من يرحم المضطر أمن ذا يجيبه ان دعاه ومن لدفع الضر وكشف السوء ان اعيا دواه الا الله الاقدر على ما شاء والمقدر سواه عن ساكني صنعاء حديثك هات وافوج النسيم " القاضي عبدالرحمن الانسي 1745م" اغتيال دولة: صحيح ان وضع الدولة كدولة لم يوجد بشكله الصحيح في اليمن لسنوات طويلة جدا, فما كان موجود هو هيئة ادارة لمنظومة فساد, وصحيح ان اليمن كانت تتجه بسرعة لحالة الدولة الفاشلة وذلك كنتيجة لتصرفات الطبقة الحاكمة, الا انه ومنذ ثلاث سنين صارت الحركة نحو الدولة الفاشلة بخطوات سريعة جدا ومدروسة وكهدف وليس مجرد نتيجة..منذ ثلاث سنوات اصبح وجود الدولة في كثير من اراضي اليمن مجرد تواجد شكلي مسرحي, وظائفها كلها بدأت تضعف وللدقة تضرب في مقتل, فلا امن ولا قدرة على اتخاذ القرار ممن يفترض به اتخاذ القرار, الجيش تم اضعافه بصورة عبر عنها جمال بن عمر بأنها " خارقة" ,وما يتخذ من قرارات متخبط وغير مفهوم ويتناقض مع اي امل في نفوس الناس, واقتصاد ينهار او يتم هدمه كأنهم في مسابقة سرعة ما , ولمعالجته يتم اتخاذ قرارات لها اثار مجتمعية وسياسية كارثية دون ترتيب اي اجراءات لردود الفعل, اغلب هيئات ومستويات الادارة والحكم توقفت عن ان تكون كذلك ودخل جميع الوزراء بل ورئيس الجمهورية نفسه في حالة وقناعة ان ليس عليهم عمل شيء سوى المحافظة على الوضع بدرجة سوء معينة ليس الا..وليتهم نجحوا حتى في ذلك, وعليه فقد ازيحت الدولة ..نشأ عن ذلك فراغ رهيب..وفي السياسة فان هذا الفراغ الذي تم صنعه بشكل ممنهج لابد ان يتم ملؤه, من ميلشيات او احزاب او امراء حرب او متنفذين..فلو لم يملأ انصار الله الفراغ الذي نتج عن غياب الدولة لقامت بذلك اي جهة تجد نفسها " نشطه" ولها رغبة في ذلك. انتصر السيف على الدم! السرعة العجيبة التي سيطر بها انصار الله على صنعاء اكبر دليل على كلما ذكر اعلاه, فالجماعة كانت هي الانسب بقدراتها العسكرية, وبتنظيمها فكل جماعة اضطهدت في فترة معينة يجمع بين افرادها عقيدة وفكر معين تكون شديدة التنظيم والتصميم وقوية الارادة. وقد تهيأ لها تحالف مع مراكز القوى التي تحلم بالانتقام " وقد حصلت عليه" ورضا دولي واقليمي عبر عنه الصمت العجيب او البيانات التي هي من نوعية " هوذا احنا ذكرناكم" ودعم كبير من قوى دولية تعتبر الحليف الرئيسي لهم, وتعاطف شعبي صنعته لهم الدولة عبر نافذة رائعة هي اسقاط الجرعة, جاءت الجماعة الاكثر تنظيما وتصميما لتدخل صنعاء, ولتكون من الذكاء الكافي ان لا يغريها الانتصار السريع والسهل بان تنفرد او تتلذذ بالحكم, الا ان مشهد الشخص الذي يضع سيفه على رقبتك ومن ثم يقول لك انا مجرد شريك وعلينا ان نتحاور هو مشهد من الصعب ابتلاعه, الا انه وفي كل الاحوال تبقى ممتنا له انه الى لم يضرب عنقك بسيفه. ماحدث كان طبيعي جدا ونتيجة طبيعية لعملية اغتيال الدولة التي تمت بخطط مدروسة من قبل القوى المنتقمة والمستفيدة بالتظافر مع بطء حركة ورد فعل الطبقة الحاكمة وسوء تقديرها وتصميمها الشديد على ان لا تفعل شيئا , ماحدث كان عبارة عن تصفية حساب واكمال عملية السيطرة, هناك من تعاون مع القوات المقتحمة وهناك من رفض التحرك حتى لا يتسبب باحراق اجزاء اكثر من صنعاء, وهناك من فهم الموضوع برمته وفضل ترك الامور تكتمل بدون ضجيج لا داعي له فالامر محسوم. المعلن وغير المعلن: السؤال الاهم هو وماذا بعد؟..