قيادي حوثي يواصل احتجاز طفل صحفي ويشترط مبادلته بأسرى حوثيين    وفاة وإصابة خمسة أشخاص في حجة وصعدة جراء الصواعق الرعدية    ما هو شرط زيدان لتدريب فريق بايرن ميونيخ؟    الارياني: الأسلحة الإيرانية المُهربة للحوثيين تهدد الأمن والسلم الدوليين ومصالح العالم    ثمن باخرة نفط من شبوة كفيلة بانشاء محطة كهربا استراتيجية    أكاديمي: العداء للانتقالي هو العداء للمشروع الوطني الجنوبي    إيران وإسرائيل.. نهاية لمرحلة الردع أم دورة جديدة من التصعيد؟    الكشف عن تصعيد وشيك للحوثيين سيتسبب في مضاعفة معاناة السكان في مناطق سيطرة الميلشيا    صمت "الرئاسي" و"الحكومة" يفاقم أزمة الكهرباء في عدن    غارات عنيفة على مناطق قطاع غزة والاحتلال أكبر مصنع للأدوية    السيول الغزيرة تقطع الخط الدولي وتجرف سيارة في حضرموت    مصرع وإصابة عدد من عناصر المليشيات الحوثية الإرهابية غربي تعز    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    شاب يقتل شقيقه جنوبي اليمن ووالده يتنازل عن دمه فورًا    الحوثيون يغلقون مسجد في عمران بعد إتهام خطيب المسجد بالترضي على الصحابة    بالصور .. العثور على جثة شاب مقتول وعليه علامات تعذيب في محافظة إب    محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألأزمنة آلبشريّة ألمحروقة (ألزّمن ألثّالث)(4)

لأزمنة آلبشريّة ألمحروقة (ألزّمن ألثّالث)(4)زمن ألرّسالات ألسّماويّة:
أرسلَ الباري تعالى 124 ألف نبي و مرسل بعد إنتهاء طوفان نوح(ع) بآلأضافة إلى عشرات آلآلاف من آلأوصياء و آلحواريين و معهم ألصّحابة, منها 14 عشر رسالة أساسيّة خالدة من بينها ، تأتي في مقدّمتها ألرّسالات آلخمس التي حملها أنبياء أولى العزم و هم نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد عليهم أفضل الصّلاة و السّلام ، بجانب زبور داوود و غيرها من الآيات و الصّحف الأولى العظيمة التي جمعها القرآن الكريم بين دفّتيه كخاتم لجميع تلك الرسالات ، و التي أستطيع خلاصة هدفها و دعوتها بجملة واحدة هي: خدمة الناس بعد تحكيم الأدب و الأخلاق و التواضع في وجود البشريّة لتحقيق البناء الحضاري و المدني على أساس العدالة لإسعاد البشريّة جمعاء!
لكن الذي حدث و آلذي وصلنا إليه هو عكس ذلك تماماً!
وَصَلَنا ديناً مُزوّراً يسمح بآلأستغلال و آلظلم و إجحاف الحقوق و تسخير الأولاد و الزّوجات و آلعوام و آلنفاق و آلتّستر بآلدِّين كغطاء للحصول على المال و الشهوات و التسلط, حتّى صار المُتلبس بعباءة الدين و أهل البيت(ع) هو السّيد المرجع الكبير و الآية العظمى المقدس بينما آلمجاهد الحقيقيّ الشهيد المضرّج بدمه في سبيل مجتمعه مشكوكٌ بدينه, بل تعدّى الأمر لأبعد من ذلك .. حين صارت الدّول الأستكباريّة التي تستعمر العالم و تؤجج الحروب و الفتن هي المُنقذ و الملجأ و الأمان و آلولاية الحقّة .. بينما ولاية آلدّولة الأسلاميّة المعاصرة بقيادة ولي الفقيه مشكوك فيها و مصدر للأرهاب و الحرب و الفساد!؟
و هكذا تغيّر كلّ شيئ بعد ما تغييرت القيم و آلمعايير و المفاهيم بين الناس, و صدق رسولنا الكريم حين أخيرنا بحديث عظيم كما كلّ أحاديثه, نقله مصادر الفريقين, و هو يصف زماننا هذا قائلاً:
[كيف بكم إذا تركتم الأمر بآلمعروف و النهي عن المنكر, قالوا: أ وَ يكون ذلك يا رسول الله؟ قال(ص)؛ بل و أشد منهُ سيكون, قالوا؛ و ما أشدّ منه سيكون - كاد الصحابة يصعقون - قال(ص): كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر و نهيتم عن المعروف؟ قالوا: أ وَ يكون ذلك يا رسول الله؟ قال(ص): و أشد منه سيكون، قالوا: و ما أشدّ منه ؟ قال(ص): كيف بكم إذا أصبحتم ترون المعروف منكراً و المنكر معروفاً؟].
و هذا ما إستقر عليه وضعنا الآن, حيث أصبح المعروف منكراً و المنكر معروفاً, و مصداق هذا واضح في جميع الدّول العربية شعوباً و حكومات و العراق في المقدمة حيث يأتمر الناس و الحاكمين فيه بآلقوانين العشائرية الحزبية و الوضعية بدل القوانين الأسلامية و المشتكى لله.
و لعلّ ذلك كلّه ناتجٌ طبيعيّ لخلاصة ألدِّين المُحرّف الذي وصلنا بعد أنْ تمّ تخريجه و تحويره و تغيير أصوله و مفاهيمه و غاياته .. و لذلك إحترقت معظم البشريّة و في مقدمتهم المسلمون و كما نراهم اليوم خصوصاً في الدّول العربية و الأسلاميّة و منها العراق بشكلٍ أخصّ!
