" التغيير" خاص: انتقد القاضي احمد الشامي، عضو مجلس الشورى، رئيس حزب الحق، رئيس اللجنة العليا لمعالجة قضايا الثأر التي شكلت العام الماضي بقرار من الرئيس علي عبد الله صالح " الدولة " وقال إنها أوقفت عمل اللجنة دون مبررات بعد أن كانت اللجنة بدأت في حصر قضايا الثأر في عموم أرجاء البلاد.! وقال العلامة الشامي الذي يعد مرجعا زيديا بارزا وسياسيا معارضا إن " الثأر عادة جاهلية وإن الجاهلية لازالت في القبيلة في اليمن"! ودعا الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر إلى التدخل ومخاطبة الرئيس علي عبد الله صالح من اجل إعادة تفعيل نشاط اللجنة"! جاء ذلك خلال مشاركته ليل أمس ( الاثنين ) في المنتدى الأسبوعي للشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، رئيس مجلس النواب والذي ناقش قضية الثأر في اليمن، حيث اجمع المشاركون فيه وهم ساسة ورجال قبائل وعلماء وصحافيون على أن ظاهرة الثأر القبلي تمثل خطرا حقيقيا على اليمن وعلى مستقبله. وقدم القاضي يحي محمد الماوري، عضو المحكمة العليا، عضو اللجنة الوطنية العليا لمعالجة قضايا الثأر ورقة في الندوة حول الظاهرة أكد فيها أن " الثأر يعد سلوكا إجراميا انتقاميا لا يتقيد بشروط أو حدود وانه ينطلق من رغبة جامحة في الانتقام والتشفي وإيقاع الخسائر الجسيمة المادية والمعنوية في حق الطرف الآخر على مستوى الفرد والجماعة مما يجعله عملا خارجا عن إطار الشرع والقانون ويجرده عن أي مشروعية حتى في الأعراف القبلية الأصيلة "! وارجع الماوري الثأر إلى خمسة أسباب أو عوامل " اجتماعية، ثقافية، اقتصادية، سياسية ودينية ". في العامل الاجتماعي تلعب " البيئة الأسرية دورا مهما في تكوين شخصية الفرد وفي توجيه سلوكه المستقبلي ". أما الثقافية فتلعب " دورا هاما وخطيرا في المجتمعات القبلية التي ما تزال متأثرة بثقافة الثأر والانتقام وتعتبر ذلك جزءا من شخصية الفرد ومظهر من مظاهر الفروسية والإقدام "! ويتناول القاضي الماوري في العامل الاقتصادي الانعكاسات للظروف الاقتصادية الصعبة على الأفراد ودفعهم إلى ارتكاب الجرائم التي ترتفع نسبتها مثل السرقات والحرابة والاعتداء على الأشخاص والأموال. وفي العامل السياسي يرى أن " هناك بعض العوامل السياسية التي تؤدي إلى ما يمكن أن نطلق عليه جرائم الثأر السياسي وهي من جرائم العصر الشائعة في معظم مجتمعات العالم المتقدمة والمتخلفة على حد سواء". مشيرا إلى أن بعض مراحل الصراع السياسي في اليمن في حقبة ما قبل الوحدة اليمنية ( 22مايو 90م ) ، " قد تخلف أثارا قوية للثارات في المراحل التي تعقبها "! كما يؤكد في العامل الخامس وهو العامل الديني أن ضعف الوازع الديني يؤدي إلى " عدم احترام النظام العام ومبدأ سيادة الشرع والقانون والتسليم بأحكام القضاء والإذعان لتنفيذها واللجوء إلى الاحتماء بالعصبية القبلية ما يسمى ب ( المؤاخاة ) التي يلجأ القاتل من خلالها إلى التخلص من الخضوع لأحكام القضاء وممارسة الضغوط القبلية للتوصل إلى إسقاط القصاص وقبول التعويض بالأموال بما يطلق عليه ( أحكام المربع والمحدش ومربوع المحدش وأحكام الغالي والغلاء وتقديم العقائر بذبح الأبقار والأغنام) طبقا للأعراف والتقاليد المتوارثة.." ويؤكد القاضي الماوري أن تقليد المؤاخاة والأحكام القبلية التي تصدر في دم القتيل سالفة الذكر، عادة ما لا تقبل بها قبيلة القتيل لكنها ترضخ للوساطة " ذات وزن ثقيل ونفوذ اجتماعي وقبلي واقتصادي " وهو الأمر الذي يؤدي إلى بقاء " الضغينة والرغبة في الانتقام كامنة في نفوس أسرة القتيل وعشيرته ويتحينون الفرصة لأخذ الثأر والانتقام، وحينما تستمر حماية القاتل من قبل من يلجا إليه لطلب الحماية باسم الرباعة أو المؤاخاة فان الغضب والشعور بالحقد على من يمنح حمايته للقاتل قد تدفع بأولياء الدم إلى الثأر والانتقام من ذلك الشخص أو احد أقاربه أو أفراد عشيرته فتبدأ سلسلة من الثأرات المتواصلة إلى ما لا نهاية.."