الوضع اليمني بلغ من التعقيد ما يجعل البلاد امام معضلة غير قابلة للحل إلا بانتصار المقاومة وردع الانقلاب وصولا إلى اسقاطة بشكل تام، وهذا يقتضي بالضرورة محاسبة القيادات التي أسهمت وشاركت في تفجير العملية السياسية وأنهائها عبر انقلاب قادته الميليشيات وقوى الفساد في منظومة الجيش والأمن وعصبيات منفلتة بلا مشروع ولا رؤية وطنية وأدى الأمر الى فرض سلطة الميليشيا على الدولة والتعامل مع مؤسساتها كأذرع لتحقيق مشروعها الايديولوجي المناهض لكل ما اتفق عليه أبناء اليمن ونفيا للثورات اليمنية وعودة إلى سطوة الكهنوت الديني والعصبوي عبر أيدولوجية هشة تستند على التعبئة الطائفية والمناطقية ويسير الامر باتجاه هيمنة أقلية عرقية على مربعات السلطة في اليمن واستتباع الباقي باعتبار ذلك طريق الحق ونصرة للاسلام الذي لن يتحقق ما لم يكن هناك ولاية دينية شمولية للعائلة الحوثية. قوى الانقلاب لا تفهم أنه لا يمكن لمجتمع ان ينهض بنفي تجربته وكل خياراته وحصرها في نظرية دينية سياسية خرجت من ريف صعدة وهي منطقة معزولة عن العالم وتبحث عن دولة ومجتمع تابعة لسيد يدعي أنه من يمثل الألوهية في الارض استنادا على افكار طوطمية تقدس عرق وتحاصر رسالة أنسانية في خدمته. ولن يفهم جناحي الانقلاب أنه لا يمكن لخلية أمنية تابعة لولي الفقيه أن تفرض سطوتها على شعب بحجم اليمن له هويته التاريخية والحضارية المتميزة عن نظرية ولاية الفقيه وطموحاتها الدينية ناهيك ان مصالحه تتعارض جذرية مع أي تبعية لايران ولمجاله الحضاري للشعب اليمني مغاير للاطروحات الحوثية بتفاصيلها التي حددتها ملازم حسين الحوثي واطروحات الخطاب الحوثي بتطوراته الثورجية المقاتلة والمستندة على القوة العارية والاعلام الفاشي الذي يحاول ان يشرعن لنفسه باعتباره الصورة الانقى المعبرة عن الهوية اليمنية. لا خيار أمامنا إلا السير في طريق المقاومة الشاملة لانهاء المشروع الانقلابي واسقاطة ومحاسبة قياداته والسعى بكل الممكنات لتفكيك الميليشيات والمشروع الايدولوجي الفاشي للحركة الحوثية، فقد أثبتت الاحداث ان الاصولية الدينية الحوثية قوة هدم وتخريب دائم في مجالنا الوطني والمساومة معها وعقد الصفقات غير ممكن ولا خيار أمامنا إلا بإعادة الاعتبار للدولة وفرض هيبتها وإعادة بنائها باعتبار ذلك قوة الردع التي ستمكنا من ملاحقة الفتن التي يتم بعثها عبر تمرد لا يريد ان يهجع أو يستقر، وبدون استعادة الدولة وفرض هيبتها لا يمكننا ان ننجز أي تغيير ولا تخليق سلام يمكن مختلف القوى التي تعبر عن هويتنا اليمنية من التعايش. المشكلة اليوم ان الميليشيا الحوثية ونزعتها الاصولية بكافة تكويناتها تعمل على تفجير هويتنا الوطنية وتدير حرب مدمرة ضد الدولة والمجتمع وتعاني مؤسسات الدولة من ضعف قاتل بعد ان تم تحويلها بالقسر والقهر الميليشاوي وعبر تحالفات مافيا الفساد إلى أذرع تخدم تنظيم أصولي فاشي وهذا الامر يفرض الاستمرار في بناء الأطر المقاومة في كافة المجالات حتى نتمكن من ضبط التغيير دون حدوث هزات عنيفة تفكك المجتمع وهويته الوطنية وتقود إلى أنهيار الدولة. ولم يعد من خيار أمام القوى الشعبية المقاومة مهما بلغت تناقضاتها إلا ان تلملم وجودها في مجلس وطني جامع للمقاومة الشعبية أو جبهة وطنية للمقاومة كبداية لبناء