"لو دامت لغيرك ما وصلت اليك"؛ سنة ماضية ما دامت الحياة. اعتقدت فئة ان الحكم حق حصري وأنه تشريف لا تكليف؛ بدعوى الانتماءات الضيقة. وترسبت هذه القناعة اللامتناسقة مع سنة التداول في وجدان هذه العصبة التي مضت تحكم الناس من منطلق الوصاية والتبعية مع حرصها احيانا على تجميل وجهها بمساحيق سرعان ما تنمحي، فأخذت من كل منطقة شاب لكن ليس بالفتي لتواري وجهها القبيح وبذلك يتفرق دم المواطنة المتساوية والتوزيع العادل للسلطة والثروة بين المناطق فلا يقوى دعاة وانصار المدنية على مجابهتها.... مع ان قانون التداول واضح لا يمارى ومتين لا يجارى، غير ان تلك العصبة ابت الا ان تناصبها العداء، فأثارت النعرات والهبت العصبيات وبثت الفوضى وأيقظت الفتن ولجأت الى عقد تحالف مشؤوم لا يرى الا بعدسة الانتماء الطائفي، ودقت طبول الحرب ومضت تسقط المنطقة تلو المنطقة وتزيح الخصم تلو الآخر بحجج واهية وذرائع زائفة كلها تدغدغ مشاعر المواطنين بلا مواطنة والرعية بلا رعاية، مغتنمة تحولات تشهدها المنطقة باسم محاربة التشدد ومكافحة الارهاب ومجابهة الدعشنة في حين انها لم تكن من التطرف والغلو ببعيد ولا من الدعشنة والارهاب ببريء. هدمت الدار على رؤوس اهله واتهمت اهل الدار فوق ذلك بخراب دارهم وخولت نفسها القصاص لهم منهم. لكن قانون التداول أبى الا ان يتدخل، فكانت القواصف والعواصف التي رغم مرارتها وقساوتها مثلت لكثيرين طوق النجاة وسدا منيعا امام بطش اعمش وتنكيل أعمى يتجاوز الحدود والاعراف ويجافي الصواب كليا حتى بات المواطن امام اللاخيارات، والهبت من فوقه السماء واحرقت من تحته الارض واطبق عليه الظلام و تملكه الروع وبات غير آمن في سربه ومهدد في قوته وبدنه، والخصوم يمنعهم الفجور في الخصومة من الالتفات اليه والى معاناته وباتوا من القسوة بحيث لا انين الاطفال ولا صراخ الامهات ولا عويل الثكالى ولا نوح النائحات يحرك فيهم ساكنا أو يهز لهم رمشا. حتى السماء التي يلجأ اليها لا يرتد منها بصره الا بشهب ملتهبة او قذائف مرتدة او ادخنة ممتدة. الهلاك لكل قدسية غير الله وعصمة غير الانبياء. الحياة للإنسان والحيوان!