!! ويشدد الماوري في ورقته على أن الثأر جريمة تستوجب القصاص لان هناك برأيه فارق بين المسألتين الأول وهو الثأر انتقام من القاتل أو من احد أفراد عشيرته، لكن القصاص يقتص من الجاني ليساويه بالمجني عليه. وينقد عدم وجود قانون خاص بالثأر في اليمن حتى الآن كما يشير إلى أن القانون اليمني لم يعالج " جرائم الثأر بنصوص خاصة أو يميزها بشروط وأحكام كجريمة نوعية مستقلة " وإنما خضعت للأحكام القانونية الخاصة بجرائم القتل العادية " التي تعتبر الثأر في حكم القانون إما جريمة قتل أو شروع فيه غير أن الصفة الثأرية التي تنطبع بها جريمة الثأر تجعلها جريمة مركبة من عدة أوجه وتضفي عليها الظروف المشددة لعدة أسباب.."!! ويعتبر القاضي اليمني الماوري أن جرائم الثأر خروجا عن الشرع والقانون و تعد انتهاكا لسيادة الدولة مما يخرجها عن دائرة الجرائم العادية. ويرى أنها من الجرائم التي تمس امن الدولة مثلها مثل جرائم الإرهاب وجرائم الخطر العام، خاصة وأنها تتسبب في " حروب قبلية جماعية وجرائم قتل عشوائية في المدن والأماكن العامة والأسواق والطرقات ومن إتلاف للأموال والممتلكات". ويصنفها بأنها تندرج تحت النصوص والأحكام الخاصة بالجرائم الماسة بأمن الدولة وجرائم الخطر العام التي نصت عليها مواد في قانون العقوبات !! ووردت في الورقة التي عنونت ب " الثأر: دراسة فقهية اجتماعية عن ظاهرة الثأر.. الأسباب والمعالجات الشرعية والقانونية " ، إحصائية لعدد جرائم الثأر التي وقعت في اليمن خلال الفترة من 1990- 2001م والتي وصلت إلى 1132 جريمة خلفت 2195 قتيلا.!! ، محافظة عمران أتت على رأس القائمة للمحافظات التي شهدت الثأر ب 228 جريمة و 527 قتيلا أما محافظة الحديدة ففي ذيل القائمة بجريمة واحدة وقتيل واحد ! منتدى الأحمر شهد العديد من المداخلات من الحاضرين حول الظاهرة، وضمن الطروحات مطالبة الدكتور فضل أبو غانم، وزير التربية والتعليم السابق بإعدام مرتكب جريمة الثأر فورا دون محاكمة !! وأكد انه لو حدث ذلك لمرة أو اثنتين أو ثلاث فانه سيكون رادعا قويا.. مطالبا بسحبه إلى ميدان السبعين أن تكررت حوادث الثأر !! وتعددت الآراء حول مسببات الثأر في البلاد منها: حماية المشايخ للقتلة وتدخل ذوي النفوذ والسلطة للإفراج عنهم ورد فعل أولياء الدم حينما يجدون القاتل طليقا ويكون الثأر مباشرة، إضافة إلى المماطلة في الفصل في القضايا في المحاكم والغياب أو شبه الغياب للدولة في كثير من المناطق القبلية النائية ويتمثل ذلك الغياب في عدم وجود الأجهزة الأمنية والقضائية وغيرها. وطرح البعض أن هناك أسبابا تتمثل في الأمية والجهل والفقر الذي تعيشه كثير من المناطق اليمنية. ودعا احد المشاركين إلى " تحضير " الأرياف أي جعلها حضرية حتى يتمسك سكانها بالحياة أكثر من سعيهم وراء الموت !! كما طرحت العديد من الأفكار والمقترحات التي تهدف إلى معالجة الظاهرة منها الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني لمناقشتها والحد من انتشار السلاح وجعل المحاكم تبت في القضايا بسرعة أكثر دون تدخل من ذوي النفوذ والوجاهات، إضافة إلى تضمين مخاطر الظاهرة المناهج الدراسية وجملة من الحلول والمقترحات!