" التغيير": من حدود البيضاء شرقاً إلى تعز غرباً ومن أقاصي إب الخضراء شمالاً وحتى لحج جنوباً تقع المحافظة العشرون (الضالع) بمديرياتها التسع والتي جمعت بينها مآسي التشطير والجفاف والفقر والجهل والثارات وزراعة القات قبل أن يجمعها القرار الجمهوري عام 98م كمحافظة بغية إزالة آثار التشطير وتعميق الوحدة الوطنية. ومنذ ذلك القرار تربع على عرشها ثلاثة محافظين ومازالت كما هي لم يحدث فيها تغيير يذكر في بنيتها التحتية كمحافظة باستثناء ثلاثة مباني يتيمة تم الابتعاد بها عن مباني المدينة وأسواقها بمسافة يجوز بعدها قصر الصلاة –على بعض المذاهب- بما يمثل عبئاً إضافياً للموظفين والمواطنين على حد سواء، يمثل المجمع الحكومي (المحافظة) أحدها والآخران مبنى لإدارة الأشغال ومبنى صندوق الرعاية الاجتماعية وما سوى ذلك من إدارات ومكاتب إما محشورة في المجمع الحكومي أو في عمارات الإيجار. فصول المعاناة الضالعية ولعل تسعة أسفار من معاناة جمعت في سفر واحد سمي محافظة الضالع، أهم فصوله الفقر والجهل والحروب والثارات وانعدام الخدمات والخلافات الثائرة بين المتنفذين على غنائم السلطة، ولعل أكبر فصول هذا السفر الضالعي هو الفساد الإداري والمالي الذي حول (دمت) من مدينة سياحية إلى استباحية (وجبن) الطاهرية إلى تاريخ منسي، وسجن أبناء (الحشاء) في مديريتهم بلا ماء ولا طريق ولا كهرباء، ونهب أراضي (سناح) لحساب أباطرته وزبانيته وأوصل قيمة "البوزة" الماء في (الشعيب) إلى (45) الف ريال، وترك أبناء (الأزارق) الأعزاء ليفتك بهم الجوع والمرض دون أن يقدم لهم أدنى مساعدة! فقر وبطالة وانعدام خدمات الدولة الأساسية مدينة الضالع عاصمة المحافظة التي سميت مدينة مجازاً بينما هي تفتقر لأهم مقومات الحياة المدنية البسيطة كشبكات المياه والمجاري والطرقات هذا فضلاً عن إنارة الشوارع والأسواق المنظمة، وحتى غياب براميل القمامة.. وفي الضالع المدينة يعيش أغلب السكان تحت خط الفقر وفوق حمى الضنك وتنتشر البطالة في أوساط الشباب كانتشار البعوض والذباب ويرتفع معدل العنوسة في أوساط الفتيات إلى حد مخيف نظراً لعدم قدرة الشباب على الزواج وتوفير متطلباته رغم أنها لا تزال أقل كلفة مقارنة بمحافظات أخرى. الصلاة في الضالع ب (10) ريالات ما بين البوزة والدبة يزدحم الجميع فقراء وأغنياء، مسؤولون ومواطنون، الكل على حد سواء ليبحثوا عن ما يسد حاجتهم من الماء مع أن السلطة قد صمت الأسماع بالحديث عن مشروع المياه الإسعافي المعلن فقط عبر الأوراق ووسائل الإعلام منذ عشر سنوات مضت دون تنفيذه على الواقع حتى اليوم مع أن هذه المدة الطويلة تكفي لايصال مشروع استراتيجي لتحلية المياه من البحر إلى الضالع على حد تعبير أحد أبنائها الذي يتوقع أيضاً أن تحتاج السلطة إلى عشر سنوات إضافية لاسعاف المشروع الإسعافي نفسه! وحتى لا يواجهك موقف محرج وأنت في الضالع فعليك تجهيز عشرة ريالات في جيبك إذا أردت دخول حمام أحد المساجد للوضوء فهذا إجراء طبيعي تتخذه إدارة المسجد لكي تتمكن من شراء ماء للمسجد بينما تذهب الملايين من أراضي الأوقاف في