و آلمؤسف أنّ جميع الرّسالات الصّغرى و الوسطى و الكبرى السّماويّة الرئيسيّة و التي إختتمت بآلرسالة الأسلاميّة لم تقاوم أمام مكائد الشيطان و حروب جنده و صراعهم مع خط الرّحمن و أولياءه في جدلية مؤلمة ، صارت تمثل محنة الأنسان المعاصر و التي سبّبت كلّ المصائب و الحرائق في البشريّة حتى تجلّتْ اليوم بأوضح صورها من خلال المواجهات السافرة مع الدولة الأسلامية المعاصرة بقيادة ولي الفقيه!
يعني إن الأشكاليّة تداخلت بين المفاهيم التي وصلتنا من جهة و بين المعتنقين لها من جهة أخرى, و الأسلام كما يقال محفوف بآلمسلمين, و الناس يتعرّفون عليه و يتعلمونه من خلال سلوك القائمين عليه من المراجع و آلمدّعين في الأحزاب و الكيانات الأسلاميّة و أئمة المساجد و آلجمعة, بإعتبارهم رأس الهرم الذي إن صُلح صَلَحَ كلّ شيئ و إنْ فسد فسد كل شيئ!
عموماً تكاد لا ترى اليوم بلداً من بلدان العالم شرقاً و غرباً لا يشكوا الناس فيه الظلم و الطبقيّة و الأجحاف و القهر و آلأستغلال و الفوارق المادية و الجنسية و العرقية و الطبقية بنسب مختلفة من بلد لآخر كما كانت في أيّام الجاهليّة الأولى ، و لم يسلم من بينها حتى ألبلدان التي تدعي الرقيّ و الحضارة كما كان يدّعي حمورابي و نبوخذنصر و سنحاريب و آلفراعنة ذلك في أمس الحضارات البالية التي ذكرناها في مباحثنا السّابقة!
أيّهما أعقد؛ ألمشكلة الأجتماعيّة في آلشّرق .. أم الغرب؟
فى العلوم الإجتماعيّة, يرى علماء الأجتماع أنّ الأصل في الكون هو " الإنسان " الذي يرسم و يُحدّد مستقبل الحياة على الأرض و أنّه يستطيع أنْ يجد في ذاته كلّ الحقيقة الضروريّة اللازمة لتوجيه حياته ، و هو المرجع و المعيار لكل ما يصدر عنه من أفعال و تصرفات ، فما يراه هو الأصل و الصّواب ، و هو يعيش في هذه الحياة الدنيا وحدها ولا معاد له في الآخرة ، وهو مصدر المعرفة و ليس " الله" و هذا هو المعنى الحقيقي للعلوم الإنسانيّة و ليس كما كان متصوراً من أنها العلوم المتعلقة بالإنسان.
أمّا الأصل فى الدّين الذي يختصّ بآلشّرق فهو " آلله " كمحور للوجود و مستقبل الأنسان و أن هذا الوجود ليس متروكاً لقوانين آلية صمّاء ، فهناك وراءها إرادة عظيمة و مشيئة مطلقة ، و لا مكان في هذا الوجود للمصادفة العمياء و لا للفلتة العارضة ، و أن " التحليل و التحريم " بمعنى " الحظر و الإباحة " يشمل كلّ شيء في الحياة الإنسانيّة ، و أن الإعتقاد بالآخرة كليّة من كليّات الدِّين و أن الإيمان بالغيب هو الضّمان ليتجاوز الأنسان معه مرحلة الحيوانية(البشرية) ، و أنّ الله لم يترك الإنسان مهملا معطلا عن الأمر و النهى و الثواب و العقاب.
و هذه كليات ترفضها العلوم الإجتماعيّة ألغربية(1) رفضاً مطلقاً . هذا هو أصل الأختلاف في كل من العلوم الإجتماعية و الدين ، و من المعروف أن الأصل إذا اختل ، اختل الفرع من باب أولى . فالفرع مبنى على أصله يصح بصحته و يفسد بفساده ويتضح باتضاحه و يخفى بخفائه ، و الأصول منوط بعضها ببعض في التفريع عليها . و كل وصف في الأصل مثبوت في الفرع ولو وقع في بعض الأصول خلل لزم سريانه في جميعها.
من هنا بدأ الأشكال الكبير ، فآلعقل الأنساني الذي هو أساس العلوم الأجتماعية قد تمّ إستغلاله بدّقة و فاعلية لرسم طريق للأنسان بعد النهضة الأوربية آمن به المجتمع الغربي و إنتظمت بعد مئات السّنين أوضاعها و تجربتها و إستقرت على حال مُعيّن كما بيّنّا ملامحه بدقة في مباحث سابقة( 2 )، و بآلمقابل بدأ الدِّين ينتشر كأساس للحياة في الشرق بعد رسالة الأسلام ، لكن الذي حصل هو إختلاطه بأهواء الأنسان و مصالحه و شهوات الحاكمين و المدعين ، بعيداً عن الغيب و العقل معاً ، و لك أنْ تتصوّر مستقبل أمّة تعتمد على دين محرّف مزوّر و على شهوات و أهواء الحاكمين و المتنفذين بعيداً عن العقل!
فسبب هذا الوضع تدميراً شاملاً وصل حدّ ذبح الأخ لأخيه ، فشبت ألسنة النيران و إلتهبتْ في كلّ مكان و تغيّرت الأحوال و آلقلوب ، لذلك إستأسدت المجموعة الأقتصاديّة التي لا تبلغ عددها 350 شخصاً معلنة خطورة الأسلام و إمكانية تسرب حرائقه إلى كلّ دولة ، و إستمرارها كنظام و عقيدة يعني إنتهاء الحياة الأنسانية!
و لذلك نستنتج كواقع للحال و كتحصيل حاصل بأنّ المشكلة الأجتماعيّة في الشرق أعقد بكثير من المشكلة الأجتماعية في آلغرب, حيث نرى حدوث تطور نوعيّ في حياتهم المدنيّة لكن دون الحضارية بآلقياس مع حياة الشعوب في الشرق التي فسدت مدنياً و حضارياً, نستثني ألدّولة الأسلاميّة المعاصرة في إيران لكونها تتبع نظام و منهج أهل البيت في نظام حكمها.
