رسالة الصهاينة في تظاهرتهم المؤيدة لحرب غزة الى كل العرب قد يعتقد البعض بان الانظمة العبرية في المنطقة العربية ليست على علم مسبق بعزم اسرائيل على شن حرب هوجاء على اهالينا في غزة البطلة, هذا اذا لم تكن هي نفسها من قدم المقترح لاسرائيل بتدمير غزة حتى يخلصوا من دوشة القضية الفلسطينية ووجع الراس ليلتفتوا الى بناء علاقات متينة في العلن مع شقيقتهم اسرائيل دون خجل او خوف. فلو تمعنا بدقة في الاحداث السابقة والمرافقة لمحرقة غزة البشعة سوف نلاحظ الاتي: 1- تم تدمير الانظمة العربية وتفكيك جيوشها خاصة تلك المحيطة باسرائيل عبر الفوضى الخلاقة التي اسميت بالخريف العربي وباستخدام نفس القوى التي تدعي بانها معادية لاسرائيل, حتى تضمن إنشغال الشعوب العربية بمشاكلها الداخلية. 2- تم الايعاز لتلك القوى بان ترتكب مجازر بشعة ضد ابناء جلدتنا, لم تكن يوما من اخلاقيات شعوبنا وديننا الاسلامي الحنيف, وتصويرها ونشرها على اوسع نطاق في مختلف وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي العربي والغربي حتى تضمن حياد شعوب العالم, التي ما فتأت تحتج على سلطات بلدانها في عملياتها العسكرية الخارجية التي تؤدي الى سقوط ضحايا مدنيين, عن أي مجازر يعد لها ضد المدنيين في غزة. 3- تم وبقوة إعادة طرح موضوع المصالحة الوطنية بين فتح وحماس التي اوقفها شرط المقاومة بوقف التعاون الامني بين (السلطة الفلسطينية) والعدو الصهيوني, آملين ان تتمسك المقاومة بهذا الشرط وترفض المصالحة الوطنية, ليتم عندها تحميلها المسئولية وإعلانها مارقة واخراجها من النسيج الوطني الفلسطيني وتركها لقمة سائغة للعدو الصهيوني يفعل بها ما يريد, خصوصا بعد تمكن الاعلام العبري في دول المنطقة العربية من الحرب النفسية التدميرية عبر الاعلام. 4- تفاجأ صهاينة المنطقة واسيادهم في اسرائيل بقبول المقاومة بالمصالحة الوطنية دون شروط, ما اخرج القيادات الاسرائيلية عن طورها ودبلوماسيتها وجن جنونهم, فاعلنوا وقف مفاوضاتهم مع (السلطة الفلسطينية) واوقفوا اطلاق سراح السجناء الفلسطينيين المنصوص عليها في اتفاقاتهم ورفضوا وساطات حلفائهم الاستراتيجيين اميركا واوروبا وعرب النفط واستنفروا الاممالمتحدة الى جانبهم. 5- قدم احد الاصدقاء الاوفياء مقترحا للكيان الصهيوني بافتعال قضية وهمية ينسبها للمقاومة الفلسطينية, يضمن فيها تاييد (الاممالمتحدة - الولاياتالمتحدة) ويستغلها في ضرب المقاومة بقوة دون قلق من أي احتجاج عربي او دولي. 6- اعلنت اسرائيل عن اختطاف ثلاثة من مستوطنيها, فعربدت قواتها في مناطق (السلطة الفلسطينية) بكل همجية دون ان تحرك (السلطة الفلسطينية) والدول العبرية ساكنا, حيث كان اغلب التدمير والاعتقالات مركزا على قيادات من المقاومة الفلسطينية فقط. 7- رات اسرائيل بان الشعوب العربية مشغولة باوضاع بلدانها الداخلية, فنقلت المعركة تدريجيا الى غزة عبر اتهام عناصر من المقاومة في غزة باختطاف المستوطنين الصهاينة الثلاثة. 8- إندلعت المواجهات العسكرية بشكل علني ومفتوح والانظمة العبرية في سبات الصيام, لكن اسرائيل واذنابها الصائمين تفاجئوا بجاهزية المقاومة واستعدادها العالي وغير المتوقع, فاوعزوا الى وزير الخارجية الاميركي بنقل مقترح اسرائيلي تتبناه مصر لاتفاق بوقف اطلاق النار فقط دون مناقشته مع الاطراف الفلسطينية (المعتدلة) والمقاومة, ووافقت عليه اسرائيل واميركا مباشرة دون أي اعتراض ورفضته المقاومة الفلسطينية لعدم اشتماله على مطالب الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة ورام الله. يظهر فجاة عربان المنطقة عراة بلا حياء مؤيدين للمبادرة الاسرائيلية-المصرية, ومطالبين المقاومة بقبولها كما هي ودون شروط, ومهاجمين للمقاومة متهميها بالمتاجرة بمعاناة الشعب الفلسطيني ودماء ابنائه من اجل مصالح شخصية ضيقة, وتحميلها تبعات رفضها للمبادرة الذي برز بعد ذلك مباشرة. 