المحافظة وتوزع كهبات لهذا أو ذاك ولا عزاء لبيوت الله في وضع فاسد كهذا. روح العمر روح يحب بعض أبناء الضالع أن يطلقوا اسم "روح العمر روح" على المستشفى الوحيد في المحافظة (النصر) نظراً لما آل إليه حال هذه المستشفى ولقدم مبانيه التي تعود إلى عهد الاستعمار البريطاني وأجهزته كذلك، وبالرغم من أنه المستشفى الحكومي الوحيد في المحافظة فهو يفتقر إلى كثير من الإمكانيات والتخصصات التي قد تتوفر في مستوصف ريفي ناهيك عن مستشفى وحيد يفترض أن يستقبل (500) الف حالة هم إجمالي سكان المحافظة تنتشر بين أغلبهم الأوبئة والأمراض وسوء التغذية. وبالرغم من الأسماء الكثيرة التي يجدها المستطلع في حافظة الدوام اليومي للمستشفى المذكور أو في كشف الراتب الشهري فإن القليل هم من يداومون سواء كانوا إداريين أو كادر طبي، كما يدور حديث كثير هنا وهناك عن نهب منظم للأدوية المدعومة وتغذية المرضى وصندوق الدواء، وعن فواتير وهمية وصفقات تدور بين الوحدة الحسابية وإدارة المستشفى في ظل ضعف واضح في الأداء الإداري لمكتب الصحة بالمحافظة الذي تعبث في مقدراته وأمواله واعتماداته بعض حيتان الفساد كما يحلو لها. وبالرغم من محدودية خدمات المستشفى فإن هذه الخدمات يدفع قيمتها المواطنون فالتوليد مثلاً بالفي ريال ناهيك عن الأموال التي يضطر بعض المواطنين لدفعها خارج الصندوق! ويبلغ المخصص الصحي لكل مواطن في الضالع ريال واحد شهرياً حسب لجنة الصحة بمجلس النواب عند نزولها إلى الضالع. يا أسفا على التعليم وكغيرها من مدن الجمهورية اليمنية التي أصبح التعليم فيها يسير من سيء إلى أسوأ لكنه يمثل أسوأ الحالات التي يمر بها التعليم في بلادنا ولان الضالع تعتبر في نظر الكثيرين من المحافظات الرائدة في تنظيم الغش الامتحاني فإن المئات من الطلاب يتوافدون للدراسة فيها بغية الحصول على معدلات مرتفعة وخاصة في السنوات الأخيرة و90% من الطلاب في القسم العلمي ويا أسفاه على التعليم.. "يا شافط يا مشفوط" وبين تخطيط منعدم وشوارع مكسرة وترابية ومجاري طافحة وصندوق تحسين تصرف مخصصاته لاشياء أخرى لا علاقة لها بالنظافة ولا بالتحسين يقف المواطن المسكين. في النصف الأول من العام الماضي 2005م وفي تقرير الصندوق كانت خلاصة مصروفاته هي 33 مليون ريال.. صرفت منها للنظافة فقط (800) ألف ريال!! أما عن القمامة المكوّمة والبلاليع المتفجرة فحدث ولا حرج لا تكاد تجد مكاناً يخلو من القمامة وقد تتجمع في بعض الأحيان لتسد الطريق أما المجاري فعلى السالك في مدينة الضالع توخي أشد حالات الحيطة والحذر قبل أن يفاجأ بسقوطه في حفرة منها فربما تأخر الشفاط في الحضور فتكون العواقب وخيمة. وعلى ذكر الشفاط فقد تكرمت حكومة الاسعافات باسعاف مدينة الضالع بشفاطين كما يقال شفط المتنفذون أحدهما وبقي الآخر يشفط جيوب المواطنين قبل بلاليعهم وكله في عرف الحكومة شفط ويا شافط يا مشفوط.. على تعبير "حوات" وهذا الأخير مجنون الضالع الشهير بالنكات السياسية. هذي مقدمة الكتاب فكيف.. ما تحوي الفصول السود من مكنون.. نقلا عن " ناس برس "- بلال الربية 27/2/2006