و هكذا يُمكننا القول عموماً بأنّ بداية نهاية الحياة الأنسانيّة على الأرض قد بدأت بآلأفول ، فآلنّاس بات همّهم ألأوّل تأمين لقمة العيش لتغذية أبدانهم للبقاء أحياء على الأقل ! أمّا لماذا البقاء أحياء!؟ فهذا لم يعد بعد سؤآلا هامّاً بسبب تحطم روح و فكر الأنسان المعاصر و رؤيته للوجود و الحقوق و فلسفة الوجود, بل عدم وجود متسع من الوقت للتفكر في ذلك أساساً ؟
و تلك هي الحلقة المفقودة اليوم تماماً و التي كانت مفقودة من قبل أيضا إلى حدٍّ ما و لم تنفع شفاعة الحكماء و الفلاسفة و الأنبياء من علاجها او حتى التخفيف من وطأتها, بل كان هذا البشر يقتلون في اليوم الواحد عشرات الأنبياء الذين كان يرسلهم الله تعالى لهدايتهم و كما بيّنا في المقدمة!
ها هو 3/4 سكان العالم مؤمنون بآلغيب و آلأديان التى يقولون انها سماويّة ؟ حيث يحتج الليبراليون التابعين لأصحاب المنظمة الأقتصادية بقولهم:
تعالوا ننظر لشكل العالم تحت ظلّها - أي ظل الأديان - الآن:
حروب و مجاعات في افريقيا و آسيا خصوصاً بالرغم من ان بقية حكام الدّول مثل السعودية و الخليج و امريكا و اوروبا و أجهزتهم الأمنية و العسكرية يموتون من التخمة
تتحكم بشعوبنا الأسلامية حكومات دكتاتوريّة لا احد يستطيع الوقوف في وجهها!
فقر ؛ بطالة ؛ زنا ؛ دعارة ؛ تعصب ؛ انحطاط فكري ؛ انحطاط اخلاقي ؛ خباثة و لؤم و نفاق في المجتمع؛ فتن؛ ظلم؛ إستغلال!
و يتساءَلون بإصرار و دوام ؛ ماذا نفعتنا هذة الأديان؟ مع محاولة توحيد ألأعلام الأستكباريّ و الأقليمي و المحلي ضد الدولة الأسلامية و التغطية على مسارها و ما حقّقتها من إنجازات كي لا يهتدي العالم بهديها!
و يقولون ؛ أديان مليئة بالعنصريّة و الدّعوة للبغي و الفساد و إستغلال العوام بدرّ أموالهم و جعلها في حساباتهم و حسابات أبنائهم و ذبح الأبرياء و آلدّعارة و إستعباد الناس و ترسخ الدكتاتوريات, عبر دعم و تحريك الأقطاب السّلفية و الناس الأميين الجهلاء لقتل الناس و ذبحهم في سوريا و أفغانستان و العراق و غيرها لتكون دولاً غير مستقرة لترسيخ الهيمنة و صرف الأسلحة و إستنزاف الشعوب!
و بآلتالي ليؤكدوا صحة سؤآلهم : ماذا نفعتنا الأديان سابقاً ولاحقاً ؟
هل جعلت الأرض كلّها حدائق خضراء ؟
هل جعلت الارض كلّها ناطحات سحاب و عمران ؟
هل شجعت العلم و المعرفة ؟
هل اقامت العدل و نصفت المظلوم ؟
هل حققت الحرية و العدالة و المساواة ؟
هل نصرت الاخلاق و القيم ؟
هل نصرت الانسانية و قلصت عدد الفقراء؟
آلاف آلسّنين مضت على تلك الدّيانات و آلنتيجة كانت كما بينا أعلاه!
و يقولون : (أ لَمْ يحن الوقت لأصلاحها) ؟
بل (التخلص منها كلياً) وعدم مزجها بآلسياسة و الحياة الأجتماعية ؟
و آلسؤآل الذي يفرض نفسه بعد كلّ تلك الأسئلة الواقعية, هو:
هل الله تعالى لم يُوفق أو كان عاجزاً - حاشاه - لإنتقاء المنهج الذي يسعد البشرية ليأتي الأنسان ( المخلوق ) الضعيف بديلاً له و يضع منهجا وضعياً أفضل منه و كما يدّعون من خلال الواقع ؟
فأين أصل المشكلة و الخلل؟ و نحن نواجه هذه المصيبة الكبرى التي لا تضاهيها أية مصيبة أو مسألة أخرى ؟
هل ألمشكلة في آلرّسالات ألسّماوية .. أمْ في آلمدّعين لها:
مبدئياً و بإختصار أقول بأن المشكلة تكمن في الرسالة الأسلامية التي وصلتنا بجانب المدّعين أيضاً الذين شوّهوا بدورهم ملامح و أصول و غاية الرسالة الأسلامية بعد ما سخروه لأجل مصالحهم و مصالح أبنائهم و بناتهم و عوائهلم الخاصة!
فساد الخوف و الأضطراب و إنتشر الأرهاب و الظلم و آلفسق الباطني الذي هو أخطر و أعقد بكثير من الظاهري!
خوف يتحكم جيداً بحياة الإنسان و بحياة الحيوان و آلأشياء .. خوفٌ يلد مع الوليد منذ اللحظة الأولى و هو يصيح باكياً من هول المأساة, و لعله مصداق قول الله تعالى: (و لقد خلقنا الأنسان في كبد)!
خوفٌ و هواجس و إرهاب و مظالم سبّبت حرائق كبرى في أوساط البشريّة جمعاء في كلّ عصر و مصر!
