الماضية أن قرار رفع أسعار المشتقات النفطية يمثل خروجا صريحا من السلطة والحكومة عن مهامهما الدستورية المتمثلة في رعاية مصالح الشعب والمحافظة على سلامة جبهته الداخلية. ووصفت أحزاب المعارضة القرارات الحكومية بأنها "ارتجالية وعشوائية" لا تستمد من أي دراسات اقتصادية، وأن هدفها هو "حماية قلة فاسدة عابثة بموارد الدولة وثروات الشعب". كما دعت الحكومة إلى التراجع عن هذه القرارات، والبدء في تنفيذ برنامج عاجل لمحاكمة الفاسدين والكف عن تشجيع الفساد المالي والإداري في كافة مؤسسات الدولة ورفع المرتبات والأجور مقابل كل إجراء خاص برفع المشتقات النفطية والمواد الغذائية الأساسية. وكانت الحكومة اليمنية قد رفعت أسعار أسطوانات الغاز المنزلي بنسبة 25%، مع بداية يناير/كانون الثاني الجاري بطريقة غير معلنة، وترافق ذلك مع زيادات في أسعار المواد الغذائية كالدقيق والقمح والحليب والسكر والزيوت. وبررت مصادر حكومية ارتفاع سعر الغاز المنزلي بالارتفاع العالمي لأسعار النفط، وزعمت أن سعر الغاز في اليمن هو الأرخص والأدنى على مستوى المنطقة العربية. ودعت المعارضة الفعاليات الحزبية والمدنية والحقوقية والنقابية في البلاد إلى رفض إجراءات رفع الأسعار، والقيام بنشاطات سلمية احتجاجية ضد ما أسمته "السياسات العابثة بكرامة المواطن وحياته المعيشية". ويبدو أن لدى الحكومة اليمنية توجها إلى رفع أسعار المشتقات النفطية من بترول وديزل وكيروسين بنسبة 25% بالتوازي مع رفعها أسعار الغاز المنزلي والغاز المسال الذي تعمل به السيارات. وحسب تقديرات حكومية فإن احتياطي اليمن من الغاز يصل إلى 18 تريليونا و215 مليار قدم مكعب، وهو ما يشير إلى امتلاك اليمن ثروة كبيرة من الغاز. وكان استطلاع رأي حديث قد أكد أن 83.3% من اليمنيين غير مقتنعين بما تطرحه الحكومة من أن ارتفاع الأسعار باليمن هو نتيجة لارتفاع الأسعار عالميا. وعبر المستطلعة آراؤهم عن مخاوفهم من آثار هذا الارتفاع، ورأوا أن الأوضاع المعيشية تشهد تراجعا مستمرا، حيث رأى 84.8% أن الأوضاع الاقتصادية الحالية أسوأ مما كانت عليه قبل خمس سنوات. وأرجع الاستطلاع الذي نفذه ونشره المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية في صنعاء مؤخرا، ارتفاع الأسعار في اليمن إلى الفساد، حيث رأى 31.2% من المشاركين فيه أن الفساد هو السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار. وجاء في المرتبة الثانية في قائمة الأسباب "غياب الرقابة الحكومية" بنسبة 29.2%، وحلّت في المرتبة الثالثة ممارسة المسؤولين للتجارة، بنسبة 22.8%، وأتى الاحتكار في المرتبة الأخيرة في قائمة الأسباب المؤدية لارتفاع الأسعار بنسبة 16.8%.