ألقى الشيخ الدكتور عمر عبدالله بامحسون مساء يوم الأحد الماضي، محاضرة قيمة بديوانية المهيدب والفوزان ( ديوانية جدة ) بمدينة جدة السعودية . حيث إستعرض خلالها توالي الهجرات الحضرمية عبر العصور إلى مشارق الأرض ومغاربها ، منها ماكان قبل ظهور الإسلام ، حيث عرف الحضارم الهجرة للحجاز ولأرض الشام والعراق . وأشار الدكتور بامحسون إلى أن الشعر العربي يخلد تلك الرحلات ، حيث وصلت كندة إلى نجد وتخوم العراق ، وذكر بأن هجرات الحضارم في العصر الإسلامي كانت ضمن الجيوش الإسلامية إلى الشام ومصر وتونس والأندلس ، حيث تولى عدد منهم أرفع المناصب ، وتولوا القضاء ، وإلى إفريقيا كانت هجرتهم إلى السواحل الشرقية وإلى جزيرة زنجبار ، وغيرها من البلدان وجزر المحيط الهندي ، وكانت ريادتهم ومهارتهم في الملاحة البحرية ، قد اتجهت بهم شرقاً للسواحل الهندية ، فكانت مجموعاتهم التي وصلت إلى الهند قد ازدادت حتى أصبح عدد منهم في الخدمة العسكرية وتقلدوا فيها مناصب رفيعة وكانوا من أفضل الجنود حيث يتميزون على من سواهم ، في المكانة والسلطة والأجر ، ومنهم من امتهن التجارة . ونوه الدكتور عمر بامحسون إلى أن موضوع الهجرة الحضرمية موضوع كبير يحتاج إلى مجلدات لكي نوفيه حقه من البحث والتوثيق ، ملفتاً إلى نشر العديد من المؤلفات والدراسات حول الهجرة الحضرمية من مستشرقين ومسلمين ، منها ماقام به معهد الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن بعقد مؤتمر علمي كبير خلال الفترة من 26 إلى 30 إبريل 1995م وقد كان عنوان المؤتمر ( حركات الهجرة الحضرمية في المحيط الهندي مابين 1750 – 1967 م .). وتطرق الدكتور بامحسون إلى الخلاف القائم بين المؤرخين حول تاريخ الوجود الحضرمي في جنوب شرق آسيا ، فمنهم من قال أنهم جاءوا في أواخر القرن الثامن الميلادي ، ومنهم من حدد وجودهم قبل ذلك التاريخ ، وقبل إكتشاف إبن بطوطة الرحالة العربي المشهور ، فالهجرة الحضرمية قد تكون ذات علاقة بالوجود الأباضي في حضرموت حيث خرج منها العلماء وهاجروا للهند ثم إندونيسيا قبل الوجود البرتغالي . ثم عرج على شرح موجز عن هجرتهم إلى الهند ، وإندونيسيا وأثرهم الكبير في نشر الإسلام واللغة العربية . وأجاب الدكتور بامحسون عن سؤال : لماذا نحرص على تعليم اللغة العربية في الدول والمجتمعات غير العربية ؟ وبيَّن أسباب إنتشار الثقافة العربية في إندونيسيا ، واستشهد بتأسيس المدارس والصحف العربية فيها ، وأوضح حقيقة مشاركة العرب مع إخوانهم المسلمين الإندنوسيين النضال في مقاومتهم للإستعمار البرتغالي والهولندي والياباني . ثم أكد على جهود الدول العربية والأربطة والجمعيات في تعليم اللغة العربية لغير العرب ، وذكر منها مصر ، ورباط تريم والمملكة العربية السعودية وجمعية الدعوة والتعليم في جنوب شرق آسيا . وفي ختام محاضرته رفع الدكتور عمر بامحسون جملة من التوصيات ، أبرزها : 1- الإهتمام بالأسرة . 2- العناية بتعليم المراة وإعدادها لتكون اماً مسلمة تربي اطفالاً مسلمين . 3- التركيز على تعليم الأطفال صغار السن في مرحلة رياض الأطفال والتمهيدي والمرحلة الإبتدائية . 4- إبتكار أساليب تعليم جذابة لتعليم الأطفال . 5- إنشاء معاهد متخصصة لإعداد معلمي اللغة العربية والعلوم الإسلامية . 6- والتوسع في توفير المنح الدراسية لأبناء الدول الإسلامية غير العربية . هذا وقد أدار حوار الندوة سعادة الدكتور عبدالله بن مرعي بن محفوظ ، رجل الأعمال المعروف ومنتج فيلم هجرة الحضارم وصاحب مبادرات البحث والتوثيق والتأليف ، حيث تطرق في أحاديثه إلى أن أغلب هجرات الحضارم اليوم إلى دول أسيا والعالم بدافع التعلم ، عكس ماكانت عليه سابقاً عندما كانت بدافع التجارة ونشر الإسلام ، وطالب إبن محفوظ من مهاجري اليوم المتميزين في تحصيلهم العلمي وأخلاقهم الرفيعة إلى البقاء كسفراء للعرب واللغة والدين في تلك البلدان . مطالباً بضرورة الحرص على كل ما من شأنه أن يخدم الهوية العربية ، ويعزز من وجوده وأثرها وتأثيرها الإيجابي لخلق عالم جميل يتحلى بالعلم والمعرفة . وقد حظيت الندوة بتداخل العديد من روادها ، وحضرها نخبة من دكاترة وأساتذة الجامعات السعودية والمثقفين العرب والمهتمين والإعلاميين ، وكوكبة مميزة من حضارم السعودية والمقيمين بها . وقد اجاب المحاضر ومدير الندوة والقائمين عليها على كل الإستفسارات والمداخلات الضافية . وعقب الإنتهاء من مجريات الندوة توجه الجميع إلى تناول طعام العشاء على مائدة رجلي الأعمال الشيخين خالد الفوزان وعماد المهيدب . وغادر الجمع ديوانية جدة بأمل كبير وسعادة غامرة بهكذا تجمعات هادفة ومفيدة .