غزة.. في مواجهة صمت العالم وتواطؤ الكبار    من بينها 5 عربية.. ترامب يدعو قادة 6 دول إلى اجتماع بشأن الحرب على غزة    منظمة أمريكية: القصف "الإسرائيلي" على صنعاء هو ثاني أكبر مذبحة للصحافة في العالم    السعودية تسرق لحن زامل يمني شهير "ما نبالي" في عيدها الوطني    قاضي: جريمة اغتيال المشهري خطط لها باتقان ونفذها أكثر من شخص    قاضي: جريمة اغتيال المشهري خطط لها باتقان ونفذها أكثر من شخص    برشلونة يحقق فوزا هاما امام خيتافي في الليغا    أحتدام شراسة المنافسة في نهائي "بيسان " بين "ابناء المدينة"و"شباب اريافها".. !    ثلاث دول تعترف بدولة فلسطين والبرتغال تلحق بالركب    منتخب الناشئين يخسر أمام قطر في مستهل كأس الخليج    إصابة مواطن ومهاجر أفريقي بنيران العدو السعودي في صعدة    من التضحيات إلى بناء الدولة.. وثيقة بن بريك نداء اللحظة التاريخية    هيئة التعليم والشباب والرياضة تشيد بتنظيم البطولة الوطنية لكرة السلة وتتفقد أعمال الصيانة في الصالة الرياضية المغلقة بالمكلا    بينهم أكاديميون ومعلمون وحفّاظ.. مليشيا الحوثي ترهب أبناء إب بحملات اختطاف    قيادي انتقالي: المركزي يقود عصابة الصرافين لسرقة المنحة السعودية    الرئيس المشاط يعزي في وفاة اللواء عبدالرحمن حسان    اليوم الرابع من الغضب.. «إعصار المشهري» يعصف بإخوان تعز    محمد الحوثي: الشعب سيمضي مع القيادة حتى الحرية والاستقلال الكاملين    وقفة نسائية في المحويت بذكرى ثورة 21 سبتمبر    إيطاليا تستبعد الكيان الصهيوني من "معرض السياحة الدولي"    وزارة الإعلام تطلق مسابقة "أجمل صورة للعلم الوطني" للموسم الثاني    قراءة في كتاب دليل السراة في الفن والأدب اليمني لمصطفى راجح    الوفد الحكومي برئاسة لملس يختتم زيارته إلى مدينة شنغهاي بالصين    المنحة السعودية المزمع وصولها في مهب افلام المعبقي    الأمم المتحدة:الوضع الإنساني المتدهور في اليمن ينذر بكارثة إنسانية    الأرصاد يخفض التحذير إلى تنبيه ويتوقع هطولاً مطرياً على أجزاء من المرتفعات والسواحل    الإصلاح ينعى الشيخ عبد الملك الحدابي ويشيد بسيرته وعطائه    المركز الأمريكي لمكافحة الإرهاب يحذر من تنامي خطر "القاعدة" في اليمن    فخ المنحة السعودية:    التعايش الإنساني.. خيار البقاء    عبد الملك في رحاب الملك    بطولة إسبانيا: ريال مدريد يواصل صدارته بانتصار على إسبانيول    مدرب الاتحاد يفكر بالوحدة وليس النصر    إصلاح حضرموت ينظم مهرجاناً خطابياً وفنياً حاشداً بذكرى التأسيس وأعياد الثورة    مانشستر يونايتد يتنفس الصعداء بانتصار شاق على تشيلسي    الدكتور عبدالله العليمي يشيد بالجهد الدولي الداعم لتعزيز الأمن البحري في بلادنا    السعودية تعلن تقديم دعم مالي للحكومة اليمنية ب مليار و380 مليون ريال سعودي    شباب المعافر يُسقط اتحاد إب ويبلغ نهائي بطولة بيسان    لقاء أمريكي قطري وسط أنباء عن مقترح أميركي حول غزة    مستشفى الثورة في الحديدة يدشن مخيماً طبياً مجانياً للأطفال    تعز بين الدم والقمامة.. غضب شعبي يتصاعد ضد "العليمي"    انتقالي العاصمة عدن ينظم ورشة عمل عن مهارات الخدمة الاجتماعية والصحية بالمدارس    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويل أموال وكيانين مصرفيين    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    الشيخ عبدالملك داوود.. سيرة حب ومسيرة عطاء    بمشاركة 46 دار للنشر ومكتبة.. انطلاق فعاليات معرض شبوة للكتاب 2025    وفاة 4 من أسرة واحدة في حادث مروع بالجوف    إب.. وفاة طفلين وإصابة 8 آخرين اختناقا جراء استنشاقهم أول أكسيد الكربون    المركز الثقافي بالقاهرة يشهد توقيع التعايش الإنساني ..الواقع والمأمون    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    موت يا حمار    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظرية السياسية في الفكر السياسي اليمني
نشر في التغيير يوم 18 - 08 - 2019

تعتبر النظرية السياسية هي أحد أنواع الفكر السياسي، التي تهتم بنقل الظواهر المختلفة التي تقع فعلا في عالم السياسة إلى نطاق العلم الواقعي المتفق مع العقل والإطار العملي في السياسة.