و قد قيل لرجلٍ عاد لتوّه من أرض ألعراق مهبط الأنبياء و الرّسالات ألسّماوية : من ذا الذي يحكم في ألعراق ؟
قال : ألخوف و آلأرهاب هو الحاكم على كلّ شيئ في العراق ، و الله آلذي أخبرنا عنه رجال الدين بأنه شديد التسلط على عباده و بأنه يقهرهم و بأنه سيعذبهم يوم القيامة صارت وسيلة لهم كي نطيعهم بأسم الله الذي لا يموت و الذي لا تأخذه سنة و لا نوم و هو الأول و آلآخر لا حول و لا قوة لأحد في الوجود غيره ، و هذا ( الله) في حقيقة الأمر ما هو إلا وسيلة هنا إتخذها هؤلاء الكهنة الذين سموا أنفسهم بمراجع الدين لإرهابنا و إخضاعنا لتسلطهم على قلوبنا و عقولنا من أجل مصالحهم و مصالح أبنائهم و بناتهم في لندن و سويسرا و العواصم الأخرى!
مُدعين بأنّ ( الله) عن طريق أوليائه قد أعطاهم هذا الحقّ و إنّ تقليدهم عن طريق ( الرّسالة العملية ) الشخصية ، هي المجزية و آلمبرئة للذمة أمام الله يوم القيامة, و لا تبعات أخرى عليه!
وهنالك من الرّجال الذين بلغت بهم الجرأة و آلأنا و الهوان المخفي بهم حداً لا يطاق .. إذ قالوا؛ (بأنّ الله هو الذي أتى إليهم و دقّ بابهم و قال لهم؛ أنا الذي خلقت هذا الكون و أبدعته و هيا أذهبوا بسرعة و بلّغوا زوجاتكم و أبناء عمومتكم و جيرانكم)!
هذا هو كلّ الدِّين الذي وصلنا إلى أمد قريب و إلى يومنا هذا .. دين الخضوع و الأستكانة و التسليم و التقليد الأعمى أمام مدعين دهاة همهم إسر نفوس الناس بآلغيب لمصالحهم ، كما كان الوضع إبان القرون الوسطى في أوربا حين تحكمت الكنسية بآلناس بدعوى تسلطها الألهي الحق على العالمين ، حتى ثار الناس و بدأت النهضة الأوربية بعد ما ترك الناس الدين وتسلط الكنيسة لتنحصر الديانة في دويلة لا تتعدى مساحتها 40 كم 2 بإسم الفاتيكان في إيطاليا ليقرأ أصحاب المال و الشركات سورة الفاتحة على الدين المسيحي إلى الأبد.
و الحقيقة إن هؤلاء - أيّ رجال الدِّين المراجع التقليديون خصوصاً - بنوا الدِّين بشكلٍ عامّ على أساس (خوف الكثرة (العوام) و ذكاء القلّة ( الخواص )، فالأذكياء هم آيات الله المقدسون في هذا الكون ، و هم وحدهم من يعرف و ينشر الدِّين و ليس هذا من حقّ آلآخرين .. و لا أحد يساعدهم على ذلك سوى غباء و جهل الأكثرية من الناس الذين يتوهّمون بأنّ هذا هو الله قد دبّر كلّ شيء بغمضة عين و بأنّه قادر على هدم كلّ شيء بلمحة عين بعيداُ عن العلة و المعلول و آلأسباب و المسببات, بمعنى تعميم نظرية (المرجئة) لكن بمنهج يختلف عن الأمويين حين إستعبدوا الناس في زمانهم وحكموا سلطانهم ، هؤلاء الناس ينجرفون اليوم كآلحمير إلى هؤلاء الكهنة المراجع الذين يقودون السفينة إلى نهاية غير معروفة و فقط القلة ( المقدسة ) هي المستفيدة الرّسمية العملية من هذا الدِّين بآلمناسبة. أما قضاياهم المصيرية فلا عليهم إلّا تركها حتى يظهر صاحب الزمان و يحلها بطفرة عين و كفى الله المؤمنين شرّ القتال!!
أمّا بخصوص الأغلبيّة المسحوقة أو المضحوك عليها فهم أداة طيّعة بيد الأذكياء الكهنة المقدسون, و قد يموتون من أجل مصالح الأذكياء ( الخواص ) بل و يدافعون عن الأموال و آلأمتيازات التي يسرقها رجال الدّين بإسم شريعة الرّب و قدسيّة الدِّين!
زد على ذلك أنّ كلّ الأديان تدّعي بأنّها قادرة على تخليص الإنسان من عذابه في الوقت الذي يزداد فيه المعذبون في الأرض ، و دائما هنالك طبقة الكهنة و المشايخ مستفيدون من الجلبة التي تحدثها العامة من الناس حين يطلون برؤوسهم وبأفواههم من خلف الضوضاء ليدّعوا كذباً أنّهم رؤوا النّور من خلال ألعتمة!
ألمشكلة الأخرى هي: إنّ اللادينين لا يؤمنون بجواز إرسال الله رسلاً من البشر أنفسهم للبشر بطريقة سريّة غريبة مقتصرة على أحد الرسل أو الأنبياء لأن هذا يخالف بنظرهم عدالة الله تعالى!
و يعتقد اللادينيون أنّ الله لو أراد إرسال رسائل تحذير أو غيرها إلى بشر خلقهم هو بيديه فإنه سوف يفعل ذلك بطريقة علنيّة قطعية لا تقبل تأويل أو تحريف أو اختلافات أو حتى شك قيد أنمله!؟
و الأفتراض أو آلأشكال الثاني ؛ هو أن الله لو أراد من إرسال رسائل إلى البشر فيجب أن يكون ناقص العلم و الغيب و المشيئة ، أما إذا كان عالم بكلّ شيء و مدرك أنه لا هداية لبشر إلا بمشيئته هو .. فإن إرسال البشر أنفسهم للبشر لهدايتهم يعتبر مجرد مسخره و عبث لا طائل من وراءه ، فكلّ شخص معروف منذ الأزل لدى هذا الله أو الإله أنه سوف يهتدي أو لا يهتدي سلفا .. و لا يمكن للإنسان اتخاذ قرار في هذا الشأن يعارض به مشيئة الإله أو الله فما الداعي إذاً لإرسال ألرّسل إليه !
