يعيش العالم ،السبت، تظاهرات فريدة من نوعها في أكثر 860 مدينة في 78 دولة للمطالبة بالبحث عن حلول للأزمة المالية التي تعصف بعشرات الدول والتنديد بالفساد المالي، وهذه التظاهرات دعت إليها حركة 15 مايو الإسبانية ووجدت صدى عالميا تجد فلسفتها واستوحت أفكارها وتحركها من الربيع العربي. وهكذا، في تجربة مماثلة للتظاهرات ضد حرب العراق التي كانت مئات المدن مسرحا لها سنة 2003، يعود العالم بعد ثمان سنوات ليشهد مظاهرات مماثلة وربما أكثر عددا وهذه المرة ضد ما يسمى 'بالحكومة المالية العالمية التي حولت المؤسسات المالية بمثابة كازينو عالمي' يتحكم فيه مجموعة من اللوبيات، كما يصفها دعاة التظاهرات ويتهمونها بالاستحواذ على الثورات العالمية. وتبرز مئات المقالات المنشورة في مختلف وسائل الاعلام خاصة تلك الحرة منها أو 'الصحافة البديلة' التي انفلتت من هيمنة المؤسسات الإعلامية والمالية الكبرى على ضرورة تحرك البشرية للانفلات. ويبقى شعار هذه التظاهرات خير معبر وهو 'جميعا من أجل التغيير الشامل'. وتتجه الأنظار الى ثلاث مدن عالمية، الأولى وهي العاصمة مدريد التي ستكون مسرحا لأحد أكبر التجمعات العالمية وخاصة في ساحة 'بويرتا ديل سول'، إذ يعتبر الشباب الإسباني من أهم المؤسسين ليوم الغضب والاحتجاج العالمي وأول من دشن وبقوة في الغرب مسيرة الاحتجاج ضد المؤسسات المالية والحكومات المحلية المتواطئة معها. وكان الشباب الإسباني قد اعتصم لمدة تفوق الشهر في بويرتا ديل سول ابتداء من 15 مايو حتى منتصف الصيف الماضي. وتجدر الإشارة الى أن 60 مدينة اسبانية ستشهد تظاهرات اليوم السبت. كما تتجه الأنظار الى العاصمة البلجيكية بروكسيل بحكم أنها عاصمة الاتحاد الأوروبي كذلك وتحتضن منذ أيام قمم أوروبية في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأزمة المالية التي تهدد دول بالكامل مثل اسبانيا وإيطاليا والبرتغال واليونان، هذا البلد الأخير الذي يعيش على حافة الهاوية. ويذكر أن الصحافة اليونانية عكس أمس تخوفها من وقوع مواجهات بين الشباب المحتج والشرطة. وفي الوقت نفسه تتجه الأنظار الى مدينة نيويورك التي تشهد ساحتها زوكوتي والشوارع المحاذية لوالت ستريت اعتصاما منذ أسابيع من طرف شباب أمريكي خانق على طبقته السياسية وعلى هيمنة المؤسسات المالية التي حولت البلاد بالمضاربات المالية إلى ما يشبه كازينو. وكتبت المحللة نهومي كلاين في ذي نايشن الأعرق بين المجالات الأمريكية أمس في موقعها في شبكة الإنترنت 'احتلال واست ستريت هو أهم حدث في العالم الآن'. وفي الوقت ذاته، ستكون التظاهرات في مدن مثل باريس وأمستردام وروما وفيينا وبرشلونة وسان فرانسيسكو وبوينوس آيرس وسانتياغو دي تشيلي ضمن مئات الأخرى. والمثير أنه رغم أهمية هذا الحدث الدولي، فالكثير من كبريات قنوات التلفزيون العالمية المرتبطة بالمؤسسات المالية الكبرى تتجاهل الحدث الدولي حتى الآن. وصرح منظمون للتظاهرات في اسبانيا ل'القدس العربي' أن 'التظاهرات قد تنتهي باعتصامات في مختلف مدن العالم وبالأخص في العاصمة مدريد،، فالأمر ليس واردا ولكن كل شيء محتمل بعد هذه التظاهرات'. ويعترف دعاة هذا اليوم العالمي للتظاهر من أجل التغيير، أي الإسبان بأن الربيع العربي وخاصة الاعتصامات التي شهدتها مصر واليمن وروح 'ثورة الباسمين' في تونس هي أصل هذا اليوم العالمي للاحتجاج، فأول بيان لحركة 15 مايو الإسبانية أبرز تأثير الربيع العربي، والأمر نفسه مع المتظاهرين في نيويورك ضد المؤسسات المالية في واست ستريت.