للخطاب الديني أهمية كبيرة جداً لما له من تأثير في المجتمع من تحصين للفكر وغرس للقيم وحفاظاً على الاخلاق وتقوية جوانب الخير ومحاربة جوانب الشر. الافكار المنحرفة التي غزت المجتمع وأثرت فيه بشكل سلبي اليوم هي افكار جاءت تحمل في ظاهرها المظهر الديني وفي باطنها التشويه للاسلام والدين ونخره من داخله كفكر الارهاب والفكر الرافضي ، وهذه الافكار المنحرفة لن يحاربها الخطاب الاعلامي السياسي والاخباري ، ولن تحاربها الثقافات الغربية كالعلمانية وغيرها ، إنما يحاربها الخطاب الديني المستمد من فكر الدين الاسلامي الحنيف. الفكر المتطرف والارهابي ذو طابع الكراهية والحقد والانتقام والدموية ، لن يحاربه إلا الفكر الاسلامي الصائب والصحيح و المتوسط والمعتدل فالاسلام دين السلام والرحمة والتسامح وصون الحقوق وتعظيم حرمة الدماء والأعراض. الفكر الرافضي المنحرف ذو طابع التفريق والتمييز والاقصاء والاحتقار وسلب الحقوق واباحة كرامات الغير ، لن يحاربه إلا فكر الاسلام ذو العقيدة الصحيحة والسنة النبوية فالاسلام دين مساواة وعدالة جعل الكرامة على اساس معيار ديني وليس على أساس معيار عرقي. أمران يجب ان نفهمها لكي نواجه الافكار المنحرفة المتشدقة باسم الدين. الأمر الاول : ان الاسلام ليس تشدداً وافعالاً ، بل هو يسراً وانفتاحاً واخلاقاً وتعاملاً وسلوكاً . الامر الثاني : ان الاسلام ليس حكراً ، بل هو شمولاً ، فالجميع مسلمون ، والجميع لابد ان يكون لهم نصيب من الخطاب الديني الذي يحارب الافكار المنحرفة التي غزت المجتمع باسم الدين. لكي يقوم الخطاب الديني اليوم بدوره في المجتمع ، فإنه يحتاج إلى جانبين . جانب توحد الخطاب ، وجانب تواجد الخطاب. 1- توحد الخطاب الديني : سبب انتشار الفكر المنحرف في المجتمع يعود إلى عدم وجود خطاب ديني موحد شامل ، انشغال الخطاب الديني بالخلافيات سعى نحو ايجاد فرقة وعزلة وخلافات بين ابناء المجتمع مما سهل للافكار المنحرفة ان تجد لها مكاناً واستطاعت ان يكون لها تأثيراً . والمفروض اليوم ان يتوحد الخطاب الديني ، ويتجه نحو الاساسيات والمبادئ ويركز على محاربة الافكار المنحرفة كفكر الارهاب والفكر المتطرف المنبعث من بلاد فارس . العلماء والدعاة والمرشدون بمختلف تياراتهم الدينية المحسوبة على السنة ، يجب ان يكون لهم ميثاق شرف يجمعهم على وحدة صفهم والتركيز على الجانب الاهم والعمل بحسب الاساسيات وترك الخلافيات. يجب ان يكون هناك مؤتمرات منعقدة بشكل دوري للعلماء والدعاة وطرح القضايا المهمة للأمة ومناقشتها ووضع آليات ووسائل لتوحيد الخطاب الديني بخصوصها .
2- تواجد الخطاب الديني: يعاني الخطاب الديني اليوم من عزلة وحصر في زاوية معينة ، اي انه لم يكن موجوداً في المجتمع بالشكل المطلوب ، والسبب يعود إلى ان الخطاب الديني لم يواكب العصر الذي يعيشه المجتمع. الفهم المغلوط هو الذي جعلنا نعتقد ان الخطاب الديني محصور على خطبة الجمعة والمسجد فقط. العصر عصر التقدم الاعلامي وتعدد وسائل التواصل الاجتماعي ، ويجب ان يكون الخطاب الديني موجوداً بشكل قوي وبشكل شامل. خطأ ان يكون الخطاب الديني محصوراً على قناة فقط او منابر محددة ، بل يجب ان يكون للخطاب الديني تواجد بكل الوسائل الاعلامية من قنوات وصحف ومواقع الكترونية. في كل القنوات الاعلامية الحكومية والاهلية ومحطات الراديو الصوتية ، يجب ان يكون هناك نسبة 20% من البرامج اليومية مخصصة للخطاب الديني الموحد . في الصحف السياسية والاخبارية يجب ان لا تخلو من صفحة في كل عدد مخصصة للجانب الديني. في المواقع الالكترونية يجب ان يكون هناك نافذة دينية يتم تطعيمها بشكل يومي. العلماء والدعاة والمرشدون يجب ان يواكبوا عصر التقدم الاعلامي والتواصل الاجتماعي . ويجب ان لا تخلوا مواقعهم في الفيس بوك وتويتر وتواجدهم في الواتس آب ، من منشور ديني يومي. يجب ان يكون تواجد الخطاب الديني في الاعلام بشكل قوي وبشكل موحد ايضاً ، مما يجعله مركزاً على المسائل والجوانب الاساسية والهامة ، ومحارباً للافكار المنحرفة ومحققاً تقدماً كبيراً وملحوظاً في صدها . أيضاً يجب ان يكون هناك توجه نحو تثقيف ديني اسلامي عام للمجتمع بما يحقق توعية شاملة ويكفل ويحقق محاربة الافكار المنحرفة والدخيلة على المجتمع.