اعتدنا بشكل عام انه حينما نتحدث عن انتشار كثيف لنقاط عسكرية و أمنية ان يتناسب ذلك الإنتشار مع احداث الأمن و الأمان و السكينة في الشارع بل وان يعزز من وجود ذلك ، إلا ان الوضع هنا يؤكد ماهو عكس ذلك تماماً خاصة و ان نقاطنا الأمنية و على كثرتها لا تؤدي عملها و مهامها بالشكل اللائق ، الذي يشعرك ان هناك من يبذل الاسباب ليحافظ على سلامة وجودك في هذه الحياة او بمعنى أدق سلامة وجود ما تبقى من أرواح في هذا البلد ، النقاط الأمنية الموزعة هنا و هناك في عموم المحافظة و خارجها و التي يكتفي القائمون عليها بالتشخيص في وجوه عابري الطرقات و اصحاب المركبات و الباصات اصبحت هي ذاتها تشكل عبء آخر لابد علينا تجرعه و بذاتها ايضاً اصبحت واحدة من ابرز افرازات الاختلالات الامنية الحاصلة ..، خاصة و أن ذلك الانتشار الكثيف والعشوائي للنقاط العسكرية والأمنية على طول الطرق سواء داخل المدن والمحافظات او خارجها قد تحولت بالفعل لمصدر إزعاج ومضايقات للمواطنين المتنقلين وسائقي سيارات الخصوصي والأجرة والشاحنات الذين يتم إخضاعهم المتكرر للتوقف والتفتيش وتلقي نفس الأسئلة عند كل نقطة على حدة. و على النقيض من ذلك تماماً نجد ان بعض افراد نقاط التفتيش يكتفون بمطالعة وجوه و ملامح اصحاب المركبات و الباصات بمن فيها ، معتمدين على التشخيص في الوجوه و قراءة السمات و الملامح فقط على اعتبار ان ذلك سيقودهم لمعرفة ما اذا كان احد هؤلاء المشخصين مشكوك بأمره ارهابي مثلاً او مجرد شخص عادي .. و ذلك من باب ان « سماهم على وجوههم " ، او ربما قراءة الافكار عن طريق تقنية مطورة جدا جدا لم تصل إلينا بعد .. ! ، ان لم يكن المقصود منهم تطبيق " نظرية التعلم ب الإستبصار " لمؤسسها ماكس فريتمر " ، على اعتبار ان قانون التقارب و هو احد قوانين التنظيم الإدراكي التي تقوم عليه النظرية و الذي ينص على ان : " الأشياء المتقاربة في الزمان والمكان يسهل ادراكها على هيئة صيغ مستقلة بعكس الأشياء المتباعدة " ، .. و بالتالي يمكنهم ذلك من التعامل مع موقف بعينه من خلال ربط احداث الماضي و الخبرة المكتسبة بأي حدث او موقف حاضر و هنا يسهل عليهم ادراك أي موقف ارهابي بعينه قبل وقوعه ...؟ ربما لا نعلم !! ،،، على كل حال رجال الأمن هنا يشكرون على مهامهم الأمنية كونها وظيفة يمارسونها بعناء ، لكن بالوقت نفسه يقع على عاتق الدولة تزويد نقاط التفتيش الأمنية في اماكن تواجدها بأساليب و تقنيات حديثة تتناسب مع ظروف الإنفلات الأمني الذي نتجرعه يومياً او على الأقل اجبارها على ممارسة مهامها بشكل اكثر حرص على سلامة المواطنين و كذا صدور قرارات وتوجيهات عليا وزارية تعمل على إعادة تنظيم وتصحيح أوضاع هذه النقاط بالإبقاء على ما تقتضي الضرورة بقاءها وإزالة ما عداها مع رفع كفاءة هذه النقاط من خلال تحديد مهام كل واحدة منها وتزويدها بوسائل اتصال وتواصل وربطها بغرف عمليات للرفع من مستوى أدائها بما يحيلها إلى نقاط أمنة ذات جدوى ونفع يسهم وجودها تأمين الطرق ويضمن سلامة وقانونية استخدامها من أية خروقات ومخاطر تهدد الأمن والاستقرار والسكينة العامة ... مالم ستظل بالنسبة لنا روتين يومي ممل سئمناه جدا ، و ربما سنحتاج معها لوقت اطول نتجرع غصص عيونها الفاحصة ومضايقاتها و ممارساتها المسيئة بحق المواطنين لنتعايش معها بمرارة اخرى كما تجرعنا باقي الغصص و الجرعات بمرارة اكبر ..