تبدأ اليوم بصنعاء أعمال الندوة العلمية الثانية حول ظاهرة الغش التجاري والتقليد التي تنظمها جمعية حماية المستهلك . الندوة التي تعقد تحت شعار " من أجل استهلاك آمن وحماية فعالة لحياة واقتصاديات المستهلك " تناقش على مدى يومين أكثر من 6 محاور تتضمن ظاهرة الغش التجاري والتقليد التجاري في ظل العولمة والتطور والتكنولوجيا واثر الظاهرة على صحة المستهلك واقتصاد اليمن وعلى الاستثمار والتجارة المشروعة والمتطلبات التشريعية لمواجهة الظاهرة ودور الملكية الفكرية وأجهزة الرقابة الفنية في التقليل من مخاطر هذه الظاهرة وكذا دور القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والإعلام في مواجهتها. وسيقدم خلال الندوة التي تشارك فيها جهات حكومية وخاصة ومنظمات المجتمع المدني وخبراء من دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى المنظمة العالمية للملكية الفكرية ، أوراق عمل لكل من وزارات الصناعة والداخلية والعدل والزراعة ومصلحتي الجمارك والضرائب والبحث الجنائي، وممثلين عن جمعيات مماثلة في دول الخليج وشركات أجنبية . صحيفة السياسية الصادرة عن وكالة الأنباء اليمنية ( سبأ) تبحث في ثناء التحقيق الصحفي التالي حول جهود اليمن في مكافحة الغش التجاري بعد أن بلغ حجمه في الدول العربية وحدها 50 مليار دولار. * أرقام تتحدث: تشكل السلع المقلدة والمغشوشة ظاهرة سلبية تعرقل جهود التنمية الاقتصادية القائمة على الجودة النوعية والمنافسة الشريفة، وتسبب ذلك في كساد للسلع الأصلية، وتضيق على التاجر الأمين، وتعرض السلامة العامة للمستهلكين للخطر، وخاصة حين يكون هذا الغش في السلع والأشياء المرتبطة بشكل مؤثر بحياتهم، ومنها - على سبيل المثال - المواد الغذائية وبعض الأجهزة الكهربائية وقطع غيار السيارات وإطاراتها، وقد وجد المستهلك نفسه حائراً في الاختيار في ظل وسائل الترويج والدعاية وإغراءات السعر المتدني. الغش التجاري والتدليس والتدليس تنامى انتشاره، بشكل متسارع فالإحصائية العالمية قدرت حجم الغش التجاري في الدول العربية ب 50 مليار دولار" فيما يمثل حجم الغش التجاري عالمياً من (5-10%) من حجم التداول التجاري العالمي، أي 780 مليار دولار سنوياً. أما في دول الخليج العربي فتشير الإحصاءات الى أن هذه الظاهرة تنمو سنوياً بنسبة 10 %، وإن حجم خسائر الشركات السعودية تبلغ 4.5 مليار دولار، فيما يقدر حجم الغش التجاري في منطقة الخليج ب 7 بلايين دولار سنوياً. هذه لغة الارقام تحدثت عن مدى خطورة ظاهرة الغش التجاري على المستهلكين والتجار، فماذا عن الجهات المعنية بمكافحة هذه الظاهرة السلبية، وماهو الوضع الحالي للمكافحة؟ وماأهمية المكافحة بالنسبة للمستهلك اليمني؟ رؤية المستهلكين تجاه الغش التجاري والتقليد تؤكد على ضرورة مكافحة هذه الظاهرة لما لها من أضرار على صحة المستهلك وبيئته، بحسب - عبد الرحمن النهمي - فيما يرى عبدالله البحري أن معظم السلع المنتشرة في الاسواق مهربة ويصعب معرفة مصادرها ومع ذلك يتزايد الاقبال على شرائها نتيجة لأن اسعارها رخيصة وتتناسب مع دخل الفرد، بغض النظر عن كونها قد شارفت على الإنتهاء او أنها مضرة بالصحة، هذه رؤية المستهلكين فماذا عن رؤية الجهات المعنية. أمين عام جمعية حماية المستهلك ياسين التميمي يؤكد أن الانفتاح وتحرير السوق او الاستيراد العشوائي غير المنظم يجعل من الأسواق اليمنية مرتعاً خصباً لنفايات وبقايا الآخرين عن طريق المهربين الذي يجلبون الى اليمن منتجات تالفة وفاسدة ومنتهية الصلاحية دون ان يفكرو بمصير الملايين من ابناء الشعب الذي يبحث عن السلعة الارخص، دون ان يفكر بالعواقب وبأنه سيكون الضحية لجشع واطماع تجار التهريب، من أجل البحث السريع عن الربح. ويضيف التميمي بان لهذه الظاهرة ابعاد سلبية على المستهلك من ناحية صحية ومن ناحية بيئية، اضافة الى البعد السلبي الذي تتركة من الناحية الاقتصادية سواءا على المستهلكين أو المستثمرين والتجار، قائلا" المستهلك عندما يشتري سلعة مغشوشة أو مقلدة فانها لاتدوم معه طويلا فيضطر لشراء سلعة أخرى ففي هذه الحالة استنزاف أموال المستهلك، ناهيك عن ماتسببه هذه السلع المقلدة والمغشوشة من خسائر على الشركات المنتجة لسلع نظيرة". ويؤكد محمد العريقي- مواطن- بأن هناك بعض المستوردين والمصنعين يشاركون تجار التهريب في الفساد فيلجأون الى استيراد وتصنيع سلع ومنتجات رديئة ومتدنية لا تتوافر فيها ادنى اشتراطات الجودة والقيام بعد ذلك بعملية الغش والتحايل او التقليد التجاري والذي ينعكس اثره السلبي على المستهلك والبيئة والاقتصاد والاستثمار ويضر ايضاً بسمعة بعض المنتجات المحلية التي تتمتع بجودة لا بأس بها ولكنها لم تأخذ نصيبها من الانتشار واكتساب السمعة الجيدة بسبب تلك المنتجات المستوردة المماثلة الاقل جودة والارخص سعراً. ورغم عدم وجود أية اصحائيات او بيانات رسمية عن حجم ظاهرة الغش التجاري في السوق اليمنية حصلت السياسية على بعض الاحصائيات -لكنها غير كافية-، حيث يقول رئيس غرفة عمليات مراقبة الاسواق بديوان وزارة الصناعة والتجارة سالم المعمري ان الفرق الميدانية المكلفة بمراقبة الاسواق وضبط عمليات التلاعب بالاسعار والغش التجاري ضبطت في النصف الاول من العام الجاري نحو 1300 مخالفة تجارية، اضافة الى 300 مخالفة ضبطت في شهر يوليو. نائب مدير عام هيئة المواصفات والمقاييس المهنس أحمد البشه قال ل" السياسية" أن الهيئة في ضبطت 300 محالفة غش تجاري في حملتها التي شملت 1304 محل تجاري في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، وتحققت من 5660 عينة". ويضيف البشه بان المخالفات التي تم ضبطها تتمثل في نقص الاوزان، ونقص في الابيانات الايضاحية، وانتهاء فترة الصلاحية، أو عدم وجود أحد تاريخي الانتاج او انتهاء الصلاحية، اضافة الى مخالفات سوء التخزين والحفظ والعرض والتداول" وبشأن مخالفات العلامات التجارية وتزويرها اشار البشة الى أن الهيئة تلقت خلال النصف الاول من العام الجاري 80 شكوى. وعن دور هيئة المواصفات والمقاييس في مكافحة الغش التجاري والتدليس يقول البشة الهيئة ليست سوى طرفا من الاطراف المعنية بهذا المجال، مثلها مثل