عندما يطالب المواطن بالأمن والاستقرار قبل كل شيء , فلذلك ما يبرره , خاصة وهناك مخاوف حقيقة يعيشها ويشاهدها في الشارع وفي أكثر من مكان ,نتيجة الانفلات الأمني , وهيمنة الفوضاء من قبل المتعطشين للجريمة , والمستقوين بالسلاح . والمفروض - كما هو معمول في كل الدول - ان تكون الدولة حاضرة في ذهنك عند اعتراضك لأي طارئ إجرامي في الشارع أو المنزل أو مقر عملك أو محلك التجاري .. الخ , فأول ما يخطر على البال في مثل هذه الحالات هو الاتصال برقم الطوارئ في الجهة الأمنية , لطلب سرعة إنقاذك , لكن في بلادنا فالغالب ما يتم الاتصال بصديق أو أصدقاء – هذا اذا كان لك أصدقاء – يأتون بأسلحتهم , أو بقبيلتك – اذا كنت تنتمي إلى قبيلة – أو بمعاريف من وحدات أمنية أو عسكرية ليآزروك خارج عن النظام والقانون , وهناك من يستخدم مثل هؤلاء ليس فقط ضد المجرمين , بل واحيانا ضد الدولة نفسها , فقد يأتون بضع جنود للاطلاع على المشكلة , فيردوا على أعقابهم خائبين , وأحيانا تعمل العصابات المسلحة ضد القانون عندما يأتون إلى مراكز الشرطة لإخراج الجاني بقوة السلاح. نريد هذه الظواهر ان تختفي الآن , ونحن نقتفي اثر الدولة التي يجب ان نعمل على تعزيز دورها والإحساس بوجودها في حياتنا ,ونثق بقدرتها على حمايتنا , لنعيش دون خوف من احد أو من جماعة , ونأتمن من خلالها على أموالنا وأعراضنا , لنتحرك وننام بحرية واطمئنان . والتركيز على حضور الدولة من خلال تفعيل أرقام الطوارئ وخاصة الأمنية ,للتصدي لظاهرة إطلاق الرصاص , والاشتباكات المسلحة في المدن , وتجول المسلحين في الشوارع , فمواجهة ذلك يعد بمثابة الخطوة الأولى لاستعادة هيبة الدولة , بعد ان تفشت الفوضى في تصرفات عديدة أخطرها ما يتعلق بحياة المواطن , وانتهاك حقوقه , العامة والخاصة , رغم ان هناك أرقام طوارئ بجهات أخرى لا تقل أهمية عن الطوارئ الأمنية , مثل طوارئ الحريق , والإسعافات , والسرقات , والحفر العشوائي للمياه الجوفية , أو حدوث تلوث للمياه , وحوادث الكهرباء ,والسير ... الخ . ففي الكثير من بلدان العالم هناك في شبكة الهاتف العامة رقم معروف للصغير قبل الكبير , والرجل والمرأة , يسمح للناس بالاتصال بخدمات الطوارئ المحلية لطلب المساعدة ، وهو عادة ما يكون مكون من ثلاثة أرقام بحيث يمكن تذكره بسهولة وليتم الاتصال بأقصى سرعة ممكنة , نريد ان يكون مثل ذلك في بلادنا , من خلال تفعيل كل منظومات الطوارئ , وهذه مهمة نأمل ان يركز عليها الأخ وزير الداخلية . نحن بحاجة إلى ان يدشن هذا العمل بورش عمل ومحاضرات وندوات , وتحرك على مستوى المدارس والتجمعات السكانية ,وعقال الحارات وإلى حملات مكثفة في كل المحافظات لإرشاد المواطن كيف يحفظ وكيف يستخدم أرقام الطوارئ عند الحاجة , والمهم في الأمر هو الاستعداد الفوري للاستجابة عند الاتصال من قبل الأجهزة المختصة , والحسم الذي يؤكد ان النظام والقانون فوق الجميع , هذا هو المحك العملي والفعلي لمصداقية الدولة , وكسب ثقة المواطن بها . [email protected] "الثورة"