بالظهور على الساحة الباكستانية توحي بإمكانية التوصل الى مخرج من الازمة التي بدأت منذ فرض الرئيس برويز مشرف حالة الطوارئ في البلاد، في وقت أصدرت فيه المحكمة العليا قرارها المنتظر في خصوص شرعية مشرف كرئيس للبلاد وأعلنت ردّها للطعون وبالتالي تثبيت رئاسة مشرف. وفي تطور لافت، أعلنت أمس المملكة العربية السعودية عن استقبالها الرئيس الباكستاني اليوم في «زيارة تقليدية» وسط تكهنات باحتمال حصول لقاء بين مشرف ورئيس الوزراء السابق نواز شريف المنفي الى السعودية. وأمس أيضا، ظهرت شكوك حول استئناف الحوار بين مشرف ورئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو بعد أن حثهما المبعوث الاميركي على التعاون، وخصوصا بعد أن رفضت بوتو تأكيد موقفها السابق من انها لا تتفاوض مع مشرف. وفي حين أكد مصدر مقرب من الرئيس الباكستاني ل«الشرق الاوسط» حصول الحوار بين الطرفين، نفت مصادر زعيمة حزب الشعب الامر. وبالعودة الى التكهنات التي رافقت الاعلان عن زيارة الرئيس الباكستاني الى السعودية حول احتمال لقائه بنواز شريف، وخصوصا بعد نشر صحيفة «نيوز» مقالا تؤكد فيه حصولها على تقارير موثوقة تؤكد التحضير للقاء، فان الطرفين نفيا الامر. وقال الناطق باسم الرئاسة الباكستانية رشيد قريشي في اتصال مع «الشرق الاوسط» أن لا علم له بلقاء يجمع مشرف برئيس الوزراء السابق المنفي الى السعودية، فيما نفى نواز شريف بنفسه الخبر في اتصال مع وكالة رويتز. كما نفى الناطق باسم الرئاسة أن تكون الزيارة الى السعودية قد تقررت بعد اللقاء بنيغروبونتي وقال ان هذه الزيارة محضر لها منذ وقت طويل. وقال أيضا المصدر المقرب من مشرف ل«الشرق الاوسط» أن «هذه الزيارة تم التخطيط لها قبل وقت طويل»، وأضاف: «هكذا زيارات تحتاج الى وقت طويل من التخطيط ولا علاقة لها بزيارة نيغروبونتي». وفي جدة، قالت مصادر باكستانية مطلعة ل«الشرق الاوسط» إن زيارة مشرف الى المملكة ستستغرق بضع ساعات مشيرة الى انه سيبحث مع العاهل السعودي قضايا مهمة في مقدمتها التطورات على الساحة الباكستانية. وأكد السفير الباكستاني شاهد كريم الله من جهته ان الرئيس الباكساني سيصل مساء اليوم الى الرياض في زيارة قصيرة الى السعودية تستغرق قرابة الخمس ساعات لبحث التطورات السياسية على الساحة الباكستانية. وقال ل«الشرق الأوسط» ان «القيادة الباكستانية دأبت على وضع الاخوة في السعودية على علم بالاحداث الجارية في باكستان». الا ان القنصل الباكستاني في جدة سفيح الدين ازم قال ان هذه الزيارة تأتي ضمن تبادل الزيارات الودية بين البلدين. وأشار الى ان الزيارة تأتي في اطار تبادل الآراء بين القيادتين، مشيرا الى ان الرئيس مشرف كان قد زار السعودية قبل شهرين من الان. وكانت وكالة الأنباء السعودية قد أعلنت أمس أن الرئيس الباكستاني برويز مشرف يصل إلى الرياض اليوم في زيارة للمملكة يلتقي خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. وبحسب الوكالة سيتم خلال اللقاء «بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات بالإضافة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما سيؤدي الرئيس الباكستاني مناسك العمرة». أما في موضوع استعادة الحوار بين مشرف وبوتو، فقد أكد المصدر المقرب من مشرف ل«الشرق الاوسط» حدوث الحوار بينهما على الرغم من نكران الناطق باسم بوتو هذا الامر. وكانت بوتو رفضت في مقابلة مع تلفزيون ال«سي ان ان» الاميركي تأكيد موقفها السابق من انها لا تتفاوض مع مشرف. وقال المصدر المقرب من مشرف ردا على صحة المعلومات حول بدء مفاوضات جديدة بين الطرفين: «لا ندعوها مفاوضات ولكن، هناك حوار قائم مع كل الافرقاء السياسيين والقادة من ضمنهم بوتو، والحوار قائم كل الوقت». وأضاف: «هي نفت من قبل أن تكون تتحاور مع مشرف حتى عندما كانت تتحاور معه.. ولكن نحن نتحدث مع كل الناس من ضمنهم بوتو...». والتقت بوتو أمس في منزلها في كراتشي السفيرة الاميركية لدى باكستان آن بيترسون وقالت في تصريح للصحافيين بعد اللقاء: «لا اقابل مشرف وليس لدي لقاء مقرر معه»، غير انها لم تستبعد الامر بشكل قطعي، بخلاف ما كانت تقول اخيرا. وأعاد الناطق باسم زعيمة حزب الشعب فتح الله بابر التأكيد ل«الشرق الاوسط» أن بوتو لا تتحدث مع مشرف، وأضاف «...