ادارة صحة البيئة بوزارة الاشغال، مؤكدا أن وزارة الصناعة والتجارة هي المسؤول الاول عن مكافحة هذه الظاهرة، لافتا الى الاجراءات التي اتخذتها وزارة الصناعة والتجارة في المملكة العربية السعودية بانشاء ادارة معنية بمكافحة الغش التجاري. أما مدير عام صحة البيئة بأمانة العاصمة الدكتور محمد عبدالكريم الاصبحي قال في حديثه الى السياسية قائلا" نحن في صحة البيئة نعمل وفقاً لقانون الرقابة على الأغذية والذي حدده نطاق عملنا والمتمثل بالرقابة على الاسواق والمحلات التجارية ولا نقوم بالاشراف على المنافذ وهي كثيرة جداً بالاضافة الى وجود اماكن كثيرة للتهريب والسوق اليمنية مفتوحة على مصراعيها للمنتجات بينما الجهاز الرقابي في المنافذ وفي الاسواق محدودة الامكانات ونحن في صحة البيئة نقوم بدورنا في حدود الامكانات المتاحة وبالتعاون مع الجهات الرقابية الاخرى مثل الهيئة اليمنية للمواصفات والمقايس وضبط الجودة حيث تم في الآونة الاخيرة الاعلان عن عدد كبير من السلع الغذائية المخالفة للمواصفات وتم ابلاغنا بها من قبل الهيئة، وبدورنا قمنا بحجز هذه المواد ومصادرة المواد المنتهية والمخالفة واحالة المخالفين للنيابة وفقاً للقانون. ويواصل الاصبحي حديثه حول الدور الاعلامي الذي تقوم به صحة البيئة: صحة البيئة في أمانة العاصمة تقوم بالتوعية حول اضرار السلع الغذائية التالفة بطرق مختلفة منها التوعية المباشرة من خلال المفتشين اثناء النزول الميداني الى الأسواق وأماكن التجمعات في المدارس وغيرها وايضاً غير المباشر عبر الصحف والمقابلات الاذاعية والتلفزيونية والملصقات وغيرها من الوسائل المتاحة لنا في ظل الامكانات الشحيحة. ويعتقد التميمي ان السبب وراء تفشي هذه الظاهرة أن الحكومة لم تتهيأ للتنبه بمدى مايمثله الغش التجاري من مخاطر، اضافة الى القصور الامني والتشريعي. وحمل التميمي الجهات المعنية بشكل مباشر بمكافحة ظهارة الغش التجاري وفي مقدمتها وزارات الصناعة والتجارة والصحة العامة والسكان، والاشغال العامة وهيئة المواصفات والمقاييس، مستغربا من عدم انشاء جهة حكومية مختصة بهذا الشأن. جمعية حماية المستهلك طالبت في بيان حصلت السياسية على نسخة منه- الحكومة باصدار تشريعات متخصصة في مقدمتها قانون حماية المستهلك وغيره من القوانين التي ينبغي أن تعنى بشكل أساسي بقضايا الغش التجاري والتقليد، إضافة الى إعادة النظر في قانون التجارة الداخلية بدف تعزيز المواد المتضمنة للاجراءات العقابية وتضمينه صلاحيات واضحة ترتقي بكفاءة وزارة الصناعة والتجارة في السيطرة على جرائم الغش التجاري والتقليد. كما طالبت الجمعية في بيانها انشاء دائرة متخصصة بمكافحة الغش التجاري والتقليد تتبع وزارة الصناعة والتجارة، على أن تؤدي مهمتها بالتنسيق مع بقية الجهات ذات العلاقة ويتمتع عناصرها بالضبط القضائي، وانشاء هيئة عامة لحماية المستهلك، اضافة الى انشاء أقسام متخصصة بقضايا المستهلك في النيابات ودوائر متخصصة بتلك القضايا في المحاكم وكذا انشائ هيئة وطنية للغذاء والدواء. سبأنت: عبد الحميد المساجدي