هناك أيادٍ موغلة في دماء الأبرياء، وقتلٌ لكلّ أشكال الحياة، كي تبقى بعض العصابات يسرحون ويمرحون على مساحة كبيرة من عالمنا. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن الولع بالدّم والتعدّي على الأنفس والأرزاق، يشقّ طريقه بقوّة في مثلّث الموت في اليمن، وما بين والعراق وسوريا وبلدان ثورات الممات العربي ،حيث تقفز جرائم القتل والتعدّيات فوق الحدود المعقولة، وتلامس حدود الخيال. أطفال في عمر الورود يسقطون جرّاء التفجير والقتل و الفقر والبطالة في مصيدة عصابات الموت والإجرام وعشرات الآلاف من الشباب أضحى أسلوب حياتهم قائماً على اصطياد أنفس الناس، والتعدّي على أرزاقهم، حتى شكَّلوا هاجساً للمجتمع بوجه عام. إنّ مسألة العقيدة في الاسلام هي مسألة عمق الإيمان في العقل والقلب والحركة، بحيث يعيش الإنسان الثبات عليه، فلا تهزّه الشبهات، ولا تثيره الطوارئ، ولا تسقطه الأطماع، وهي مسألة الصلابة في الالتزام ولأنّهم ابتعدوا عن أجواء الهداية باختيارهم، فكيف يهديهم الله سواء السبيل؟ فالعقيدة تجعل الإنسان في موقع القوّة العقليّة والروحيّة من دون أيّ ضعفٍ طارئ، لأنّه ارتكز في الأساس على وعي الدليل والحجّة والبرهان، وهذا هو الذي يؤكّده الإسلام في عقلانيّة الفكر العقيدي، على هدى ما جاء في قوله تعالى )إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا سورة الحجرات) ومن أعنف هذه العصابات، هي القاعدة وداعش , حيث تمارس هذه العصابات ديكتاتوريَّة القتل الأعمى، وإغراق الحياة بالفساد، وقد بات لها واقع قائم بذاته، ولها أيضاً رموزها الخاصّة للتواصل، وسلوكها الخاص، وهي تسيطر على مدن و قرى وأحياء بأكملها. فما حال من يسكنون تحت رحمتها!؟ وكيف ستتربّى الأجيال القادمة في ظلّها؟!اصبح مثلّث الموت، عن شابّ التحق بهذه العصابات منذ طفولته، ولكنّه يخبر اليوم عن أمنياته في الالتحاق بالمدرسة، والعودة إلى الحياة الطبيعيّة، وهو ما يعبّر عن أحوال الكثيرين وتمنّياتهم، ممن انضموا إلى عصابات، وكانوا يوماً ما من النّاس العاديّين في سلوكهم وحياتهم. أنها صرخة من قلب ينزف الماً من واقع الحال: توقّفوا عن القتل، وعن التسبّب بالألم والمعاناة والبكاء لكلّ الّذين يريدون العيش حياة طبيعيّة، بسلام وأمان، وعودوا إلى رشدكم وصوابكم، عودوا إلى حياتكم الطبيعيّة، فأنتم بشر أرادكم الله تعالى أن تعيشوا المحبّة والسّلام، وأن تعمروا الأرض بالرفق والخير والعطاء، وأن تزرعوا البسمة على الوجوه، والشّعور الطيّب في القلوب، وأن تنطلقوا في فضاء المعرفة لتبنوا مجتمعات فاعلة، لا يخنقها الفقر والجهل والقتل، أو تحاصرها البطالة. ولا بدَّ من وقفة مع الذات والضَّمير، ومن نقطة بداية يتحرك فيها الوعي، وتنتفض فيها الإرادات على واقع ليس تغييره مستحيلاً، فمن قال إنّ لغة الدّم والإجرام هي في الاسلام ؟! *محامية ومستشارة قانونية [email protected]