الحديث عن عودة الملكية او اعلان عبدالملك الحوثي لنفسه اماما لليمن حديث ساذج يرفض ان يستوعب ماقام ويقوم به انصار الله وانهم يعلمون جيدا المقبول شعبيا من غير المقبول, وانهم جماعة سياسية ذكية بالفعل, هذا غير تأثر الحركة الشديد بايران, ومن الواضح من خلال التحركات والاجراءات التي تقوم بها الجماعة ان نموذج الشخصية الدينية التي لها موقع مميز في المذهب التي تسيطر ولا تحكم, تقرر ولا توقع على اي قرارات هو ما سيطبق, المرشد الاعلى للجمهورية الذي يكون رئيس الجمهورية موظف لديه, ولكن بصورة غير معلنه,ولا مشكلة في ان لا يكون معلن, فغير المعلن في الجماعة اكثر بكثير من المعلن. الصرخة المقابلة: بالطبع يصعب تخيل ان لايكون هناك رد فعل, فالتفجيرات والاغتيالات ستكون عنوان المرحلة القادمة فهي الاداة الرئيسية للعمل بالنسبة للجناح الخاسر, حسن الادارة والرغبة الشديدة في تقديم نموذج جيد وكسب الرضا الشعبي من قبل انصار الله سيخلق وضع افضل اداريا واقتصاديا في اليمن وان كان بشكل مؤقت, الا ان ماقد يهز الصورة تماما هو الانقسامات والاختلافات التي بدأت تحدث في صفوف انصار الله, بسبب اختلاف الرؤى وبسبب وجود جناح متطرف وجناح معتدل مثلهم مثل اي جماعة سياسية, و بسبب الاغراءات الشديدة التي تأتي مع الحكم والسيطرة والتي تحتاج بالفعل لجهود جبارة من الجناح المعتدل لكبح جماح الجناح المتطرف حيالها, كما انه وفي وقت معين سيظهر الخلاف وتضارب المصالح بين انصار الله والجهات الدولية الداعمه, والاهم والاخطر هو رد فعل الجنوب حيال هذا التطور ككل, ومايفتحه لهم من فرص واغراءات لا اعتقد انهم اليوم سيجدون من يعارضهم عليها. وختاما: يبقى ساكني صنعاء في حيرة وذهول, حتى السعيد منهم يعتريه قلق عاصف, فالمسرح تغيير تماما, واللاعبون ايضا تغيروا, يبقى ساكني صنعاء وكل اليمن يفكرون في اللقمة والامان, في ان يأخذ ابنه لمدرسة جيدة ليذهب بعدها لعمل محترم ليرجع لبيت امن دافيء يعيش فيه مع اسرته..بينما يحلم من يتصارعون على صنعاء بالحكم والسلطة والسيطرة وكلها اشياء تتصاعد منها رائحة الغبار والبارود والدم, وفي الوقت الذي نتمنى فيه ان تستقر الاوضاع وتتحسن ونتقدم خطوة نحو حلمنا ونتمنى فيه للطبقة الحاكمة الجديدة ان تحسن الادارة وتبني وتنعش الاقتصاد وتوفر الامن, فان المقولة الحكيمة والصحيحة بشكل كبير تبقى تؤرقنا عندما تذكرنا بالحاح مزعج يقطع علينا احلامنا: كل دولة مبنية على اساس ديني عنصري متطرف ..تفشل ولو بعد حين!!