سري للغاية : فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي سمعنا أن (عدن) ستكون عاصمة اليمن لمدة خمس سنوات قادمة. إلى هنا والأمر بدا وكأنه مجرد تسليم مفتاح.. وهو ما يبعد بعيداً بعيداً عن الواقع الذي تعيشه عدن (كعاصمة اقتصادية) ناهيك عن (عاصمة دولة). لعلكم تدركون فخامتكم أن كل دعائم إقتصاد عدن دمروها ميناءها العريق حولوه إلى ميناء للتهريب الرسمي بكل أشكاله واضراره .. مصفاتها الشهيرة شاخت وبالكاد أبقوها على قدر ما تقدر عليه من جباية. ما اشتهرت به عدن من مخزون إقتصادي من الأسماك تقاسموه بين الشيخ والفندم والعقيد. وعشرات الألوف من الموظفين الجنوبيين طردوهم من أعمالهم في ضربة قاسمة لإقتصاد عدن. عدن أبقوها فقط للجباية إيرادها اليومي من كافة مؤسساتها يُرحل إلى صنعاء أول بأول. عدن صارت مخنوقة (إقتصادياً واجتماعياً وخدمياً وأمنياً) ضاعت كهرباء وأنقطعت مياه وتكسرت مجاري ونُهبت وظائف وأراضي وبحار وثروات ومؤسسات وعقود وتوكيلات واختنق الناس وتعطل شباب وتحطم جيل وضاعت هوية وأضحت عدن مجرد (قناة ثانية) شعارها جنبية الإمام وكل هذا بفعل فاعل. هكذا هم أرادوا عدن.. من إسم وتاريخ ومجد وشُهرة إلى مجرد (قناة ثانية) لا إسم لها ولا عنوان.. فكيف لها أن تكون (عاصمة) ؟ هذا غيض من فيض يعلمها القاصي والداني.. وقد أُشير إلى بعضها فيما عُرف بالنقاط (20 + 11) وهي النقاط التي خرج بها مؤتمر الحوار لمعالجة القضية الجنوبية ومظالمها فما عرفنا من معالجة غير حرب عدوانية مدمرة قاومها شعب الجنوب وصفق لها آخرون من وراء الكواليس. فخامة الرئيس في عام 1990 رجل من الجنوب (لا نتذكر اسمه) ضحى بشعب الجنوب من أجل الوحدة فتحولت عدن من (عاصمة دولة) إلى (عاصمة اقتصادية). عام 1994م رجل آخر من الجنوب (لا نعرف اسمه) ضحى برجاله من أجل الوحدة فتحولت عدن من (عاصمة اقتصادية) إلى (قريتنا الجميلة). عام 2015 نفس الرجل الذي (لا نعرف اسمه) ضحى بأسرته من أجل الوحدة فتحولت عدن من (قريتنا الجميلة) إلى (منطقة منكوبة وموبوءة) . وعدن التي عرفتها قبل 25 سنة ذُبحوها مثلما تُدبح حمامة بألف سكين.. كلها راحت وأضحت اليوم مدينة منكوبة موبوءة لا تصلح للعيش الآدمي.
اتركوا عدن لأهلها لا ترموها عاصمة لمنظومة فاسدة تاريخها الهيمنة والتسلُط ولا ترموها عاصمة للجباية والفيد ولا تجعلوها مسرحاً للصراعات والأطماع ، يكفي ما فعلوه بها في بنيتها التحتية ومؤسساتها ومكانتها وإمكاناتها الإقتصادية والإجتماعية والخدمية وفي بنيتها التعليمية والثقافية وما أصاب شبابها بالبطاله وجيلها بالضياع وما أصاب نظامها الإداري ووعيها القانوني بمقتل وأصابها كلها حتى لم يعد فيها مكاناً آخر للإصابة. وما شكى أهل الجنوب من وجع إلاَ قالوا خطيئة. وما طالبوا بحق إلاَ وهم مناطقيون وإن هم رفعوا من ظُلم صوتاً قالوا حراكيش. أما إن قالوا إنفصال فقد قالوا كُفرا.. فماذا عساهم يقولون وقد سُلبت حقوق وضاع وطن. وأكثر من ذلك.. عندما استضافت عدن رئيس البلاد أغرقوها بدماء أبناءها وعندما استغاثت عدن بجيش الشرعية قالوا اتركوهم لأنهم باينفصلوا.. هكذا هم يقايضون أطماعهم بدماء الناس. وكادت تكون الكارثة لولا عناية الله ثم نصرة أشقاءنا العرب.. عزاء أهل الجنوب اليوم أنه بات في أيادي ملوك وشيوخ أشقاء ولن يخذلوه بإذن الله. عُذراً فخامة الرئيس دعوا عدن تعيش بسلام دعوها لأهلها.. يكفيها ذكريات ماضيها ايام كان أريجها يملأ الدنيا تعايش ومدنية ورخاء وأمن وسلام. وإن تقدروا على فعل شيء أنصفوا أهلها بوظيفة شريفة ولقمة نظيفة وأمن افتقدوه.. ولو بخلسة من الجنرال. ودمتم.