الكتلة التاريخية للانقاذ الوطني فهذا التحدي الكبير والمصيري الذي فرضته حركة ريفية ارهابية على الدولة والمجتمع يتطلب إعادة بناء التناقضات ومغادرة الآليات المتخلفة والادوات التقليدية المعتادة في إدارة التناقضات السياسية والانتقال الى مرحلة جديدة تضبط النزاعات والرؤى والفلسفة المتحكمة بالصراع السياسي والاجتماعي حتى نتمكن من الخروج من هذه الجائحة التي تدمر وجودنا الوطني. أننا نواجه تمرد عنيف لا يرى الشعب إلا أداة لخدمة نظرية دينية هشة وساذجة بدائية متخلفة تعتمد على عبادة ارواح الاسلاف عبر السياسة والدين بطريقة طوطمية ما قبل حضارية وتسعى بكل القوة والخداع والتمويه والمناورات والمراوغات على ابتلاع الدولة في آلة قهرية عنيفة والتخطيط لانهيار شامل لإخضاع المجتمع بكافة تكويناته ومؤسساته لحكم مليشيات ترى نفسها هي ممثل الله والدولة والمجتمع والدين والباقي اغنام في مزرعة الكاهن الجديد الذي يمثل الاسلاف وروحهم الطوطمية. قد تبدو الحوثية في صورتها المتحركة وهي تمارس السياسة بالعنف وبالادوات الناعمة أنها تكوين بالامكان التعامل معه ودمجة في تركيبتنا الوطنية باعتباره يمثل كتلة سكانية هي جزء لا يتجزأ من التركيبة الوطنية وهذه الصورة التي يتم تسويقها غير صحيح فالحوثية ليست إلا خلية تحكمها الاوهام والتعالي واحتقار اليمن والعرب وتديرها مصالح أقلية أنانية في الداخل زتجتاح الوطن وتضرب البنية الزيدية في الصميم وتعمل على تمييع البعد الحضاري للقبيلة اليمنية وتعيد صياغتها بالتوحش والاستعباد لخلية تم تكوينها لتدمير ودودنا الوطني والدفع بالكتلة السكانية القبلية لإدارة حروب انتحارية عبثية تحركها أوهام جماعة مغلة تديرها منظومة أمنية تابعة لولي الفقيه الايراني. وما يقوي من الخيارات العدمية للحوثية تجاهل القوى الفاعلة في المجتمع وصمتها وغبائها في فهم الواقع ومشاكله وهجزها عن استيعاب حاجات الناس الفعلية وعدم استيعاب وعدم قدرة البعض على استيعاب طبيعة المعركة الحارية وضرورة تجميع كتلة المقاومة كخيار وحيد لتجاوز هذا الانهيار الشامل الذي فرضه الانقلاب الحوثي على كل شيء في بلادنا، ناهيك عن العجز الذي تبديه الكتلة الوطنية في الهضبة الشمالية من فرض وجودها وإعادة قراءة المشهد الذي وصلنا إليه فهي واقعة في لعبة خبيثة تديرها مافيا الفساد وخيالات الحوثة وهذا الامر مكن الحوثية ومن معها من استغلال الاخطاء بانتهازية وسهل لها تحريك غرائز الجهل والتخلف. وما يعقد الصراع مع الحوثية ويضعف الحركة الشعبية المقاومة ويعاظم من قوة الحوثي ان بعض الاطراف مراهنة على مكاسب آنية انانية، باستغلال ضغوط الحركة الحوثية وتدعيم قصورها متجاهلة هذه الاطراف مكاسبها المستقبلية ما لو ضبطت نفسها وركزت على تقوية الدولة وبناء شرعية التوافقات الايجابية. لا خيار أمامنا اليوم إلا التكتل وإعادة بناء شتات الحركة الوطنية اليمنية عبر لحمة جديدة في مجلس وطني للمقاومة الشعبية، وهذه الجبهة لابد ان يكون مجالا مفتوحا للجميع بالا استثناء مشروعها يتم بنائه استنادا على تجربة الحركة الوطنية وعلى مخرجات الحوار والقيم والمبادئ التي رسمتها ثورتي سبتمبر واكتوبر واكتمالهما التي حددتها الانتفاضة الشبابية وايضا الخيارات الجديدة التي ستفرضها الحركة الشعبية المقاومة.