هناك شواهد كثيرة في التاريخ لشعوبٍ كانت مطايا لمشاريع وضعتها الزمر المسيطرة على البلدان. الحاضر ايضاً يشهد هكذا حالات.. ولكي لا نذهب بعيداً.. اليكم قصة الانفصال: لن أسيئ لرغبة شريحة معينة من الشعب والتي تحلم بانفصال اليمن إلى يمنين بحدود ما قبل ١٩٩٠م، ولن أتعنت وأصر على أن الوحدة هي البديل الآخر للموت، ولن أقف ايضاً في المنتصف. شخصياً انا مع الوحدة، وكثيراً ما سمعت يمنيين من أبناء المناطق الشمالية يتمنون تحقيق الانفصال واكثر منهم يمنيين من ابناء الجنوب، إنها رغباتٌ تستحق الوقوف أمامها بكل جدية.. لا السخرية منها ولا معاداتها، ولكن لحظة.. انفصال ثم ماذا؟ ولصالح من؟ يا ابناء اليمن شمالاً وجنوباً، ربما قبل بضعة سنوات كان الانفصال أهون علينا جميعاً، ولكن عندما تقفون اليوم أمام مشهد اللقاء الاماراتي الايراني في بلاط طهران فهل لكم ان تعيدوا النظر في الامر؟ نعم لقاء اماراتي إيراني، فكروا بالأمر جيداً يا (عدن) التي نادت بتطهير صنعاء من (المشروع الإيراني)، ويا صنعاء التي صرخت بتحرير عدن من (الاحتلال الإماراتي)، كلاهما اليوم تلتقيان في ذات النقطة فلماذا هذا العمى والتجاهل؟ في عدن.. علت بنادق تلك الجماعات في وجه كل من خالفها وتمسكت بخيار الانفصال بل وتمادت إلى أن أصبح كثيراً ممن أيدوها يلعنونها، قال لي احدهم "نعم انا انفصالي لكن لا اريد أن يتم على يد هؤلاء البلاطجة الذين اساءوا لسمعة عدن وابنائها" قادة الجنوب اليوم لا يهتمون بالقضية الجنوبية ولا بمظلومية ابناء الجنوب، يسيرون وفق أوامر ماراتية، ولو أن أبوظبي غيرت رأيها ووقفت مع الوحدة لنكسوا اعلام الجنوب واعلنوا صنعاء عاصمتهم الابدية. اشعر بالحسرة على أولئك الذين يحبون وطنهم الجنوبي ويرون في تلك الجماعة أملهم مع انها عدوهم الأول وستثبت الايام انهم سيكونون احد ضحاياها مستقبلاً. ولا يختلف الامر كثيراً في صنعاء فرغبات الانفصال ليست معلنة رسمياً لكنها تتراقص تحت الطاولات، لا اتكلم هنا عن الرغبة الشعبية بل اتكلم عن من يحكم صنعاء، ورغماً عن ابناء صنعاء يجدون انفسهم في اطارٍ محكم امام مشروعٍ لا يمثلهم ولا يستطيعون النفاد منه. إن كلا الطرفين يجد نفسه غير مقبولاً في نطاق الآخر لذا ففكرة وطن موحد مرعبةٌ لهما معاً، إذاً كيف نثق في من لا يحب أن يرى وطنه موحداً؟