ويتخذ علم السياسة مفاهيم وأوجه متعددة بين أوساط المجتمع اليمني، ويتمثل ذلك في أن كل فرد من أفراد المجتمع يمتلك رأي في السياسة يتناسب بشكل طردي مع الوعي السياسي والمنظور الفكري للشخص ذاته، وذلك إنطلاقا من سائق التاكسي أو الباص الذي يشتكي من صعوبة طلب العيش؛ مرورا بتعبير بعض الإعلاميين والمثقفين على شبكات التواصل الإجتماعي كالفيسبوك وتويتر عن إرتفاع سعر الدولار وإنعدام التغذية الأساسية وظهور المجاعات البشرية وإنتشار الأمراض المعدية، و وصولا الى ربة البيت التي تشتكي من غلاء الأسعار والسلع الغذائية في اليمن.
كما تشهد الساحة اليمنية تباينا ملحوظا في الآراء الشعبية حول أسباب تدهور الوضع الحالي في اليمن، فمنهم من يرى أن الغلاء لن يذهب حتى تتحجب النساء وأن غلاء المعيشة والبلاء أثر عن الذنوب؛ ومنهم من يعتقد أن هذا ما كان سيحصل إلا لغضب الله علينا. والبعض يرى أن أسباب إنفلات وتدهور الدولة اليمنية وضياع الإستقرار والفوضى الحالي ماهو إلا تبعات لأضرار الخروج على الحاكم عام ٢٠١١م وإستخدام العنف وعدم الصبر والإمتثال لأوامر أولي الأمر، مؤيدا لموقفه بعبارة "سلام الله على عفاش"، ومشيرا الى أننا كنا نعيش في ظل إستقرار وأمن ومعيشة كريمة قبل ثورة الخروج على الرئيس السابق المرحوم علي عبدالله صالح.
ويرى البعض أن الجماعة الحوثية ما هي إلا ذراع لإيران أو الفرس؛ وأنهم شيعة إثنا عشرية تتحرك بديناميكيات محلية مدفوعة. وفئة ترى أن التعميم بشأن "شيعية" الحوثيين صحيح جزئيًا ولكنه يهدف إلى حجب جذور النزاع والتغطية على حقيقة أن الزيدية فرع متميز عن المعتقدات الممارسة في إيران والعراق ولبنان. وتنوعت الإفتراضات والتحليلات السياسية عن أهداف جماعة الحوثيين، فالحوثيون أنفسهم أحد أسباب تعدد وتناقض الإفتراضات بشأن أهدافهم وذلك بسبب عمومية وضبابية تصريحاتهم وتطورها وتغيرها بين الحين والآخر. وأنه من المؤكد أن جماعة الحوثيين حركة متغيرة ولم تعد تلك الحركة الطلابية المعنية بالدفاع عن التقاليد الزيدية أمام التمدد الوهابي الممول سعوديًا، بل ربما الحوثيون أنفسهم لا يعرفون أهدافهم، وينظرون لإيران كنموذج يُحتذى به سياسيًا، عدا ذلك لا يبدو أنهم يحملون مشروعًا سياسيًا واضحًا ومتماسكًا، فصعودهم وتمددهم كان مرتبطًا بالفراغ والعجز السياسي الناتج عن المبادرة الخليجية، والمساعدة التي حصلوا عليها من علي عبد الله صالح.
