في السابعة مساء اليوم.. ووسط أجواء ملتهبة ومتوترة يخوض منتخب مصر بالعاصمة السودانية الخرطوم المباراة الفاصلة أمام نظيره الجزائري لتحديد بطل المجموعة الثالثة الفائز بشرف تمثيل العرب في نهائيات المونديال بجنوب أفريقيا. المباراة يديرها حكم من سيشيل، أصبح دوليا من عام 2001.. وتقام باستاد المريخ، المعروف باسم «الرد كاسل» (القلعة الحمراء) وافتتح عام 1964 وتم تحديثه عام 2000 ويسع 42 ألف متفرج وملعبه من النجيل الطبيعى. وسوف يظهر الإستاد الليلة كقلعة أو ثكنة عسكرية عندما ينتشر 15 ألفا من رجال الأمن فى السودان، والمعززين بقوات خاصة، لحماية المشجعين من الطرفين، وذلك نظرا لحساسية المباراة وما شابها من أحداث خلال الأسابيع الماضية، ترتب عليها تدخل القيادات السياسية فى البلدين، وعلمت «الشروق» أن الرئيس مبارك تابع عن قرب تطورات الأحداث في الجزائر وأوضاع الجالية المصرية هناك، وما تعرضت له من أعمال عنف واعتداءات أثارت الاستياء. وقال مصدر من هيئة استعلامات ل«الشروق»: تم إرسال ملف يومي إلى الرئيس مبارك في روما عن هذه التطورات عبر البريد الإلكتروني ومنها ملف من 40 صفحة أمس الأول خلال حضور الرئيس قمة منظمة الأغذية والزراعة (الفاو). وكانت الصحف الجزائرية دأبت طوال أسابيع على إثارة جماهيرها بحثا عن زيادة توزيعها بأخبار كاذبة وملفقة ومشوهة، عن سقوط ضحايا من الجمهور الجزائرىبالقاهرة أثناء حضوره مباراة 14 نوفمبر، ترتب على تلك المانشيتات والأكاذيب اندلاع أعمال عنف تجاه المصريين المقيمين فى الجزائر، ومقار الشركات المصرية العاملة هناك، مثل أوراسكوم تيليكوم، ومكتب مصر للطيران، ومكاتب المقاولون العرب، كما نشرت بعض الصحف الجزائرية الناطقة بالفرنسية مانشيتات مسيئة، للغاية عن المنتخب الوطنى والمصريين. الأجواء في العاصمة السودانية تنطق بالإثارة والحرارة المتوقعة. فهناك مباراة استعراض قوة وعضلات وأعلام تدور فى شوارع الخرطوم بين جماهير مصر والجزائر. فمظاهرات التأييد تتحرك في كل موقع.. إمدادات المشجعين تتوالى على السودان، وعلى مطار الخرطوم الذى يشهد منذ 24 ساعة أكبر حركة طيران وهبوط وإقلاع فى تاريخه. ووسط هذه الأجواء الساخنة كان حسن شحاتة ذكيا ولماحا حين سمح للجماهير بحضور مران الفريق قبل الأخير، فاحتشد ما يقرب من 15 ألف متفرج سودانى لمؤازرة المنتخب. وهو ما عكسته الصحف السودانية التى خرجت صباح أمس وهى تتحدث عن الحدث الكبير كما وصفته جريدة الوطن، التي نقلت سعادة الجمهور السودانى بفوز مصر بهدفين فى المباراة السابقة. وتوقعت صحيفة «قوون» أوسع الصحف السودانية انتشارا مساندة جماهير السودان للفريق المصرى. وقالت جريدة «آخر لحظة» في واحد من عنوانيها «الدم يحن»، كتب الزميل مزمل أبو القاسم رئيس تحرير صحيفة الصدى الرياضية السودانية: «مصر.. يا أخت بلادى» وتوجه بالشكر إلى الاتحاد المصرى لاختياره السودان للمباراة الفاصلة، «وهذه المشاعر والأحاسيس والكتابات، توجه عام لدى الشعب السودانى الشقيق على الرغم من ادعاء وكالة الأنباء الفرنسية في أحد تقاريرها بأن الجمهور السودانى منقسم بين المصريين والجزائريين! ويرى العديد من الخبراء والمحللين أن فرصة المنتخب المصرى أفضل من الجزائرى، ومنهم المحلل الأمريكى فريدى مايير بوكالة أسوشيتدبرس الذى قال ل«الشروق»: «سوف تتأهل مصر إلى كأس العالم بعد أن تفوز على الجزائر فى المباراة الفاصلة وذلك لأن الفريق الجزائرى خسر فرصته فى الوقت الحالى وقد تأثرت نفسيتهم وثقتهم فى أنفسهم بشكل كبير نتيجة هدف متعب المتأخر في مباراة القاهرة». ساعات قليلة.. وتبدأ المباراة الفاصلة الأولى فى أفريقيا، لكنها ليست الأولى من نوعها، فقد أدار الحكم المصرى يوسف محمد أول مباراة فاصلة في التاريخ عام 1934.. ساعات قليلة وتبدأ في المريخ المباراة الفاصلة.. لتنقل الفائز من الفريقين إلى التاريخ.. وسيكون الفوز لأحدهما تاريخا نظرا للظروف التي أحاطت بالمنافسة بين الفريقين، وتاريخا نظرا للحساسية التي أشعلت الأجواء في البلدين الشقيقين.. وتاريخا نظرا للهدف.. وهو اللعب في كأس العالم.