عن استشهاد أكثر من 120 فلسطينيا -غالبيتهم من المدنيين وبينهم العديد من الأطفال- وجرح العشرات، وسط أجواء توتر في المنطقة برمتها. ويرى محللون وسياسيون أردنيون أن ما يجري في قطاع غزة من مجازر ليس معزولا عن نذر التصعيد الذي تشهده المنطقة العربية في أكثر من ملف، لاسيما ملفات لبنان وأسلحة إيران النووية، ما دفعهم للقول إن نذر الحرب تخيم على المنطقة. يقول وزير الإعلام الأردني الأسبق الدكتور هاني الخصاونة إن كل ما يجري في المنطقة يؤكد مجددا أنه لا يمكن الاطمئنان للإدارتين الأميركية والإسرائيلية لكونهما تعملان وفقا لمصالحهما دون إقامة أي اعتبار للمواثيق الدولية عبر سلوك يومي يصل حد ارتكاب جرائم حرب كما يجري في غزة. وأوضح الخصاونة للجزيرة نت أن المؤشرات التي تشهدها المنطقة بالغة الخطورة، بدءا من المجازر في غزة، إلى التحرش بسوريا، وإعاقة الاتفاق بين الفرقاء اللبنانيين، وما سبقه من إحباط للخيار الديمقراطي للشعب الفلسطيني الذي اختار حركة المقاومة الإسلامية (حماس). ويلفت السياسي الأردني إلى أن هذه المؤشرات تنذر بأجواء تصعيد قد تقود إلى حرب إقليمية بمشاركة أميركية إسرائيلية ضد حزب الله وحماس وسوريا. حرب وشيكة الاعتقاد السابق يدعمه الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان حيث تحدث عن "معلومات تتناقلها مراكز سياسية" تفيد بأن عملا عسكريا بات وشيكا ضد سوريا قد يطال حزب الله. الخيطان أوضح للجزيرة نت أن "دول الاعتدال العربي" التي تشارك الولاياتالمتحدة الضغط على سوريا "ضاقت ذرعا من رفض الأخيرة تقديم أي تنازلات في الملف اللبناني واستمرار تحالفها مع إيران"، وتابع "هناك شعور لدى عواصم عربية مهمة بأن هناك عملا عسكريا قادما ضد سوريا وحزب الله". وبيّن أن إرسال المدمرات الأميركية إلى المنطقة والجرائم الإسرائيلية في غزة وحديث وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك عن ضرورة تغيير الواقع في غزة.. "كلها مؤشرات على أن أجواء الحرب لم تعد مستبعدة". وزاد أن "السعودية والسلطة الفلسطينية لهما مصلحة في التصعيد الجاري، فالأولى ترغب في حل الملف اللبناني حتى لو كان على حساب كسر شوكة سوريا العسكرية، والثانية تريد الخلاص من كابوس غزة والتفرغ لمفاوضات الحل النهائي مع إسرائيل". الصمت والتغيير غير أن المحلل السياسي ورئيس مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد لا يرى أن ما يحدث في غزة مقدمة لحرب إقليمية في المنطقة. وأضاف للجزيرة نت أن إسرائيل تشعر بضيق كبير نتيجة تزايد قوة المقاومة الفلسطينية واستقلالها في قطاع غزة، إضافة إلى نجاح حركة حماس في إدارة الصراع في القطاع واستمرارها بالممانعة ورفض تقديم التنازلات. الحمد اعتبر أن ما تعانيه حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) من تقهقر وضعف دفع إسرائيل للتصعيد في غزة على أمل تغيير الواقع هناك لتقوية معسكر الرئيس الفلسطيني محمود عباس وإضعاف حركة حماس. ويرى أنه "لا وجاهة للحديث عن ضربة عسكرية قادمة لسوريا وحزب الله (..) فإسرائيل نفسها غير جاهزة لمواجهة جديدة مع الحزب، كما أن هناك جدلا داخل إسرائيل بشأن جدوى العملية الإسرائيلية الحالية في قطاع غزة وأنها لن تتمكن من إضعاف حماس". وبينما يرى الخيطان أن الصمت الرسمي العربي نابع من كون الأنظمة العربية "ترغب في تغيير الواقع وإضعاف حماس وحزب الله وسوريا"، يرى الحمد أنه "لا نتائج إستراتيجية متوقعة لأي ضربة لسوريا أو حزب الله، في حين هناك نتائج قد تتحقق في حال نجاح إسرائيل في إضعاف حماس في غزة". غير أن الخصاونة يرى أن هذا الصمت "يوسع الشقة بين الأمة وحكامها"، وتابع "لا أقول قادتها لأن قادة الأمة الحقيقيين هم من يقودون المواجهات مع أعدائها". ورأى أن "الصمت الرسمي يؤشر على نتائج بالغة الخطورة قد تدفع قوى شعبية لردات فعل خطيرة تكون لها نتائج خطيرة على الأمن والاستقرار في الدول العربية".