ويؤمن البعض بأن الهدف الحقيقي للسعودية من وراء مبادرتها تجاه اليمن ما هو إلا ضمان لإستمرارية وضعه كحديقة خلفية من خلال ابقاء المؤسسة السياسية على حالها وإعاقة أي عملية تغيير سياسي حقيقية في البلاد بما يضمن إستمرار الهيمنة السعودية على اليمن، معللا بأن السعودية لديها زبائنها في اليمن الذين يتولون عرقلة الإصلاحات السياسية الحقيقية. حيث تقوم السعودية بتبني سياسة الهيمنة من خلال دفع مليارات الدولارات سنويًا لآلاف المشايخ القبليين والمسؤولين الأمنيين، والحكومة اليمنية كذلك. وأن هذه السياسة عملت على تكوين حكومة مركزية ضعيفة في اليمن، تمنع السلطات اليمنية من إحتكار السلطة وتضمن بها سلامة حدودها.
ونظرا لتباين الأفكار والحلول وإختلاف الفكر السياسي بين أفراد المجتمع الواحد بمختلف طوائفه وأحزابه، وإعتبارا بأن مشاركة الشعب في وضع الحلول للأزمة السياسية في اليمن تعد شكل من أشكال الممارسة السياسية الحديثة؛ فأننا نستنتج أن الفكر السياسي للمواطن اليمني في إيجاد حلول للإزمة السياسية في اليمن يتلخص ضمن عدة أقوال لفلاسفة قد سبقونا في تأسيس بعض النظريات السياسية التي تعود أصولها للقرن السابع والثامن عشر ميلادي كالتالي:
• الفئة الأفلاطونية: تتبنى هذه الفئة معظم آراء الفيلسوف اليوناني أفلاطون، والذي يرى أن لكل إنسان قدرات بدنية وذهنية تمكنه من خدمة مجتمعه؛ ومع تنوع هذه الخبرات ستتنوع الخدمات، وترى بأننا مجتمع لا يصلح للديمقراطية، وأن الواسطة والمحسوبية في اليمن تعتبر موروثا اجتماعيا وثقافة مجتمعية تشكل أخطر عامل من عوامل الفساد في المجتمع، وأن المناصب السياسية في الدولة تتوزع وفقا للقيم القبلية والمحسوبية والمصالح الفردية؛ ولاتخضع عملية إختيار الكوادر لشغل مناصب الدولة لمعايير الكفاءة والنزاهة والخبرة والمؤهلات.
• فئة هوبز: تتبنى هذه الفئة بعض من آراء الفيلسوف والعالم الإنجليزي توماس هوبز، والذي يؤمن بمبدأ السلطة المطلقة للدولة ويعتبرها من أهم أسباب إستقرارها، وأنه لا داعي من الثورات الشعبية للخروج ضد الحاكم حتى لا يتسبب ذلك في زعزعت أمن وإستقرار الدولة؛ فسلطان ظلوم خيرا من فتنة تدوم. وترى أن الدولة تحتاج الى رئيس يتمتع بقوة مركزية صارمة وسلطة مطلقة للدولة تمكنها من ضبط وإستعادة أمنها وإستقرارها مثلما كانت عليه اليمن في حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
• فئة الفكر المحافظ: وتتبع هذه الفئة النهج السياسي والفكري للفيلسوف والمفكر الإيرلاندي إيدموند بيرك، والذي يعتبر من رواد الفكر المحافظ الحديث. ودعى بيرك في أشهر أعماله "تأمّلات حول الثورة في فرنسا" عام 1790م إلى التحذير من تبعات الثورة الفرنسية التي حدثت في عهده، معبراً عن امتعاضه من ولع الثوريين المثير للفتنة و الاضطراب، والذين اعتبرهم متعصبين إيدلوجين تدفعهم المثالية النظرية لتحطيم كل ما سبق، وترى هذا الفئة أن ثورة ٢٠١١م لم تجلب للمجتمع اليمني سوى الخراب والدمار؛ وأنه من المفترض أن يكون التغيير بشكل تدريجي يضمن المحافظة على المكتسبات الموجودة للدولة.
• فئة الفكر الديمقراطي: وتتبع هذا الفئة فكر وأسلوب العالم والفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو والذي يؤمن بأن القوانين يتعيّن عليها أن تعبر عن الإرادة العامة للشعب. ويرى أفراد هذه الفئة بأن أي نوع من أنواع الحكم يمكن أن يكتسب الصفة الشرعية مادام النظام الاجتماعي القائم إجماعيًا، وأن مصلحة الشعب هي الأهم في السياسة، وأي قرار سياسي يجب أن يكون في مصلحة جميع المواطنين، فتصبح بذلك إرادة الشعب هي الحاكم الحقيقي، والغاية من وجود الحاكم هو تطبيق هذا الإرادة.
• الفئة الماركسية: وتسيطر على هذا الفئة أفكار ومعتقدات العالم الألماني كارل ماركس والذي لعبت أفكاره دورًا هامًا في تأسيس وتطوير الحركات الاشتراكية وكان أول من قام بنشر وكتابة البيان الشيوعي. حيث ترى هذا الفئة أن الأنظمة الرأسمالية هي أنظمة غير عادلة تحمل نوع من العبودية المأجورة، ترتكز على مبدأ العمل مقابل المال، وتحمل بذلك ظلماً واستغلالاً للعامل، وتطالب بإنهاء دور الطبقة الرأسمالية والسعي إلى تكوين مجتمع تعاوني غير طبقي تقوم فيه الدولة من أجل مصالح المواطنين، ويسيطر على هذه الفئة الفكر السياسي للفترة الزمنية التي تولى فيها الحزب الأشتراكي اليمني حكم الشطر الجنوبي لليمن كدولة مستقلة عاصمتها عدن عام ١٩٦٧م، وبقي الحزب الاشتراكي في الحكم لغاية الاتفاق على مشروع الوحدة مع الإقليم الشمالي عام ١٩٩٠م.
بهذا نكون قد استعرضنا بعض الأفكار التي تسيطر على الساحة الشعبية من منظور الفكر السياسي للمواطن اليمني. وبإعتقادي أن الحل يكمن في ضرورة إعادة تقييم المرحلة السابقة بكل سلبياتها وإخفاقاتها الداخلية والخارجية وإستخلاص العبر من تلك المرحلة لتوظيفه في حل هذا الأزمة والإستعداد للمستقبل وتحدياته الجديدة، وإستنباط منهجية سياسية وإقتصادية مختلفة وجديدة تقوم على الثوابت اليمنية الراسخة.
وهذه المنهجية السياسية والإقتصادية الجديدة يمكن أن تبدأ من خلال تحقيق المشاركة الشعبية والسياسية والثقافية التعددية في صنع الحلول للإزمة اليمنية، وتعزيز النهج الديمقراطي في النظام السياسي اليمني نحو رؤية الدولة المدنية الحديثة؛ من خلال إعتماد الأوراق النقاشية السابقة كمرجعية سياسية وفكرية تعبر عن فلسفة الحكم التقدمية الرائدة في العالم الحديث، وتسهم في إستعادة اليمن من خلال تضمين الأراء الشعبية المختلفة وتحويلها إلى برنامج سياسي وإجتماعي وإقتصادي ملزم لكل مؤسسات الدولة اليمنية والقطاع الخاص، ووضع برنامج زمني للوصول إلى الأهداف المرجوة، وأعادة النظر في منظومة العلاقات الدولية اليمنية والتحالفات الايجابية والاستفادة من الموارد الطبيعية والطاقات الشبابية لليمن؛ وجهود الرئيس عبدربه منصور هادي لاعادة تشكيل إطار الدبلوماسية اليمنية المرن والفعال في إيجاد حلول جذرية للأزمة في الجمهورية اليمنية.

باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية
كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية LSE


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.