يقول المعترضون؛ (أنّ الله لو أراد إرسال رسائل إلى البشر ليلزمهم الحجة ... فلا بُدّ أنْ يفعل ذلك بطريقة لا تجعل للمتشكك طريقاً بعيدة عن السّرية ... أيّ دون الحاجة للإنتباذ مكانا شرقيا و لا الاختباء في غار أو كهف بعيدا عن أعين الناس .. لأنه لو فعل تصبح الحجة غير ملزمة لأنها لم تلزم الناس كافة بل اقتصرت على الشخص المعني)!
و ما يقصده اللادينين؛ (أن تكون آلرّسالة الإلهيّة الرّبانيّة أكثر وضوحا و شموليّة من وحي ينزل على إنسان واحد أو مجموعة دون العالمين .. و تحميله مهمة إيصالها لنا و ليس لديه على ذلك أيّ إثباتات إلّا حديثهُ هو نفسه أو حديث يصدر عن طريقه دون شهود عيان ... أ لا يستطيع هذا آلإله أنْ يتبع وسائل أفضل و أدق وأقوى لعقولنا لإبلاغ رسالته بحيث لا تكون معتمدة على إنسان واحد قد يكون نبي و قد يكون كذاب .. رسالة ضعيفة مغرقة في المحلية تتهددها تحريفات و إضافات و تحويرات و أكاذيب و تأويلات و فرق لا حصر لها و لا عدد)!
و يرى الملحدون أيضاً ؛ (أنّ الكارثة الكبرى في القرآن .... تكمن في قوله تعالى) : [ و إذْ أخذَ ربّكَ من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا بلى شهدنا أنْ تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين ...] ، حيث يدّعون بأنّ الحقيقة هي أنّهم نسوا تماماً هذه الشّهادة و لا يعرفوها و كأنّها لم تكن .. لذلك يستنتجدون؛ أنّ لا جدوى من هذا الإشهاد الذي نساه الشهود ؟
و بآلتالي يعتقدون بانّه: (تمّ إجبار جميع الشهود على نسيان ما شهدوا به .. و لو بقوا يتذكرونه لظلّ الكفار منهم على عصيانهم و كفرهم و إنكارهم سواء بسواء .. لكن إنكارهم حينذاك سيكون جحود حقيقي).
ثمّ يُضيفون بآلقول: (مع ذلك نجد أنّ هذا الله أو الإله مصمم و بكلّ قوة وعبر كهنته على اتباع وسائل بدائية صعبة الإثبات و ليست من العقل في شيء و حمالة أوجه .. و هذا عجيب, و يكون أعجبْ إذا علمنا أنّ هناك تجارب سابقة لذات الإله أثبتتْ فشل نفس الوسيلة ( تخصيص فرد بحمل رسالة جماعية ) في الحفاظ على الدّين .. فكم من رسول أرسله هذا الله للناس قبل نبي الإسلام ؟ و كم رسالة له تعرّضت للتحريف و الإخلال و النسيان و الحذف و الإضافة و التشويه)!؟
أسئلة كثيرة تتقارب مع المنطق و الأصول ما زال يُردّدها الملحدون و آلشكاكين عرضنا لكم أهمّها ، و سنجيب عليها بكلّ صراحة و رحابة صدر بحسب الأولويّة و الأهميّة ، و نتمنى من القُرّاء المثقفين تحمّل و وعي ذلك لأنّها تدخل في صلب رسالتنا و مستقبل البشرية جمعاء علنا نستطيع إطفاء الحرائق الملتهبة التي عصفت بآلبشرية ، لأنّ التهريب منها أو عدم الأجابة عليها بواقعيّة و علميّة و إستدلال يعني تكريس المحنة و الظلم و آلأستغلال و توسيع الحرائق بين البشريّة و العياذ بآلله, بل أعتقد بأنّ عدم الأجابة عليها يعني هزيمة الأديان أمام الألحاد, و إخفاء النار تحت آلرّماد لتكون بمثابة القنابل الموقوته التي قد تنفجر كلّ مرّة لتُدمّر معظم البشريّة على أيدي المتسلطين في المنظمة الأقتصادية العالمية!
و سنحاول بيان ذلك بإذن الله و بمعية العلم و الوسائل المتيسرة ، لأنّنا حقيقة أمام أسئلة مصيرية كبرى لا يمكن تجاوزها أو غضّ النظر عنها كما يفعل المُتشدقون الكهنة و مراجع الدين الذين همهم الأول و الأخير هو إستحمار الناس لمصالحهم ألضيفة و منذ قرون بل منذ آلاف السنين و إلى يومنا هذا و بإساليب شيطانيّة يصعب حتى على اللبيب من معرفتها بسهولة فكيف الناس العوام, كلّ ذلك بدعوى الحفاظ على قدسيّة الدّين و التظاهر به!
المسألة الأولى: يُمكننا الأستدلال على خطأ هذا المُدّعى بآية قرآنية تُبيّن لنا حقيقة و مكانة الرسول الكريم بآلقياس مع البشر العاديين و موقفهم من الله تعالى و بآلعكس؛ حيث يقول تعالى و كأنّه لسان حال النبيّ(ص) في سورة سبأ: [قل من يرزقكم من السموات و آلأرض, قل الله و إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين](3).
إذن نستنتج بوضوح: بأن الرسول الكريم(ص) الذي هو خاتم الأنبياء و سيد المرسلين وهو الأفضل قطعاً من جميع البشر بما فيهم الكهنة و المراجع؛ إذا كان حاله هو كحال العالمين .. ربما على هدى أو في ضلال - و حتى لو كان تعبيراً مجازياً لتقريب المعنى - فأنها دلالة على أن الله ينظر لعباده بعين المساواة و العدالة و الكناية أبلغ من التصريح كما يقولون!
إذن عدالة الله و اضحة و لا يرتقى لها أحداً أبداً, و لا طبقية و لا رهبانية و لا مستويات في الاسلام .. المعيار هو التقوى و العمل الصالح الذي وحده يُقرّر مكانة العبد عند الله, و هذا الأمر ينفرد به النظام الألهي فقط من دون جميع الأنظمة الأرضية الأخرى التي وضعت لنفسها مقايس بعيدةعن المعيار الألهي؛ مقايس التفاضل في الرزق و الحقوق و المناصب و المكانة و غيرها!
المسألة الثانية : حقيقة العلاقة بين الله تعالى و آلبشر:
هناك بعض الحقّ مع المدعين المخالفين بكون الله تعالى ليس كما قدّمه و عرّفه ( الكهنة ) و (المراجع) بكونه قوي و شديد العقاب و لا يرحم من يترك ركعة من الصّلاة أو يفعل حتى المكروه ، و على النّاس (العوام) كما يسمونهم طبقة الكهنة و المراجع تقليدهم, و ما إلى ذلك!
لقد أخفق المدّعون للدّين من بيان حقيقة الله للناس, بل خالفوا الحقيقة حين إظهروا صورة وحشيّة و قاسية لله تعالى حاشاه و كأنّه واقف و بيده آلسّيف ينتظر عباده يوم القيامة كي ينتقم و يقتص منهم مستدلين بتأويل آيات قرآنية و أحاديث معتبرة, بسبب التفسير التجزيئي لها و عدم إتباع التفسير الموضوعي لبيان حقيقة تلك الآيات و مرادها و أسباب إطلاقها أو تقيدها !
هذا الركود و آلتخلف .. بل آلأنحراف الفكريّ؛ أدّى لئن يتذمر الناس من الدين و آلأبتعاد عنه, و من الجانب آلآخر أدّى إلى تنمّر المفسدين بدعاوى وعناوين شتى كبديل للدين منها الملوكية أو الأشتراكية أو الديمقراطية أو آلتكنوقراطية و ما إلى ذلك من صيغ و نظريات وعقائد وضعية للتحكم من خلالها بحياة آلناس و التسلط عليهم , بل إن بعضهم و لأيهام الناس إدّعى بأنّ الدِّين طاهر و مقدس و السياسة نجسة فلا يمكن الخلط بينهما!
ألمسألة الثالثة: عدم إيمان اللادينين بجواز إرسال الله رسلا من البشر أنفسهم للبشر بطريقة سرية غريبة مقتصرة على أحد الرسل أو الأنبياء لأن هذا يخالف بنظرهم عدالة الله تعالى, الذي كان بإمكانه إرسال رسائل تحذير أو غيرها إلى بشر خلقهم هو بيديه فإنه سوف يفعل ذلك بطريقة علنية قطعية لا تقبل تأويل أو تحريف أو اختلافات أو حتى شك قيد أنمله, وكما وقع بآلفعل كل ذلك بسبب حصر الله تعالى للرسالة بخواص و منتخبين!
الجواب على الأشكال أعلاه: هو إن الله خَيّرَ العباد في الأنتخاب, و لم يفرض عليهم قانوناً معيناً, ولو كان فعل ذلك لقالوا أيضاً بأن الله دكتاتور و ظالم حاشاه لأنه فرض طريقاً واحداً له لا مناص منه, و أنه حجّم حركة الأنسان و لم يُخيّره بحسب إرادتهم ليختاروا الذي يريدون!؟
و هنا تتكامل من بعض الوجوه سبب خلق الله للبشر, و الذي تعرضنا له في البحث السابق, حيث يكون بحسب هذه الفلسفة مسألة وجود الجنة و النار حقّ و عدل, فآلذي آمن و عمل صالحاً له جناب النعيم بدون جبر أو تفويض, و آلعكس صحيح للذي يكفر بآلأيمان و العمل الصالح يكون مصيره النار!
بآلطبع, لم يفت الله تعالى الأشارة إلى طريقة إرسال الرسل و الأنبياء وبكونه كان يمكن أنْ يشمل جميع البشر بلا إستثناء, بحسب دعوى المشككين كما بيّنا, بقوله تعالى: [و لو شئنا لآتينا كل نفس هداها]!؟
لكن تحقق هذه الهداية في كل نفس و إستقامتها بتلك الطريقة تعني من باب تحصيل حاصل تعطيل مسألة الثواب و العقاب و الجنة و النار و حركة الأنسان, و بآلتالي لا يبقى فضلاً و سرّاً في مسألة خلق الله للعباد, و التي ترتكز أساساً على التنافس الشريف الحرّ للفوز بآلجنان المُحاطة بآلمكاره كلٌّ بحسب مستواه و عمله وجهده!
و بذلك فأن المنطق الحقّ هو عدم الجبر للعباد بإنتخاب طريق معيّن و كما يريده المعترضون لأنها تخالف مبادئ الحرية من آلأساس و تبطل في نفس الوقت مسألة الثواب و العقاب و التنافس الحر الشريف, و كذلك رفض مسألة التفويض بكون الأنسان حرّاً إلى ما لا نهاية بفعل ما يشاء فهذا أيضاً يعرض مسألة الخلق و الوجود لأسئلة مصيريّة قويّة أهمها؛ جعل الأرض غابة للحيوانات يتّجه فيه الناس بكل قدراتهم و مكرهم لكسب الذي يمكن كسبه بأيّ طريق كان ممّا يسبب إشاعة الظلم و الفواحش إلى أبعد الحدود بحيث يتعدى الحرائق التي نعيشها الآن بكثير!
لذلك فقد حصر الباري تعالى الأمر بين الأمرين, لا جبر و لا تفويض بل هو أمرٌ بين الأمرين, أي لا أحكام جبرية تحدد مسير الأنسان بلا إختيار , و لا تفويضية بإعطاء كام الحرية للأنسان لفعل ما يريد, بل العملية متداخلة بين الجبر و التفويض(4)!
