أعلن الحزب الاشتراكي اليمني "المعارض" الشريك الرئيس في إعادة توحيد اليمن_ تأييده لأية مساعٍ مخلصة تهدف إلي إقامة حوار وطني شامل تشارك فيه كافة الأطراف المعنية بالمشكلات القائمة في اليمن بدون استثناء، في الداخل والخارج، شريطة توفير آليات فعالة لهذا الحوار، وضمانات داخلية وخارجية لدعم توصله إلى نتائج ناجحة. جاء ذلك في بيان أصدرته اللجنة المركزية للحزب الليلة الماضية في ختام دورتها الاعتيادية الثامنة المنعقدة بصنعاء على مدى ثلاثة أيام برئاسة الأمين العام للحزب الدكتور ياسين سعيد نعمان. ورحبت اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني _ الذي كان يحكم شطر اليمن الجنوبي قبل الوحدة بالقرار الذي أصدره الرئيس علي عبدالله صالح عشية الاحتفال بالذكرى ال 20 للوحدة القاضي بالإفراج عن المحتجزين على ذمة الأحداث التي شهدتها بعض المحافظات الجنوبية، وحرب صعدة، وكذا الصحفيين على ذمة قضايا الرأي مع إغلاق ملفات الدعاوى المرفوعة ضد عدد من الصحفية، معتبرة ذلك خطوة هامة نحو إجراء الحوار الوطني الشامل وفقاً لاتفاق فبراير2009. وأكدت مركزية الاشتراكي اليمني أنه بات من الضروري أن تلتفت كافة القوى السياسية والاجتماعية إلى مسؤولياتها لمواجهة الأزمة والمخاطر المحدقة باليمن وحفظ البلد من الضياع والتشرذم ، مشددة أن تحقيق ذلك يرتكز على الإقرار بالحوار خياراً لا حيدة عنه في معالجة الأزمات والمشاكل والبحث عن الصيغ التي تحقق تكاتف الجميع في مواجهتها، وقبل ذلك الإقرار بوجود المشكلات، وبالأسباب الموضوعية والذاتية المولدة لها، كما هو شأن الاعتراف بالأسباب الموضوعية للأزمة السياسية عام 1993 التي أدت إلى حرب 94. ولفت البيان إلى أن اللجنة ولدى تناولها للتطورات على الساحة اليمنية، جددت تمسكها بعدالة ومشروعية ما أسمته "القضية الجنوبية"، وتصدرها للحياة السياسية في الظروف الراهنة، في ضوء آثار حرب1994، التي أثرت على المشروع الوحدوي الديمقراطي العظيم. كما جددت اللجنة المركزية تمسك الحزب الاشتراكي اليمني برؤيته الخاصة بمعالجة الأوضاع في البلاد، والحل الجذري لما أسمته"القضية الجنوبية" حلاً عادلاً يكفل معالجة آثار حرب 1994 في إطار صياغة عقد اجتماعي سياسي يعيد هيكلة الدولة اليمنية، وبما يضمن حقوق المواطنة المتساوية ويصون الحريات العامة، ويحقق النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي والثقافي للبلد. واعتبرت اللجنة أن تأخير المعالجة الجذرية لتلك الآثار قد أسهم في إحياء الإشكاليات المختلفة التي اعترضت تكون وتبلور الهوية الوطنية "اليمنية"في مرحلة ما قبل استقلال الشطر الجنوبي _في إشارة للدعوات الإنفصالية، والتي تصدت لها أجيال استثنائية من المناضلين الأفذاذ، الذين حسموا بعرقهم ودمائهم وبسالتهم وجرأة عقولهم محتوى هذه الهوية، واكسبوها المشروعية التاريخية المرتبطة بأعظم وأنبل التطلعات في بناء مستقبل اليمن على قيم الحرية والعدالة والمساواة والتقدم الحضاري. وفي حين حيت اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي المركزية الفعاليات السلمية الديمقراطية التي