على الأغلب أننا سنكون نهاية الشهر الجاري ديسمبر 2016م على موعد مع قراءة العدد الأخير من جريدة ” السفير ” البيروتية .. الصحيفة التي عرفناها بشعار “صوت الذين لا صوت لهم” . والمعروفة ب “جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان” . إذ يبدو أن ناشرها الصحافي الكبير الأستاذ طلال سلمان قرر أن تترجل “السفير” بعد أن فشلت محاولات حثيثة لبقائها مقاومة بين مجموعة الصحف الورقية التي باتت مهددة في كينتوتها في ظل هيمنة الإعلام المرئي والإلكتروني ومواقع التواصل حول العالم ما عدا تلك الصحف التي تدور في فلك بعض المحاور الإقليمية والدولية وتتغذى على سياساتها وتصب في مصالحها دون اكتراث للوعي ودور الكلمة في تصحيحه أو تزييفه . ناشر الصحيفة ومؤسسها الأستاذ طلال سلمان، أبلغ العاملين إن الصحيفة تواجه ظروفا صعبة “فاقمتها التحديات السياسية والاقتصادية”، وتعهد بإبلاغ الصحفيين بكل تطور جديد فور التوصل إلى قرار بشأنه.. معرباً عن أسفه أن تغادر السفير عشية العيد الثالث والأربعين لإطلاقها في قلب الصعوبة .. فضلاً عن تبدل أحوال الوطن العربي نحو الأسوأ . والحق يقال .. إن الصعوبة التي دخلت (السفير) منها إلى الوجدان اللبناني والعربي كانت تاريخاً من النضال والتضحية والتحدي والمقاومة بمعينه القومي العروبي حيث شكلت فوهة مدفع في وجه الكيان الصهيوني واجتياح جيشه لبيروت 1982م حينما افترش اللبنانيون من مختلف طوائفهم شارع الحمراء والتحفوا جريدة السفير. و في كل ما واجه لبنان والوطن العربي من حروب وأزمات وكوارث كانت “السفير” المترجم الأمثل لتطلعات الشعب من المحيط إلى الخليج . كانت لسان المستضعفين ورسالتهم العتيدة ، وفي حضرتها وحضرة كوكبة من كتابها الرواد تواضع كل سفراء العالم. أنا وأبناء جيلي لم نشهد تايخ ولادة (السفير) ،ولكننا عندما تعلمنا الأبجدية ورأينا النور الصحفي كان برتبة (سفير) وكان بحلة زاهد وبمضمون عالم وبأفق حالم وبإرادة صنديد ، ويؤسفنا أن نشهد وداعها ووداع دورها العظيم الذي سنفتقده ونحن أحوج ما نكون أيضاً إلى استرداد علاقتنا بالورق والقلم ورائحتهما التي تمغنطت في مذبح “كيبورد” . لعل “السفير” وقد اجتازت سن النبوة واستكملت معارجها تضع إرشيفها العريق على أستار عالم غارق في الإسلام والكفر ولمّا يتبين طريق التنوير ريثما نصحو من صدمة الوداع . !!! "راي اليوم" لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet