هي فعلاً إحدى أعجب عجائب الدنيا دون منازع، خشيةُ إسرائيل من سقوط النظام "الممانع والمقاوم" في سوريا وتقاطعها في هذه الخشية مع كل من إيران و"حزب الله" في لبنان.. فبغض النظر عن أي تموضع سياسي في الخنادق اللبنانية، لا بد من وقفة تمعّن في مضامين تصريح رئيس الهيئة الأمنية والسياسية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد عبر أثير "إذاعة إسرائيل": "سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد سيترتب كارثة تقضي على إسرائيل (...) إسرائيل ستواجه كارثة وستصبح مهددة إذا نجحت الثورة السورية في الإطاحة بنظام الأسد الذي يمثل وجوده مصلحة لإسرائيل".. .. وبذلك تكون إسرائيل قد إنضمت إلى "محور الممانعة" في المنطقة، بمواجهة الدول العربية وتركيا وبعض المجتمع الدولي المطالب بوقف نزيف الدم في سوريا والذي بات معدل حصيلته يعدّ نحو عشرين قتيلاً يوميًا على مستوى المدن السورية المنتفضة على نظام الرئيس بشار الأسد، في وقت تدخل دمشق يومًا بعد آخر في عزلة دبلوماسية متصاعدة مع تواصل سحب السفراء منها وإقفال مقرات البعثات الدبلوماسية فيها إثر تعرضها لهجمات متتالية من مناصري النظام السوري، وآخر ما جاء في هذا السياق قرار العاهل المغربي الملك محمد السادس إستدعاء سفيره في سوريا محمد الخصاصي بعدما تعرضت سفارة المملكة المغربية في دمشق لهجوم من نحو 150 متظاهرًا مؤيدًا للأسد، حسبما أعلن وزير خارجية المغرب الطيب الفاسي الفهري بُعيد انعقاد المنتدى العربي التركي في الرباط... وتزامنًا أعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أمام "الجمعية الوطنية" في باريس إستدعاء سفير فرنسا في سوريا اريك شوفالييه "بعد أعمال العنف التي استهدفت المصالح الفرنسيّة في سوريا"، وإغلاق القنصليتين الفرنسيتين في حلب واللاذقية وسائر المؤسّسات الثقافية الفرنسية في سوريا. على أنه، وفي ضوء مقررات إجتماع وزراء الخارجية العرب في الرباط، أوشك التعاطي الدبلوماسي العربي مع الأزمة السورية من بلوغ "نهاية الطريق" مع انتهاء المهلة العربية الممنوحة للنظام السوري يوم السبت المقبل في سبيل "اتخاذ إجراءات فعالة لوقف القتل فورًا"، وتوقيع بروتوكول بين جامعة الدول العربية والحكومة السورية يتيح إرسال لجنة مراقبين من الجامعة إلى سوريا لمراقبة ورصد مدى إلتزام النظام السوري بموجبات المبادرة العربية، وذلك حسبما أوضح رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، مع التشديد على "ضرورة إيجاد حل للأزمة السورية من دون أي تدخل أجنبي". وعلى الجانب التركي، لفت تأكيد وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو من الرباط أن "النظام السوري سيدفع ثمنًا باهظًا على أفعاله"، وأوضح في افتتاح المنتدى العربي - التركي أنّ "الثمن الذي ستدفعه الحكومة السورية لأنها لم تف بالوعود التي قطعتها في الجامعة العربية، هو العزلة في العالم العربي". في غضون ذلك، وعشية زيارة وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه تركيا لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين الأتراك على مدى يومين تتناول "موضوع سوريا والتطورات العربية وترشيح أنقرة للاتضمام إلى الإتحاد الأوروبي ومكافحة حزب العمال الكردستاني" وفق