شهدتها عدد من المحافظات اليمنية بما فيها الفعاليات السلمية التي تبناها "الحراك الجنوبي" .. شددت في ذات الوقت على أهمية الحفاظ على الطابع السلمي للحراك، وحمايته من الانزلاق نحو أفخاخ العنف المنصوبة هنا وهناك سواء بتدبير من الرافضين لفعالياته، أو بدفع من ذوي الأمزجة الحادة. وأهابت بالجميع بالتسلح باليقظة إزاء بعض الدعوات المثيرة للنزعات غير الموضوعية، أو المحرضة على الإقصاء السياسي أو الثأر التاريخي، وعدم التهاون مع أية نزاعات لا تحترم حق التعدد والتنوع أو أية ردود أفعال أو نزعات انتقامية أو القناعات والأعمال التي تتنافى مع قيم التسامح .. منبهة من أن أية نزعات تقوم على أسس قبلية أو شطرية في محاولة للانحراف بالحراك عن أهدافه السامية، من شأنها أن تقوض وحدة وتماسك الجماهير الحاضنة للحراك، وتضعف من حجم القوى المتعاطفة والمتضامنة معه ومع مطالبه. وحثت الجميع إلى العمل بكل الوسائل الممكنة لدحض أية افتراءات تحاول ربط الحراك بالقاعدة أو أية أنشطة إرهابية، وتجنب المظاهر التي تسيء للحراك ولخياراته السلمية، مع التأكيد على أهمية ترشيد الشعارات وبلورة خطاب سياسي راشد. وكانت أحزاب المعارضة الرئيسية المنضوية تحت تكتل "اللقاء المشترك" رحبت بدعوة الرئيس صالح إلى استئناف الحوار الوطني الشامل بين كافة فرقاء الحياة السياسية. وأكدت أحزاب اللقاء المشترك التي تضم ستة من أكبر أحزاب المعارضة اليمنية" يسارية ويمينية وقومية" في بيان أصدره مجلسها الأعلى على ضرورة استئناف الحوار على وجه السرعة باعتباره الطريق الأمثل الذي اختاره الجميع كاستجابة للحاجة الوطنية الملحة في هذه اللحظة التاريخية التي تعقدت فيها أوضاع البلاد . وقالت:" وبهذه المناسبة فإننا نرحب بقرار رئيس الجمهورية بإطلاق سراح جميع المعتقلين بدون استثناء كون هذه الخطوة جاءت على طريق تهيئة المناخات السياسية والوطنية واستكمال ما تم الاتفاق عليه بشأن الحوار الوطني وفقا لاتفاق فبراير 2009". وأضافت:" وفيما يتعلق ببقية القضايا التي وردت في الخطاب في إشارة للترحيب الرئاسي بالشراكة الوطنية وتشكيل حكومة وحدة وطنية يرى المجلس الأعلى لأحزاب المشترك أن ذلك يتوقف على موضوعات الحوار الوطني الشامل ومساره ونتائجه بمشاركة وإسهامات كافة الأطراف السياسية بالداخل والخارج وما يتمخض عنه من توافق وطني عام". وبينما أكد حزب رابطة أبناء اليمن " رأي " المعارض على إيجابية توجيهات الرئيس صالح بإطلاق سراح المعتقلين على ذمة حرب صعدة والحراك الجنوبي، ثم توجيهاته بإطلاق سراح الصحفيين وإلغاء كل القضايا والأحكام التي صدرت بحقهم.. وجه الحزب انتقادات لربط الرئيس اليمني الدعوة للحوار بالارتكاز على إتفاق فبراير 2009 الموقع بين الأحزاب الممثلة في البرلمان ممثلة بالحزب الحاكم "المؤتمر الشعبي العام" وأحزاب اللقاء المشترك. و جدد حزب الرابطة في ذات الوقت موقف الحزب المرحب بالحوار الوطني غير المشروط والذي لا يستثني أحدا ولا يرتبط باتفاقيات اقتصرت على جزء من مكونات المنظومة السياسية. ولفت إلى إن اليمن اليوم في ظل التحديات التي تواجهه بحاجة شديدة إلى تحرك