هي قالت إنه في ظل هذه الاجواء لا يمكنها العمل معه والحل الوحيد اليوم هو تنحيه عن السلطة العسكرية والرئاسة أيضا.. لا جدوى من التفاوض لان التفاوض كان لإرساء الديمقراطية وهو خطى خطوة معاكسة باتجاه الديكتاتورية لذلك لن نتحدث معه». وفيما أكد بابر أن بوتو تحدثت الى شريف في السعودية الاسبوع الماضي ودعته الى العمل معها ضد الرئيس، نفى الناطق باسم بوتو أن يكون المعارض المنفي قد قطع على زعيمة حزب الشعب وعدا بعدم التفاوض مع مشرف. ورداً على سؤال حول امكانية لقاء الرجلين في السعودية والاتفاق على حساب بوتو، قال: «لا ندري اذا كان سيلتقي بنواز شريف، قد يكون خبر اللقاء صحيحاً...». وأضاف: «بوتو تحدثت مع شريف ودعته الى العمل معها ضد الرئيس وتحدثت عن تنظيم لقاء لكافة أفرقاء المعارضة للعمل على استراتيجية موحدة، الا ان الموعد لم يحدد بعد». وأعلن ان حزب الشعب سيلتقي اليوم في كراتشي برئاسة بوتو للاتفاق على الخطوات المقبلة. وأضاف: «نواز شريف قال ان علينا جميعا العمل سويا ولكنه شدد أنه لن يقرر المشاركة في اللقاء الذي دعيناه اليه الا بعد التشاور مع رفاقه في الحزب، ولكنه لغاية اليوم لم يؤكد اذا كان سيشارك في هذا الاجتماع أم لا». الى ذلك، اعلن سيف الله نيازي المتحدث باسم بطل الكريكت الباكستاني السابق عمران خان ان المُعارض المحتجز في السجن في بنجاب منذ الاسبوع الماضي، بدأ أمس اضرابا مفتوحا عن الطعام. وقال ان خان «سيواصل الاحتجاج حتى الموت اذا لم يعد كبار قضاة باكستان المفصولين إلى مناصبهم». من جهة أخرى، اعلنت المحكمة العليا الباكستانية عن رفضها للدعاوى الرئيسية التي تتحدى شرعية اعادة انتخاب مشرف في 6 اكتوبر (تشرين الاول) الماضي. ورفضت المحكمة دعويين من قاض متقاعد وعضو بارز بحزب الشعب الباكستاني المعارض برئاسة بنظير بوتو بالاضافة الى دعاوى اخرى رفعها افراد يسعون لإلغاء ترشيح مشرف. ومن المقرر ان تصدر المحكمة يوم الخميس القادم حكمها في دعوى اخيرة وصفتها القناة بانها «عائق بسيط» واذا رفضت هذه الدعوى سيصبح الطريق ممهدا امام مشرف لاداء اليمين القانونية لتولي فترة رئاسة جديدة تستمر خمس سنوات. وكان مشرف قد وعد بالاستقالة من منصبه قائد للجيش إذا ما أضفت المحكمة الشرعية على تولية الرئاسة لفترة أخرى. وفي موعد الانتخابات التشريعية، ذكرت وسائل إعلام رسمية أمس أن مشرف أوصى بأن تجري اللجنة الانتخابية الانتخابات البرلمانية في الثامن من يناير (كانون الثاني) المقبل، فيما أعلنت اللجنة أنها ستعلن عن موعد إجراء تلك الانتخابات غدا الاربعاء. وفي تطور آخر، اعلن الجيش الباكستاني انه تمكن من وقف معارك ضارية بين السنة والشيعة اوقعت نحو مئة قتيل خلال الايام الثلاثة الماضية في مناطق قبلية في شمال غربي باكستان على مقربة من الحدود مع افغانستان، الا انه ما لبثت أن وصلت تقارير مساء أفادت بتجدد القتال. ونشبت المعارك بين قبيلتين متنازعتين في اقليم كورام في الولاية الحدودية الشمالية الغربية المجاورة للحدود مع افغانستان وعاصمتها بيشاور. وتبادل مقاتلون من القبيلتين تبادلوا اطلاق النار من سطوح المنازل المتقابلة. وروى شهود في باراشينار لوكالة الصحافة الفرنسية ان مدافع الهاون والقذائف الصاروخية استخدمت في المعارك بين القبيلتين المتخاصمتين. واوضح المتحدث باسم الجيش ان «الطرفين اطلقا النار على قوات الامن». وسبق ان شهدت بلدة باراشينار مواجهات بين السنة والشيعة في ابريل (نيسان) الماضي اوقعت 55 قتيلا. ويمثل الشيعة نحو عشرين بالمائة من سكان باكستان ال160 مليونا الا انهم يشكلون اكثرية في باراشينار. ويتعايش السنة والشيعة بشكل سلمي عادة في باكستان الا ان وتيرة المواجهات بين الطرفين تسارعت اخيرا واوقعت منذ نهاية الثمانينات نحو اربعة الاف قتيل.