9- بمناسبة اواخر الشهر الكريم, طرح العربان على اسيادهم في اسرائيل فكرة استبدال مخطط رفض المصالحة الفاشل برفض المبادرة بدلا عنه وتقضوا على المقاومة الفلسطينية نهائيا ودون رجعة, عبر حرب تدميرية شاملة لا ترحم ولا تستثني احدا البشر والحجر والشجر والمؤسسات الخدمية والطبية والتعليمية والاممية, حتى تركيع المقاومة وانصياعها وحضورها الى القاهرة ذليلة منكسرة منكوسة الراس وواهنة ومهزومة. 10- نفذت اسرائيل نصائح اصدقائها الاوفياء, فدمرت البيوت على رؤوس ساكنيها فقتلت اسر بكاملها, ودمرت محطة الكهرباء الوحيدة وشبكات المياه والصرف الصحي فتركت ابناء غزة في ظلام دامس ودون ماء, وقصفت المستشفيات والاطقم الطبية وسيارات الاسعاف فتركت الشهداء يتعفنون بين انقاض منازلهم والمصابين يتعذبون بالامهم وينزفون حتى الموت. وختمتها بقصف ملاجئ النازحين في مدارس الاونروا التي حددتها هي لهم والتابعة للامم المتحدة. بعد كل هذا الدمار والموت وصور اشلاء الاطفال والنساء والشيوخ الذي هز العالم اجمع, لم نسمع للجامعة العبرية وانظمتها الصهيونية صوت سوى المبادرة الاسرائيلية. في حين خرجت الشعوب في اوروبا واميركا اللاتينية تحتج على الحرب الصهيونية وتطالب بوقفها ومحاسبة القتلة, وتجاوزت دول اميركا اللاتينية ذلك الى قطع علاقاتها مع اسرائيل, ويصل الامر الى خروج زوجة الارهابي موشيه ديان في تظاهرة وسط تل ابيب مناهضة للحرب ضد غزة. بالنسبة للامم المتحدة فقد اظهرت بشكل واضح لا لبس فيه بانها مجرد اداة بيد الادارة الاميركية تديرها كيف تشاء. فامام كل الجرائم ضد ابناء غزة لم نسمع إدانة من امينها العام, في حين انه وبمجرد ان إدعت اسرائيل بان المقاومة قامت بخطف احد الجنود الاسرائيليين سارع الى إدانة المقاومة حتى بعد ان اتضح كذب اسرائيل على العالم وعدم اختطاف الجندي الذي استخدمت الولاياتالمتحدة لوصفه مصطلح العدوان الهمجي لاول مرة في تصريحاتها الرسمية. فما هي إنجازات المقاومة في هذه الحرب؟ 1- وحدت صفوف الفصائل الفلسطينية وتكاثف والتفاف الشعب الفلسطيني حول مقاومته البطلة, وكسبت تعاطف كل الشعوب العربية واعادت القضية الفلسطينية الى الواجهة مرة اخرى. 2- فضحت الاحتلال وعملائه في فلسطين والمنطقة العربية وهزمتهم اخلاقيا وعسكريا وكسرت شوكتهم, ودفعتهم للتفكير بالهروب من المعركة التفاوضية وانهاء حربهم من طرف واحد دون تفاوض. 3- فضحت الاممالمتحدة ومنظماتها (الانسانية) وهيئاتها القانونية بانها عبارة عن ادوات لاميركا واسرائيل. 4- اظهرت للعالم بان دولة اسرائيل اوهن من بيت العنكبوت, وان جيشها لا يجرؤ على المواجهة وجبان يقاتل من وراء جدار حماية, وان التها العسكرية وقيادتها ليست سوى دعاية اعلامية هزيلة تتبجح بقتل المدنيين العزل من الاطفال والنساء وتهدم البيوت على رؤوس سكانها الامنيين وتغدر بالنازحين في ملاجئ الاممالمتحدة, وتقتل المسعفين والصحفيين. 5- اثبتت المقاومة امكانية التطور والحياة رغم التامر والحصار, وان الموت والتاكل هو للانظمة المهترئة والمتبلدة التي ليس لوجودها قيمة او معنى رغم الثروات. في الاخير ياتي الشعار الصهيوني (العربي الجيد هو العربي الميت) ليثبت بان الانظمة العربية هي انظمة جيدة, وان الموت ليس مفارقة الحياة فحسب بل وافراغها من معانيها كذلك.