لم تكن تعز داعية حربٍ أو قاتلة، ولم تكن جرارة وطنية يمكن امتطائها في حال غياب بائعات الهوى اللواتي تكاثرن في الأونة الأخيرة، كما أنها لم تكُ مركز تصدير للقتلة وتجار الوطنية المراهقين، لكنها وبقدر ما كانت وماتزال منارة هدى وتثوير وتعليم ومدرسة للوطنية بشقيها الشمالي والجنوبي فإنها لم تؤمن عبر تاريخها إلا بنبوءتها وعزتها وكرامتها ومجدها ويمنيتها ، وماتزال تلفُظ شواذها وتُصفي مدنيتها من القذارات الطارئة كم يُصَفّى الثوب الأبيض من الدنس. واليوم وحين امتشقت تعز سيف وعزتها و شموخها دفاعاً عن هويتها اليمنية والمدنية الخالدة ووقف أبناءها طوداً عتيداً أمام أقذر همجية بربرية عرفها التاريخ الإنساني أرادت أن تمحي هويتها وسلميتها ونضالها وعنفوانها من الوجود، ينبري العديد من المتبيختون حد وصف الزميل غمدان اليوسفي بإقلامهم المتصيحفة والنتنة للتشكيك بالمفهوم الأخلاقي والقيمي الذي أكسبته تعز ليمنيتها، وبدأوا بشن أشرس حملة كراهية ضدها، حملةً لا تخلو من الطائفية والمناطقية والمذهبية بدواعي أكثر تفاهة من ذي قبل، أقلَّها إثبات الولاء لمن أراقوا دماء اليمنيين في سبيل تعميد انتمائهم لآل البيت الذين لم يؤكدوا حتى الآن سوى انتماءهم لآل البيت الفارسي لا أكثر ولا أقل. آخر المتبيختون لبس شرشف هيفاء الرحبي وتقيأ كثيراً حتى وصل بنتانته مرحلة ما بعد الغثيان إلى مرحلة قضاء الحاجة من فمه على الورق لكنه مثَّل نموذجاً واضحاً للسياسة القادمة التي انتهجتها جماعة صالح – الحوثي لإدارة البلد خلال المرحلة القادمة، والتي أكدت أن المؤتمر العام الذي تم إعادة طبخه لينضج حوثياً خالصاً منذ العام 2011م وحتى الآن يريد من كل هذا الدمار الممنهج الذي يغتال اليمنيين ويفتك الحرث والنسل أن يعيد سلطته القبيحة ولو كلفه الأمر أنهاراً من دماء اليمنيين مستخدماَ في سبيل ذلك أقذر الوسائل وحشية في تاريخ اليمنيين. المتبيخت الحديث لم يترك لهيفاء المزعومة فرصةً للتعبير عن أنوثتها الحربية المتسقة مع الإسم لكنه جرها مع ما ظنه تاريخاً إلى مستنقعٍ لا يليق إلا به وبمن يراهم زعماءه وقواد خلاصه، وانتقل تحت تأثير الصمود الأسطوري لأبناء تعز في الدفاع عن هويتهم ومدنيتهم إلى مزاعم الوهم التاريخي للبطولات الزائفة التي سردها تأكيداً لأحقيتهم في القتل والتلذذ بإراقة الدماء دون أن يعي أن التفاخر بالقتل ليس رجولة يمكنه التشبث بها بقدر ما هي لحظة عجزٍ ووهن استمنى بهرجها وظنها صائبة ليعبر من خلالها إلى الكراهية الكامنة في صدره وصدور أمثاله تجاه تعز وعدن وإب والحديدة وغيرها من المدن اليمنية. في المقال لاشيء يبدو ملفتاً أكثر من الدعارة الفكرية التي دفعت بها جماعة صالح – الحوثي بكاتبه إلى إخراجها للناس ليروا الدوافع الحقيقية التي دفعت بمثل هؤلاء إلى استباحة المدن اليمنية وتدميرها وإهلاك الحرث والنسل في سبيل تحقيقها. شخصياً أستطيع تقديم الشكر لمثل هكذا جماعة بكونها على الأقل لم تتمكن من الانتظار كثيراً وأخرجت كل قاذوراتها إلى الملأ دفعة واحدة، أما التطاول على تعز وغيرها من المدن اليمنية فمَرَدَّه أسباب كثيرة أبرزها أن فاقد الشيء لا يعطيه. تحية لتعز عبد الفتاح إسماعيل، تعز عبد الله الحكيمي، تعز عبد الله سلام ناجي ، تعز أحمد محمد نعمان ، تعز القرشي عبد الرحيم سلام، تعز الفضول ، تعز عبد الرقيب الحربي ، تعز عبد الرقيب عبد الوهاب، تعز الوحش، تعز إبليس، تعز مازن البذيجي، تعز أشرف المذحجي، تعز إلى آخر قائمة التنوير والثورة، تعز التي شكلت وجه اليمن المشرق مذ كنتم في الكهوف غير جاهزين لأن تحبوا اليمن. · القاهرة