ألمسألة الرابعة؛ بكون الله تعالى لو أراد من إرسال رسائل إلى البشر فيجب أن يكون ناقص العلم و الغيب و المشيئة ، أما إذا كان عالم بكلّ شيء و مدرك أنه لا هداية لبشر إلا بمشيئته هو .. فإنّ إرسال البشر أنفسهم للبشر لهدايتهم يعتبر مجرد مسخره و عبث لا طائل من وراءه ، فكلّ شخص معروف منذ الأزل لدى هذا الله أو الإله أنه سوف يهتدي أو لا يهتدي سلفا .. و لا يمكن للإنسان اتخاذ قرار في هذا الشأن يعارض به مشيئة الإله أو الله فما الداعي إذاً لإرسال ألرّسل إليه !
في الحقيقة الجواب يكتنفه السؤآل نفسه, من حيث أن القاعدة الألهية المعروفة (ابى الله تعالى أن يسير الأمور إلا بأسبابها) تأخذ دورها هنا, بكون الباري تعالى أراد إستخدام البشر أنفسهم لهداية البشر بتبليغ رسالة السماء عبر توحيد الله كأصل للأرتقاء و العمل, ففي تجربة عيسى (ع) الذي نصفه من الغيب - إن صحّ التعبير - نرى أن جمعاً كثيراً من البشرية ما زالت منحرفة و تعتقد بأن عيسى هو الله أو إبن الله أو حفيد الله و ما إلى ذلك, و لهذا إختار الله تعالى من البشر انفسهم ليكونوا براهين واضحة و أعلام للهداية وسط عباد الله تعالى.
ألمسألة الخامسة: (كون بطلان فلسفة الخلق لأن الله تعالى يعرف من الأزل بأنّ هذا البشر منهم من يهتدي و منهم من لا يهتدي)!؟
و جوابنا هو: لا تضرّ هذه المعرفة الألهية بسير العمليات التي بيّناها من خلال حريّة الأنسان في الأختيار, فتلك المعرفة تختص بآلله فوجودها أو عدمها بآلنسبة لنا لا تؤثر شيئاً, إنّما تؤشر لعظمة و عدم حدوديّة علم الله تعالى لا أكثر و لا اقل.
آلمسألة السادسة: (أنّ الله لو أراد إرسال رسائل إلى البشر ليلزمهم الحجة ... فلا بد أن يفعل ذلك بطريقة لا تجعل للمتشكك طريقاً بعيدة عن السّرية ... أيّ دون الحاجة للإنتباذ مكانا شرقيا و لا الاختباء في غار أو كهف بعيدا عن أعين الناس .. لأنه لو فعل تصبح الحجة غير ملزمة لأنها لم تلزم الناس كافة بل اقتصرت على الشخص المعني), فنقول:
محور عمليّة الجزاء و العقاب أو الهدى و الضلال أو الجنة و النّار في النهاية تنحصر في مسألة الأيمان بآلغيب, فعالم الشهود هو هذا الذي نعيشه و الغيب في الغيب يفوق تصورنا و إدراكنا, و ما وصلنا نحن البشر عن طريق ا لأنبياء أوالألهام أو الأشراق هي إشارات و أدلة للأيمان به و بمن يتحكم به, و المرسلون ليسوا كآلبشر العاديين 100% بل لهم بعض الخصوصيات و القدرات التي حصلوا عليها إمّا عن طريق المجاهدة و السعي والصبر بأنفسهم أو عن طريق لطفّ الله تعالى بحسب مشيئته أو ربما الأثنان معاً؛ لأن الأتصال بآلغيب(عالم الغيب) من جانب ثم الأتصال بآلبشر (عالم الشهود) من الجانب الآخر ليست بعملية هيّنة يستطيع الأتيان بها والثبات عليها من قبل كلّ البشر, لذا فلا بدّ من وجود من هو مؤهل لحمل تلك الأمانة الكبيرة و الكبيرة جداً!
يقول أحد العرفاء, و هو إقبال اللاهوري, تعجّبتُ على الرّسول الكريم(ص) كيف أنه عاد بعد ما وصل (قاب قوسين أو أدنى) من الرحمن في رحلة المعراج المعروفة؟
كيف سمح لنفسه ترك كل ذلك الجمال الألهي و آلعودة لعالم الشهود ألمليئ بالمآسي و القبائح مرّة أخرى!؟
فنور المحبوب و جماله و بإعتراف العرفاء جميعاً حين ينكشف للعاشق المتيم لا يسمح له بتركه أبداً!!
لكني أجبتهُ في بعض رسائلي بآلقول: ألعاشق ألحقيقيّ مطيع للمعشوق لا يُخالف له أمر, فنزوله بعد المعراج العظيم إنّما كان لتنفيذ و تبليغ أوامر الله تعالى لأنقاذ عباده من الجهل و الضياع و الحرائق, و هو إن دلّ على شيئ فأنما يدلّ على غاية الطاعة و الأمتثال و التضحية في طريق الله تعالى!
ألمسألة السّابعة: (أنْ تكون ألرّسالة الإلهيّة الرّبانيّة أكثر وضوحا و شموليّة من وحي ينزل على إنسان واحد أو مجموعة دون العالمين .. و تحميله مهمة إيصالها لنا و ليس لديه - أي الرسول - على ذلك أيّ إثباتات إلا حديثهُ هو نفسه أو حديث يصدر عن طريقه دون شهود عيان ... أ لا يستطيع هذا آلإله أنْ يتبع وسائل أفضل و أدق وأقوى لعقولنا لإبلاغ رسالته بحيث لا تكون معتمدة على إنسان واحد قد يكون نبي و قد يكون كذاب .. رسالة ضعيفة مغرقة في المحلية تتهددها تحريفات و إضافات و تحويرات و أكاذيب و تأويلات و فرق لا حصر لها و لا عدد)!
