قالت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، إن الولاياتالمتحدة بدأت بوضع "خطط احترازية" مع حليفتها تركيا، تهدف إلى تحديد طرق التعامل مع الظروف الطارئة في حال انهيار النظام السوري، بينما لفت محللون إلى أن إعلان المعارضة "تحرير" مناطق شمالية قد يؤدي إلى الضغط على واشنطنوأنقرة لإعلان "حظر جوي" فوقها. وجاء إعلان كلينتون في مدينة أسطنبول التركية التي تزورها لمناقشة ملفات أبرزها الوضع في سوريا التي يتصاعد العنف فيها منذ أكثر من عام ونصف. وقالت كلينتون، بعد اجتماعها مع نظيرها التركي، أحمد داوود أوغلو: "هناك تفاهم واضح حول ضرورة انتهاء هذا الصراع بسرعة، ولكن ليس بطريقة ينجم عنها المزيد من الدمار وسقوط القتلى والجرحى." وحددت كلينتون أولويات واشنطن بأنها "إنهاء نزيف الدم في سوريا وكذلك نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، هذا هو هدفنا الاستراتيجي وعلينا أن نحلل المعطيات التي تقف عقبة في طريق تحقيق ذلك." وأثار داوود أوغلو بالمقابل مخاوف أنقرة حيال تزايد نشاط المجموعات التي توصف بالإرهاب في المنطقة، وعلى رأسها حزب العمال الكردستاني، وذلك بعد سيطرة فصائل كردية على مناطق يقطنها الأكراد شمال شرقي سوريا. وقد استجابت كلينتون للقلق التركي بالقول: "نعم نشعر بالقلق حيال الإرهابيين، حزب العمال الكردستاني والقاعدة وتنظيمات أخرى قد تستغل الصراع المشروع الذي يقوم به الشعب السوري من أجل نيل حريته لترويج أجنداتها الخاصة." بالمقابل، قال مسؤول تركي طلب عدم ذكر اسمه، إن أنقرة التي تخطط لبناء أربع مخيمات جديدة من أجل استقبال جموع السوريين اللاجئين إلى أراضيها، تتطلع إلى الحصول على المزيد من الدعم من أمريكا للتعامل مع الأزمة السورية. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه إنه بعد جولة المحادثات التي جرت السبت بدأت واشنطن "تفهم" خطورة الوضع، ولفت إلى أن كلينتون والوفد المرافق لها طلبوا البحث بالتفصيل في الملف السوري، ورأى أن واشنطن تريد "المزيد من الانخراط والمشاركة." من جانبه، قال أندرو تابلر، الباحث في معهد واشنطن لدراسة سياسات الشرق الأدنى، إن اللقاء بين كلينتون وداوود أوغلو كان على صلة بالتطورات في شمالي سوريا، مع تقدم العمليات في مدينة حلب وإمكانية تدفق موجات كبيرة من النازحين نحو الأراضي التركية. وأضاف تابلر: "لكن الأهم هو أنه قد بات هناك منطقة في شمالي حلب خارجة عن سيطرة النظام، وإذا ما أعلنتها المعارضة منطقة محررة فستضع واشنطنوتركيا تحت ضغط تحويلها إلى منطقة حظر جوي بطريقة أو بأخرى. ويشار إلى أن تركيا تأوي عشرات الآلاف من السوريين الذي فروا من وجه العنف في بلادهم. وتأتي زيارة كلينتون غداة إصدار الإدارة الأمريكية الجمعة قراراً فرضت بموجبه عقوبات جديدة على حزب الله اللبناني، بتهمة تقديم الدعم للحكومة السورية، وحّملته مسؤولية المساهمة في استمرار العنف الذي يقوم به نظام الأسد، من خلال توفير الدعم اللوجستي والتدريب والاستشارات لعناصره، بإشراف أمينه العام، حسن نصرالله. (المزيد) وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية قد شددت الأسبوع الماضي، على ضرورة تجنب انزلاق الأزمة في سوريا إلى حرب طائفية، كما حذرت من استغلال الوضع هناك وإرسال "مقاتلين إرهابيين وعملاء" للانخراط في الصراع الدموي الذي يجتاح سوريا منذ 17 شهراً. وصرحت كلينتون من بريتوريا: "يجب أن نبعث بإشارات واضحة للغاية بشأن تجنب حرب طائفية، ولأولئك من يسعون لاستغلال محنة الشعب السوري إما بإرسال عملاء أو مقاتلين إرهابيين عليهم أن يدركوا أنه لن يتم التسامح مع هذا الأمر." وقالت إنه يجب على المجتمع الدولي تصعيد العمل بشأن التخطيط لسوريا ما بعد الأسد، وتابعت: "لا يمكنني تحديد موعد ذلك أو التنبؤ به، لكني أعلم أنه سيحدث، كما يعلم بذلك معظم المراقبون حول العالم." وأضافت: "يجب أن نحدد وسائل للإسراع باليوم الذي تنتهي فيه إراقة الدماء ويبدأ الانتقال السياسي." ميدانيا أكدت المعارضة السورية مقتل 51 شخصاً السبت، سقط معظمهم في حلب التي تشتد المعارك فيها، مع إشارة وكالة الأنباء الرسمية إلى مواجهات في حي السكري، بينما عادت الاشتباكات لبعض أحياء العاصمة دمشق. وقالت لجان التنسيق المحلية في سوريا إن عدد القتلى في سوريا ارتفع السبت إلى 51، بينهم 51 في حلب و12 في درعا وعشرة في حمص وخمسة في ديرالزور وأربعة في دمشق وريفها وثلاثة في حماه، إلى جانب قتيلين في إدلب. وأشارت اللجان إلى قصف جوي عنيف وعشوائي على حيي الصاخور ومساكن هنانو في حلب، بالإضافة إلى قصف عنيف على بلدة الغنطو في حمص، وغارات جوية على كفرومة وجبل الزاوية في إدلب، إلى جانب سقوط عدد من القتلى في التل بريف دمشق جراء القصف العنيف. أما في العاصةة دمشق، فذكرت اللجان سقوط جرحى في سقبا بريف العاصمة جراء القصف العنيف بقذائف الهاون، كما سمع دوي انفجار قوي تبعه إطلاق نار كثيف في المرجة وساحة المحافظة وشارع العابد وسط دمشق، كما وقعت اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وجيش النظام على طريق مشفى تشرين ومنطقة ضهر المسطاح ببرزة. أما صفحة المجلس الوطني على موقع "فيسبوك"، فحذرت عبر بيان من ارتكاب مجزرة من قبل "قوات الشبيحة" الموالية للنظام في حي الشماس بحمص، وذكرت أن الحي الذي يقع على مئات الأمتار من مخرج حمص باتجاه دمشق تعرض للقصف الذي تبعه عملية اقتحام من الشبيحة، الذين يحملون أسلحة معدنية ونارية. من جانبها، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية إن ما جرى في ساحة المرجة في دمشق كان جراء عبوة ناسفة، مؤكدة أن السلطات ألقت القبض على المنفذين، كما لاحقت من وصفتهم ب"فلول الإرهابيين" في التل بريف دمشق. وفي حلب، قالت الوكالة إن القوات السورية لاحقت مسلحين في حي السكري، وأوقعت فيهم خسائر، وكذلك في حي "الفيض" ومنطقة "الهالك." يشار إلى أن CNN لا يمكنها التأكد من صحة المعلومات الميدانية في سوريا نظراً لرفض السلطات السورية السماح لها بالعمل على أراضيها.