عاجل وجاد وفاعل لتفعيل مقتضيات المواطنة السوية المرتكزة على العدالة في توزيع السلطة والثروة والديمقراطية المحققة للشراكة الفعلية التي تشمل كل مكونات الوطن والتوازن السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين مختلف فئاته ومناطقه والتنمية الشاملة المستدامة. وكان الرئيس اليمني وجه عشية احتفال اليمن بالعيد الوطني دعوة للحوار الوطني الشامل وإقامة شراكة وطنية بين كافة شركاء الحياة السياسية وأكد الاستعداد لتشكيل حكومة مع القوى السياسية الممثلة في مجلس النواب وفي مقدمتهم شركاء الوحدة - في إشارة للحزب الاشتراكي اليمني وشركاء الدفاع عنها في إشارة إلى التجمع اليمني للإصلاح ذو التوجه الإسلامي والذي يعد أكبر أحزب المعارضة ويحتل المرتبة الثانية من حيث التمثيل في البرلمان. هذا وفي حين تشهد الساحة اليمنية مشاورات مكثفة بين فرقاء الحياة السياسية في ضوء الانفراجة التي أحدثها الخطاب الرئاسي تمهيدا لإطلاق الحوار الشامل تحت قبة البرلمان, صعدت المعارضة اليمنية في الخارج التي يقودها زعيم المحاولة الانفصالية الفاشلة في صيف 94 على سالم البيض من حدة خطابها ضد السلطة, بل وسارع البيض من منفاه في ألمانيا إلى تأسيس حزب جديد يحمل أسم "الحزب الديمقراطي " فضلا عن إعادة بث قناة فضائية على مدار النايلسات تتبنى خطابا تحريضا لإذكاء بذور الفرقة بين أبناء اليمن والترويج للمشروع الانفصالي المتنكر للهوية اليمنية _ مشروع كان يتبناه الاستعمار البريطاني لجنوبي اليمن وخصوصا في عقد الخمسينات _ ويستهدف إنشاء جمهورية جنوبي الجزيرة العربية تحمل اسم "الجنوب العربي". وقد أنعكس هذا الخطاب التحريضي على الأرض بزيادة التوترات في بعض المناطق الجنوبية وخصوصا في منطقة "ردفان" بمحافظة لحج والتي شهدت مواجهات بين جنود الأمن وعناصر تابعة للحراك نجم عنها استشهاد ثلاثة جنود وجرح 11 آخرين إثر قيام تلك العناصر بنصب كمينين لدوريتين عسكريتين أمس الأول. وبحسب متابعين فأن البيض يسعى لمنع أي تقارب يوصل إلى توافق بين الأطراف السياسية اليمنية كون ذلك لا يخدم مشروعه الانفصالي خصوصا وأنه لم يبد أي تجاوب يذكر مع دعوة الرئيس اليمني للشراكة الوطنية. ومن المرجح أن تتضح الرؤية في غضون أسبوعين حول مدى جدية معارضة الخارج في المشاركة في الحوار المرتقب وأن كانت توقعات مراقبين سياسيين يمنيين تشير إلى احتمال مشاركة عدة شخصيات هامة أبرزها الرئيس الأسبق للشطر الجنوبي من اليمن قبل الوحدة على ناصر محمد المقيم حاليا في سوريا وأول رئيس وزراء في الحكومة المشكلة عقب إعادة توحيد اليمن حيدر أبوبكر العطاس المقيم حاليا في السعودية. ويحظى الرئيس علي ناصر بإحترام واسع في الساحة اليمنية ولدى السلطة والمعارضة كونه من القيادات الجنوبية البارزة التي ساهمت في مسيرة العمل الوحدوي ومازال يحمل مشروع اليمن الكبير "اليمن الموحد" ويرفض مشاريع التجزئة والشتات إلا أنه يؤكد على ضرورة المعالجة الجذرية للأوضاع في الجنوب ومعالجة كافة المترتبات على حرب صيف 94 وتجسيد الشراكة الوطنية في معالجة التحديات القائمة وبناء دولة النظام والقانون.