تتناثر الأشلاء ويسقط الضحايا من المدنيين والعسكرين والأطفال في أماكن كثيرة من ربوع بلادي الحبيبة ولا تكلف الدولة نفسها مجرد إعلان الحداد على أرواح اليمنيين الذين يتساقطون كأوراق الخريف بدون أدنى رحمة ولا شفقة ولا أنسانية! مناظر مروعة ومشاهد غاية في القسوة والوحشية وأرواح اليمنيين تُزهق بكل بساطة وعبثية، والمُتابع يشاهد لقطات تبثها القنوات الفضائية وصفحات التواصل الإجتماعي والنت ولا يكاد يُصدق أنها واقعية بل يكاد يجزم أنها "أفلام أكشن مُحكمة الإخراج"! لا أدري كيف هانت دماء اليمنيين على اليمنيين أنفسهم، وكيف أصبحت هذه المشاهد والأحداث أخباراً عادية لا تؤثر في كثيرٍ من الناس والجهات الرسمية للأسف الشديد! اليوم يتساقط عشرات الأطفال والكبار في التحرير وتتناثر الأشلاء ويتضرج الشارع بدماء الأبرياء الذين لا ذنب لهم إلا أنهم خرجوا للميدان ليعبروا عن مواقفهم من الأحداث السياسية بالبلد "وهو حق كفله دستور الجمهورية اليمنية لكل المواطنين" بغض النظر عن توجهاتهم وإنتمائاتهم السياسية التي قد "نختلف أو نتفق" معها! وبنفس الوقت يُقتل عشرات الجُنود في المكلا والبيضاء، لا لذنبٍ إلا لأنهم يؤدون واجبهم تجاه الشعب والوطن في أيام العيد! وللأسف الشديد عندما تُريد أن تعرف ما يحدث تبحث في القنوات الفضائية والأرضية اليمنية سواء الرسمية أو الخاصة ولا تجد إلا أغاني وبرامج العيد "السعيد"، وكأن ما يحدث في البلد لا يُهم أحداً أو أنه في كوكب أخر، وكأن دماء اليمنيين التي تُهرق هنا أو هناك لا تعنيهم بالمرة!! وتتكرر الأحداث والجرائم والقتل البشع، وتُصبح ظاهرة مجتمعية يشاهدها القاصي والداني وكأنها مسلسل تلفزيوني طويل لا تنتهي حلقاته! وبدلاً من أن تقوم الدولة بواجبها في حماية المواطنين نجدها تستنكر وتشجب ما يحدث (وهو كل ما تستطيع أن تقوم به)، وكأن هؤلاء المواطنين الذين يقتلون بدمٍ بااااارد ليسوا مواطنيها الذين تعهدت أمام الله والعالم وتحملت مسؤلية حمايتهم! وتُشكل لجان ولجان للتحقيق، ويمر الوقت وينسى الناس ما حدث أو تصدمهم وقائع جديدة وجرائم طازجة تُنسيهم ما قبلها، وتُطوى الصفحة السابقة والفاعل مجهول! والإعلام الرسمي في غيابة الجُب، لا يضع حتى مُجرد شريط أسود يعطيك أنطباع أنهم يحزنون ويتأثرون على ما يجري للمواطن!! الأسئلة التي تفرض نفسها في كل حادثة إجرامية نُتابعها: من أعطى الحق لهذا الطرف أو ذاك فيما يفعله!؟ وأين دور علماء الدين في كل ما يحدث!؟ ولماذا تصمت الدولة ولا تُعلن الحقائق للناس؟! فهناك من يتحدث بإسم الله وهناك من يتحدث بإسم الشعب وهناك من يمنح صكوك الشهادة ومفاتيح جنات الخُلد لأتباعه الذين يقتلون الناس بكل وحشية وأريحية وهم في غاية الإطمئنان بأن المقتول كافر وأن القاتل مُناضل ومجاهد في سبيل الله! ولا تقوم الجهات المعنية بحملات توعوية توضح لكل هؤلاء المُغرر بهم أنَّ كل ما يُقال لهم مجرد خُزعبلات لا أساس لها من الصحة لا في الشريعة ولا في الدساتير! لقد وصلنا إلى أسوء حالات التخلف الديني والحضاري الذي تقوم في ظله جماعات وجهات بالحديث نيابةً عن الخالق وتخول نفسها صلاحيات منح وأخذ الحياة من الناس! والمُبرر إختلاف عقائدي أو سياسي!! نعم هناك اختلافات ايدلوجية عقائدية وفكرية ومذهبية وسياسية وغيرها، وهو شيء طبيعي أن يوجد في أي شعب من شعوب العالم لأن الإختلاف سُنّة كونية وإرادة إلهية، ولكن لا يعني ذلك أن يستبيحَ طرفٌ ما القتل وسفك الدماء وإرهاب الناس نتيجة لذلك الاختلاف! لا يعني أن تُصبح أرواح الناس رخيصة وفي متناول من أراد أن يُصفي خصومة أو يُزيح عن طريقه من يختلف معه! لقد جاءت الشريعة الإسلامية وكُتبت القوانين والدساتير لتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها! ولكن للأسف إختلط الحابل بالنابل ولم يعد الناس على دراية حقيقية بما يحدث ومن يُجانب الحق ممن هو في ضلال مُبين! وفي مجتمع تزيد فيه نسبة الأمية والفقر عن 50% من السكان، لابد أن تجد المُغرر بهم والذين يتبعون كل ناعقٍ دون وعي ولا إرادة! للأسف الشديد الأبرياء هم فقط من يدفعون ثمن هذه الجرائم والمُخططات التي تهدف إلى تقويض النسيج والسلم الأجتماعي في اليمن وخلق حالة من حالات الصراع الطائفي والعقائدي والسياسي التي لا تخدم إلا أعداء اليمن والحاقدين على الشعب اليمني العظيم! يحزنني جداً أن أشاهد هذه المناظر المؤلمة ولا أجد وقفة جادة لا من الدولة ولا من المجتمع لوقف نزيف الدم اليمني الذي أصبح أرخص من قيمة "الرصاصة" التي إغتالت الحاضر الجميل الذي كنا نحلم به!! * عضو المجلس العالمي للصحافة