «أخبار الرئيس»! أما المشترك فلقاء النبلاء .. كان المؤتمر الشعبي يهدم الوطن وأحزاب اللقاء تلملم جراحاته وتبني له الصروح .. لقاء وثّق العلاقة بالشعب فكان الحادي الذي يجيد الترنم فسار من ورائه أحرار اليمن حشود من ورائها حشود .. حتى أفقدوا الحاكم صوابه .. وقد ملأوا الساحات يهتفون بالوطن .. أما حشود بنك السبعين فسوق «الزور» المركزي في جمعة مصروف العيال!! ليس لهم من الوطن إلا «السبعين» أما ساحات الحرية فبحجم الوطن .. وقطر تغيضهم لأن «الجزيرة» تقع فيها اليمن .. وقلب الخليج لا يسكن بلا يمن، هم لديهم جمهورية السبعين، وقناة السبعين، وحاكم السبعين، ونحن لدينا وطن اسمه «اليمن». ليعلم النظام البائد أن نفس الشعب كبير، والأقدام ستظل ثابتة .. وأن هذه الخيام هي بيوت الأحرار التي يحبونها .. وإن غداً لناظره قريب!!