رغم الإعلان مراراً وتكراراً عن اتفاقٍ على آلية لنقل السلطة في اليمن وفقاً لمقترحات قدّمها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، إلاّ أن الاتفاق لم يُوقَّع حتى الآن وبالتالي لم يُباشَر تنفيذه. كان نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي هو الذي توصل إلى هذا الاتفاق مع أحزاب المعارضة. لكن الرئيس علي عبد الله صالح طلب إدخال تعديلاتٍ عليه، فأعاد الأزمة إلى المربع الأول، لماذا ؟ لأن التعديلات تعني أنه لا يزال يرفض نقل السلطة ويريد أن يبقى في موقعٍ يمكّنه من التحكم بآليات الحل، أي بحكومة الوحدة الوطنية المفترَض تشكيلها وبالانتخابات الرئاسية وبكل مُجريات الأحداث قبل أن يسلّم السلطة إلى خلفه المنتخَب. في الأسبوعَين الأخيرين بعد صدور قرار مجلس الأمن الذي طلب منه التنحي وفقاً للمبادرة الخليجية، استاء علي صالح من تدويل الأزمة، لكنه تظاهر بالاستجابة ليتفادى احتمال فرض عقوباتٍ عليه وعلى نظامه. غير أنه لم يبدّل نهجه المراوغ. ومع اقتراب نهاية المهلة التي حددها مجلس الأمن في الحادي والعشرين من هذا الشهر، يشعر علي صالح أنه تحت الضغط. ولعل إعلان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه قبل أيام أن الاتحاد الأوروبي سيبحث الأسبوع المقبل فرض عقوباتٍ شخصية على الرئيس اليمني، أقلق الأخير نظراً إلى أنّ جانباً كبيراً من ثروته وأملاكه موجود في أوروبا والولايات المتحدة. ولا شك أنه إذا بدأ مسلسل العقوبات، فإنه قد يُفقِد الرئيس صالح الضمانات التي كان حصل عليها لقاء قبوله المبادرة الخليجية التي لا يزال يتهرب من توقيعها. لذلك يجد نفسه الآن مضطراً للتخلي عن التعديلات ربما التي طلبها تسهيلاً للتوقيع على الآلية، لعل هذا التنازل يمكّنه من كسب بعض الوقت. ثمة صراعان سينشآن بعد توقيع الآلية إذا وقِّعَت، الأول بين أحزاب المعارضة وشباب الثورة الذين يريدون تنحي علي صالح ومحاكمته، والآخر يتعلق بالصلاحيات التي يُفترَض بالرئيس أن ينقلها لنائبه. ومن المؤكد أنه لن يتيح له أي سلطةٍ على مؤسستي الجيش والأمن أو على الوزارات السيادية. ما يعني أنه سيحتفظ لنفسه بإمكان التراجع عن بعض شروط الحل، لأنه لم يتخلى عن رغبته في إقصاء خصومه والانتقام منهم. خبر وتحليل من إعداد عبد الوهاب بدرخان عن " فرانس 24 "