يرجح الدكتور احمد المجرشي - استاذ علم النفس بجامعة عدن ان الرئيس علي عبد الله صالح يمكن ان يظهر مرة اخرى "وليس بالضرورة بكلمة متلفزة، بل ربما بخطاب صوتي سينسب له حتما اذا لم يستطيع الظهور تلفزيونيا، ليس لعدم قدرته على ذلك عموما، بل للتوقيت الذي ربما سيفرض عليه الظهور انسجاما مع ما قد يستجد من أحداث استثنائية مفاجئة في الداخل" . ويرى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار دلالات التاريخ التي تم فيه ظهور الرئيس علي عبدالله صالح بعد محاولة اغتياله في 3 يونيو الماضي وهو 7 يوليو، قائلا ".. اجزم انه ليس صدفة بل ان هذا يشير الى ان من سعى للترتيب لهذه المناسبة وفي هذا التوقيت هي ثلاث قوى في اعتقادي وجميعها استفادت او ستستفيد من ظهور الرئيس بهذه الطريقة بالرغم من ان الكل سيستفيد وفقا لأجندته الخاصة". في الحوار التالي _ الذي اجري قبل الظهور الثاني للرئيس بمعية مستشار الرئيس الأمريكي جون برينان _ يتحدث د. المجرشي عن ظهور الرئيس صالح ومدى تأثير الصورة التي بدا فيها على مناصريه ومعارضيه وعن نبرة التحدي التي عرف بها في خطاباته وعن تقييم حضوره وقدراته الذهنية والجسدية من خلال ظهوره على شاشة التلفزة. أجرى الحوار _ عبدالرحمن احمد عبده •بعد أكثر من شهر من محاولة اغتياله ظهر الرئيس علي عبدالله صالح .. ما مدى تأثير الصورة التي بدى فيها على مناصريه وعلى معارضيه ؟ ظهور صالح في آخر تسجيل مصور بثه التلفزيون الرسمي صدم الجميع ليس فقط في اليمن، بل اجزم حتى من هم خارج اليمن من المهتمين بالشأن اليمني وفي الحقيقة لم نكن نتوقع أن نراه بهذه الصورة بل لم نستطيع ان نستوعب لماذا سمح له بالظهور بهذه الصورة، لولا ادراكنا من ان الترتيبات التي يتم البحث فيها حول مستقبل الحكم في اليمن لا تضع أي اعتبارات للجوانب الإنسانية ومشاعر الناس أي كانوا مؤيدون او مناصرون لصالح، بقدر ما تفكر بالربح والخسارة من هكذا موقف وبغض النظر عما اذا كان ظهور الرئيس باختياره او مجبرا فقد نتج عنها مشاعر متناقضة ليس فقط بين مناصريه ومؤيديه كل على حده، بل اجزم ان هذه المشاعر المتناقضة قد تولدت في داخل المجموعة نفسها، ففي الوقت الذي دفعت هذه المشاعر أنصاره للبكاء والحزن، حاولوا اخفاء ذلك مؤقتا بإطلاق الرصاص الحي ومضادات الطائرات في اغلب المدن اليمنية ولكن سرعان ما سينتج عن ذلك شعورا بالانكسار والانتقال للحياد المؤقت ان لم يكن الانتقال عمليا الى مربع المعارضين لصالح ومن جانب اخر لدى البعض من انصاره وخصوصا المقربين والمستفيدين بصورة مباشرة من نظام حكمه فقد تولدت مشاعر الفرح المفتعلة عند ظهوره حيت تأكدوا بما لا يدع مجالا للشك من أنه ما يزال على قيد الحياة مما دفعهم ايضا للاحتفال وبالطريقة نفسها وهو ما سيزيدهم عنادا من اجل كسب المزيد من الأوراق، اما للتفاوض السياسي من اجل الحفاظ على مشاركة ملموسة في سلطة ما بعد صالح او إجهاض الثورة ورفض انتقال السلطة وهو ما سيزيد الوضع سخونة بل ربما يعود بالوضع الى المربع الاول لما قبل الثورة والمتمثل في حوار لا طائل منه . اما لدى معارضيه فقد تولدت مشاعر الشفقة عليه خصوصا انه أضاع فرصة تاريخية لتسليم السلطة والخروج وهو يتمتع بصحته وضمانات بعدم ملاحقته واشياء اخرى لم تتح لرئيس قامت عليه ثورة من قبله وربما من بعده ايضا، اما لدى البعض الآخر من معارضيه وبعيدا عن الشماتة التي يمقتها مجتمعنا المسلم فقد شعروا وتيقنوا من ان الرئيس صالح وبهذه الصورة التي ظهر بها لم يعد صالحا لحكم اليمن ولهذا ستزداد فعالياتهم الثورية من اجل إسقاط من تبقى من أركان حكمه وسنلاحظ ذلك في الايام القادمة . •تضمنت كلمة الرئيس صالح نبرة التحدي التي عرف بها في خطاباته ، ما تفسير ذلك وهو في هذا الوضع الصحي السيئ ؟ أولا دعنا نركز على مواضع كلمة التحدي في سياق كلمة الرئيس نجدها استخدمت في موضعين اثنين الاول في بداية الكلمة وكان يتحدث عن مواجهة التحدي للقوى التي خططت ونفذت حادث جامع النهدين وهو بهذا يريد ان يقول ان المخطط فشل في تحقيق كل أهدافه، بالرغم من حجم الخسائر السياسية او المادية المتمثلة في جرح العديد من القيادات بمن فيهم الرئيس نفسه، وهذا التحدي موجه لعناصر الإرهاب وهم هنا عناصر القاعدة التي ربما تغلغلت الى القصر ونستدل على ذلك من خلال عدة تصريحات كان أخرها تصريح يحيى محمد عبد الله صالح الذي قال ان هناك ما يشير الى تورط القاعدة في الحادث، كما انه أشار في تصريحه الى ان هناك ايضا عناصر من المعارضة ارتبطت ايضا بعناصر القاعدة التي نفذت الحادث وهذا الربط ايضا جاء بصورة غير مباشرة في كلمة الرئيس في الموضع الاول في الكلمة حيث قال - مواجهة التحدي الذي حدث في أول جمعة رجب من قبل عناصر الإرهاب والمرتبطة بعناصر الإرهاب. ان محاولة ربط القاعدة بالمعارضين او بالخصوم اعتدنا عليها من قبل الرئيس وأركان حكمه فقد ربطوا القاعدة بالحراك وبالحوثيين وبما يحدث في ابين بل بعلي محسن والمعسكرات والالوية التي ايدت الثورة واخيرا باللقاء المشترك مع التركيز على حزب الاصلاح واخيرا بالخصوم داخل القصر سواء من وصلوا الى جامع النهدين او في مكان اخر داخل القصر او في كليهما في كل الاحوال، هذا التحدي موجه لهم وليس لقيادة لثورة الشعبية. اما الموضع الثاني فقد جاء في نهاية الكلمة حيث نراه مرة اخرى يعود الى هذا الحادث الجلل ليلقي التحية الى من حاول ان يدافع عنه قي هذا الهجوم و بذل حياته فداء للرئيس حيث قال - فتحية لأولئك الإبطال الذين صمدوا والذين واجهوا التحدي بتحدي وسنواجهه بالتحدي . وحيث اننا قد سمعنا قي بلاغات رئاسية عن استشهاد 11 ضابطا من حراسة الرئيس وورد ذكر احدهم بالاسم في الرسالة الصوتية المنسوبة للرئيس عقب الإعلان عن الحادث وكما هو معلوم لم نسمع عن استشهاد احدا غيرهم حتى الان باستثناء وكيل احدى الوزارات وهو الفسيل وهذا توفي في السعودية متاثرا بجراحه رحمهم الله جميعا ونسال الله ان يشفي البقية بمن فيهم الرئيس صالح، من هنا نستنتج ان التحدي موجه ايضا لمن قام بالتخطيط والتنفيذ للحادث الجلل كما اسماه الرئيس. اذا هذا من حيث كلمة التحدي اما في نبرة التحدي عموما في كلمة الرئيس في اعتقادي ان عملية التسجيل وما رافقها من مونتاج ملفت، حتى بدت وكأنها غير مترابطة، لا يجعلنا ان نوصفها بانها تحمل دلالات التحدي غير التي اشرنا اليها سابقا . •هل وجدتكم في مفردات خطابه ما يعكس تأثير محاولة الاغتيال على موقفه السياسي وما حجم هذا التأثير ان كان واضحاً ؟ ان ما اشرت اليه في الاجابة السابقة يعبر وبقوة الى تأثير الحدث الجلل في خطابه ولقد اشرنا الى كيف بدا خطابه وكيف ختمه بنفس الفكرة ايضا والمتمثلة باظهار التحدي لمن خطط ونفذ محاولة الاغتيال كما سميتها انت في سؤالك كما ان وقوفه عند الحديث عن لي الذراع يعبر عن مدى الضغوطات متعددة المصادر التي تمارس عليه وهو في هذه الحالة التي رايناه فيها ولعل اشدها كانت في إصرار البعض على ظهوره، لمآرب كثيرة وهذه المحاولات قد بدأت منذ اليوم الاول للحادث حيث نجحت هذه القوى من تسجيل صوتي نسبته اليه وما رافق بعد ذلك من تصريحات حول ظهوره مباشرة على التلفزيون خلال 48 ساعة تم خلال أسبوع وأخيرا ظهر مثقلا بالجراحات النفسية أكثر من الجسدية مع الاخذ بعين الاعتبار دلالات التاريخ التي تم فيه ظهوره وهو 7 يوليو، واجزم انه ليس صدفة بل ان هذا يشير الى ان من سعى للترتيب لهذه المناسبة وفي هذا التوقيت هي ثلاث قوى في اعتقادي وجميعها استفادت او ستستفيد من ظهور الرئيس بهذه الطريقة بالرغم من ان الكل سيستفيد وفقا لأجندته الخاصة، فهناك من سيستفيد من خلال اختيار 7 يوليو كموعد لظهوره وهناك من سيستفيد بفكرة ظهوره بغض النظر عن الحالة التي يظهر بها الرئيس، أولا للتأكيد من انه لن يمت وثانيا لتخفيف الضغط المتمثل في المطالبات الداخلية والخارجية لانتقال السلطة وثالثا يفرض نفسه كبديل كون الرئيس صالح لن يستطيع العودة كرئيس على الاقل خلال الاشهر الثلاثة القادمة، اما القوة الثالثة فهي تستفيد من الظهور كونه سيمثل مقدمة مقنعة لخطاب او اتفاق اتوقع الاعلان عنه في وقت قريب. واحب ان اقول هنا ان هذه القوى ستحقق رغباتها اذا ما بقيت الأوضاع في البلد تراوح في مكانها وهذا هو القاسم المشترك بين هذه القوى وهو ما يتعارض كليا مع أهداف الثورة والطامحين الى سرعة الحسم الثوري بعيدا عن أي ضغوطات تمارسها هذه القوى الثلاث على قوى الثورة المختلفة بصورة مباشرة او غير مباشرة وهذا يضع قوى الثورة أمام مهمة ملحة تتمثل في التوافق على تقدير مصالح هذه القوى والتأكيد على المحافظة عليها بحيث لا تتعارض هذه المصالح مع مصالح الشعب اليمني على المدى القريب والبعيد بالإضافة الى إعادة ترتيب الأولويات التي أراها حاليا مبعثرة ومحكومة بأهواء متناقضة بل ومتصارعة قي بعض الاحيان وهو ما يشكل خطرا حقيقيا في سبيل تحقيق أهداف الثورة وبناء الدولة المدنية الحديثة التي يرتضيها الجنوب والشمال . •هل يمكن تقييم حضوره وقدراته الذهنية والجسدية من خلال ظهوره على شاشة التلفزة ؟ من يعرف الرئيس حقيقة، سيدرك مدى مبالغة البعض في ان حضوره وقدراته الذهنية قوية، اما قدراته الجسدية لا تحتاج الى تقييم بل الى تقويم، نسال الله له الشفاء •بتقديركم .. وفق هذا الظهور، هل هناك ما يوحي بأن الرئيس سيظهر مرة أخرى ؟ وما الذي يمكن ان يقوله ؟ اذا اطال الله بعمره، حتما سيظهر وليس بالضرورة بكلمة متلفزة، بل ربما بخطاب صوتي سينسب له حتما اذا لم يستطيع الظهور تلفزيونيا، ليس لعدم قدرته على ذلك عموما، بل للتوقيت الذي ربما سيفرض عليه الظهور انسجاما مع ما قد يستجد من أحداث استثنائية مفاجئة في الداخل، اما ما سيقوله لن يخرج كثيرا عن أمرين اما الموافقة على تسليم السلطة مستندا الى تقرير طبي او من خلال مبادرة جديدة يعلنها او يوافق عليها اذا لم تكن صادرة باسمه والأمر الثاني العناد والمكابرة والتحدي وممكن ان يكونان الأمرين معا فيبدأ بالأمر الأخير وبعد فتره ليس طويلة سنكون مع الإطلالة الثالثة والأخيرة من السعودية والتي سيعلن فيها مجبرا الأمر الاول وهو التنحي.