فهذا الأشكال ليس كما ورد؛ من حيث أن جميع الرسل جاؤوا بمعجزات عظيمة, فنبينا إبراهيم (ع) كانت معجزته أن جعل الله النار عليه برداً و سلاماً, و موسى كانت له عشرات المعجزات أشهرها (العصا) التي إنقلبت إلى أفعى حطمت كل مكائدهم و سحرهم الذي أتوا به, و معجزة عيسى كانت إشفاء المرضى الذين كان الأطباء يعجزون عليه, و هكذا حتى معجزة رسولنا الكريم التي كانت (القرآن) الذي عجز السابقون و اللاحقون من الأتيان بسورة من مثلها!
و آلأمر لا يتوقف عند هذا الحدّ .. بل إستمّرت المعجزات عن طريق الأئمة عليهم السلام حتى صاحب الزمان(ع) الذي هو قائم حيّ ينتظر الوعد الألهي ليقيم دولة العدل العالمية إن شاء الله.
و أخيراً قولهم: (أنّ الكارثة الكبرى في القرآن .... تكمن في قوله تعالى) : [ و إذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين](5) ، حيث يدّعون بأنّ الحقيقة هي أنّهم نسوا تماماً هذه الشهادة و لا يعرفوها و كأنّها لم تكن .. لذلك يستنتجدون؛ أنّ لا جدوى من هذا الإشهاد الذي نساه الشهود ؟
هذه الآية لا يمكن تفسيرها بحسب ظاهرها, لكونها تكتنف بعض الأسرار التي بحاجة إلى التفكيك و ربما فوق عقولنا, و هؤلاء الناس [... يُجادلون الله بغير علمٍ و لا هدىً و لا كتاب منير](6) و كل الذي أستطيع ألأجابة عليه هو:
إن البشر - أي بشر - يحبّ هذه الحياة, بل يتفانى في سبيل الحصول على ما يمكنه من لذائذها و مالها و منالها, من هنا يمكننا أن نستنبط بأن جميعهم يريدون .. بل يحبون هذه الحياة, و لا يرضون ببديل عنه, بل يرون الموت شيئاً قاهراً و مؤذياً لهم لأنهم يفارقونها, و لم أجد و لم أسمع من أحبّ الموت من آلعالمين سوى الأمام عليّ(ع) الذي صاح بأعلى صوته حين ضربه عبد الرحمن بن ملجم في محراب الشهادة قائلاً: [فزتُ وربّ الكعبة], فلماذا فاز الأمام عليّ(ع)؟
و بأيّ شيئ فاز؟
بينما كان يواجه الموت المحتم بسيفٍ مسموم و هو يصلي أمام الله تعالى؟
و ما هو السّر بكونه الأستثناء الوحيد في البشرية بموقفه هذا مقابل الموت؟
و كيف يمكن أن يكون لرئيس أكبر إمبراطورية في الأرض أنذاك أن يتمنى الموت مع الشوق!؟
و هل هناك أسرار علويّة غامضة جعلت حياته و منهجه في الحكم؛ النموذج الوحيد الذي تفرّد به في تطبيق العدالة الألهية في هذا الوجود وسط قوم ليس بقومه و وطن ليس بوطنه و عصر ليس بعصره كما يقول الفيلسوف جبران خليل جبران!؟
هذا ما سنطرحه في الحلقة القادمة تفصيلاً إن شاء الله علها تكون معلماً لخلاص آلبشرية من آلحرائق و آلتدمير,لأن المشكلة تنحصر في أن كل ذلك يحدث بإسم القانون و حقوق الأنسان و بإسم التطور و التقدم و الديمقراطية و المدنية و الحضارة!
إن منهج الأمام عليّ(ع) قد أختفى بين ركام التأريخ البشري الأسود حتى إعترفت به الأوساط العلمية و الأكاديمية الغربية مؤخراً بكونه آلأستثناء الوحيد للدلالة من خلاله على العدل و قد أهمله البشريّة بسبب ضياع الحقّ و قوّة الشيطان و تسلط المستكبرين من جنده على مقدارات الأمم بعد تخطيط و صراع يتصل جذوره بأصل الأنسان و ذاته, و ما حصل بعد وفاة الرسول(ص) خير دليل على ذلك من قبل طلاب السقيفة!؟
و سنبحث تفاصيل الموضوع في الزمن(الرابع) القادم إن شاء الله.
عزيز الخزرجي
(1) العلوم الأجتماعية رغم كونها من صلب إهتمامات القرآن و الفكر الاسلامي, إلا أن العلماء لم يعيروا لها أهمية بسبب جهلهم خصوصا من قبل التقليديون الذين أهملوا قيم المجتمع و أوضاعها الأجتماعية و السياسية بسبب منهجهم القديم الذي ما زال حاكماً في عقولهم حتى أبعدو عن الناس و لم يعد لهم أيّ دور في الوسط الأجتماعي و السياسي مما سبب تسلط المنحرفين على زمام الأمور بآلمقابل بعد أن أخلو الميدان لهم, و ليس هذا فقط .. بل لم تدخل العلوم الأجتماعية حتى إلى جامعاتنا الأكاديمية سوى في العقود الأخيرة, و لم تعطى لها الأهمية المطلوبة للأسف الشديد حتى يومنا هذا بسبب الجهل المتفشي في الأوساط, لكن الأمام الخامنئي دام ظله على البشرية قد أوجب دراسة هذا الجانب حتى درجة الأجتهاد و الدكتوراه في الحوزة لكونه من صلب الدين الأسلامي, و قد أشار لهذا الموضوع أيضاً الدكتور علي شريعتي!
(2) للمزيد راجع بحثنا الموسوم ب (مستقبلنا بين الدين و الديمقراطية).
(3) سورة سبأ / آية 24.
(4) للمزيد من التفاصيل الدقيقة حول مسألة الجبر والأختيار؛ راجع مباحثنا في : (أسفار في أسرار الوجود).
(5) سورة الأعراف / آية 172.
(6) سورة الحج / آية8.
التجمع من اجل الديمقراطية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.