ما أعلنت وكالة أنباء الأناضول التركية.. أفادت مصادر تركية موقع "NOW Lebanon" أنّ "النظام السوري يسير بأفعاله وارتكاباته نحو سقوط حتمي، لكن لا أحد يدرك كم سيستغرق هذا السقوط وكيف سيكون شكله وما هي كلفته، خصوصًا وأنّه بات واضحًا أنّ نظام الأسد مصمم على استغلال كل عناصره وأساليبه القمعية والدموية لقمع الشعب السوري، وبالتالي فإنّ هذا النظام لن يتوانى عن ارتكاب أفظع المجازر وأبشع الممارسات والتسبب بدمار سوريا على مختلف المستويات، في سبيل البقاء في السلطة". وإذ أعربت عن استبعادها "قيام المجتمع الدولي بأي عمل عسكري ضد النظام السوري"، لفتت المصادر التركية الإنتباه في هذا المجال إلى أنّ "النظام السوري يتحصن وراء قدرته التخريبية العالية في المنطقة لدرء أي مواجهة دولية معه"، مشيرةً في هذا الإطار إلى أنّ "تركيا واثقة من أنّ نظام الأسد يقف وراء الإعتداءات التي شنتها مجموعات كردية متمردة في تركيا بالأونة الأخيرة"، ومؤكدةً في المقابل بأنّ "القيادة التركية لن تقف مكتوفة الأيدي حيال هذا الدور التخريبي الذي يلعبه النظام السوري على الأراضي التركية". وإذ لاحظت "قناعة عربية متنامية بأنّ الرئيس السوري بشار الاسد لن يقوم سوى بمزيد من المناورات للتنصل من التطبيق الفعلي لمبادرة جامعة الدول العربية"، لفتت المصادر التركية إلى أنّ "النظام السوري يراهن بالإضافة إلى قدراته التخريبية في المنطقة على الدعم الإسرائيلي له في الأروقة الدولية لمنع أي عمل دولي مساند للشعب السوري، لأنّ إسرائيل تخشى فعليًا من سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وهي تسعى إلى تجنب هذه الفرضية حرصًا على المصالح التي يؤمنها هذا النظام للدولة العبرية في أكثر من مجال سواءً على مستوى الهدوء الذي يؤمنه هذا النظام في الجولان المحتل، أو لناحية التنسيق المخابراتي المستمر تحت الطاولة بين النظامين السوري والإسرائيلي في أكثر من ملف إقليمي". وردًا على سؤال، أكدت المصادر التركية أنّ "أنقرة لا تسعى وراء أي غطاء دولي أو أطلسي للتدخل عسكريًا في سوريا"، إلا أنها شددت في الوقت عينه على أنّ "القيادة التركية لن تألو جهدًا في سبيل مؤازرة الشعب السوري والمساعدة بكل الأشكال المتاحة لإيقاف آلة القتل التي تبطش بالسوريين". وفي معرض تأكيدها أنّ "الأزمة في سوريا داخلية ولا أساس لأي مؤامرة خارجية يدعي النظام التصدي لها"، أشادت المصادر التركية "بصمود وتصميم الثوار السوريين على رفع الظلم ونيل الحرية والكرامة الإجتماعية بالرغم من ارتفاع وتيرة القتل والعنف والإرهاب الذي يمارسه النظام السوري"، متوقعةً في المقابل "إشتداد عزلة هذا النظام دوليًا وعربيًا، واتساع رقعة التظاهرات والإنشقاقات في صفوف الجيش السوري كردة فعل طبيعية من الضباط والعناصر الشرفاء الذين يرفضون تحويل وجهة الآلة العسكرية السورية من مهمة الدفاع عن الوطن إلى مهمة قتل أبناء هذا الوطن". وختمت المصادر التركية بالتشديد على أنّه "لا يوجد حاكم استبد بشعبه واستطاع أن يستمر في منصبه"، مذكرةً في هذا السياق بأنّ "مصير الحكام المستبدين في المنطقة بات معروفًا، أسوةً بما شهدناه من نتائج للثورات الشعبية العربية، وهذا ما سينسحب على النظام السوري عندما تحين لحظة سقوطه".