تحقيق خاص ب " التغيير": يستقبل المتحف الوطني بصنعاء الزائرة كالعادة، وسط حالة من الترقب ، التي لا يختلف حال من يعيشونها من المهتمين في الأوساط الثقافية والشعبية المهتمة بتاريخ حضارات الممالك اليمنية القديمة عن حال غيرهم من العاملين داخله، ممن يتطلعون إلى موعد افتتاحه بفارغ الصبر. وكان المتحف الوطني بصنعاء قد أغلق في يوليو من العام 2002م الماضي، ليخضع لعملية ترميم وصيانة واستحداثات واسعة النطاق استهدفت الكثير من أجزاءه ومرافقه، وكان وقد أعلن عن انتهائها كليا قبل عدة أشهر ،إلا أن عملية افتتاحه رسميا لم تتم حتى الآن لأسباب غير معلومة. لكن الكثير من وجهات النظر تتطابق في أن المزاجية والمناكفات والخلاقات الشخصية بين قيادات الوزارة ومسئولين بالمتحف تقف وراء عرقلة عملية الافتتاح ، الأمر الذي يلقى بظلاله حسب المهتمين على الأوضاع العامة للمتحف والعاملين فيه ، والتي تزداد سوءا يوما بعد يوم خاصة بعد أن أدى إيقافه إلى تقليص حجم الميزانية المعتمدة له ، وعوده الكثير منها للجهات التابع لها، وكذا توقيف المبالغ التي كان يعود بها المتحف والتي تقدر سنويا ب(64) مليون و850 ألف ريال تذهب جميعها للسلطة المحلية . وفي هذه الإثناء يتوقع المسئولين في المتحف أن يقوم فخامة الأخ الرئيس على عبد الله صالح رئيس الجمهورية بتشريفه بزيارة قريبا للاطلاع على انتهاء الإعمال والتجهيزات فيه نظرا لما يمثله من أهمية كواجهة حضارية وتاريخية مشرقة لليمن ، كما يتوقعون تضاعف عدد زواره وزيادة نسبة عائداته مقارنه بالفترة الماضية. ويطالب عبد العزيز الجنداري مدير المتحف بإنشاء قطاع مستقل للمتاحف في اليمن وتجهيز المتاحف بالتقنيات الأزمة للحفاظ على المقتنيات التاريخية وحفظ الهوية التاريخية اليمنية وإعطائها ميزانية مستقلة تمكن المتاحف من أداء رسالتها. كما يطالب المسؤولون في المتحف بميزانية مستقلة وبتخصيص نسبة من عائدات المتحف على اعتبار أن المتاحف اليمنية على أهمية محتوياتها تعاني بشده من عدم توفر الإمكانيات المادية والفنية والتي تمكنها من تنفيذ الخطط والبرامج والتي تكفل حفظ وخزن وتسجيل وتوثيق وتصوير وترميم مقتنياتها الأثرية بالإضافة إلى النقص الحاد في الكوادر المتحفية المتخصصة والمدربة التي تمكنها من تنفيذ الأعمال المتحفية التخصصية الدقيقة بكفاءة مما يلقي بظلاله على أداء المتاحف لرسالتها الثقافية والتربوية التعليمية . أهمية المتحف الوطني ويمثل المتحف الوطني بصنعاء واحدا من أهم المتاحف اليمنية النموذجية ، غير أن المتحف يندرج ضمن هيكل الهيئة العامة للآثار والمتاحف ، ما يجعله يخضع في تنفيذ مشاريع ترميم القطع وصيانتها لنظام روتيني لا يساعد أي متحف على مواجهة أي طارئ بخلاف الحوافز والمكافآت والتي يجب أن يحصل عليها العاملين في المتاحف بشكل دائم ومنتظم شهرياً بوصفهم القائمون على تراث الأمة اليمنية فحسب معلوماتي أن معظم المتاحف تفتقر إليه . ويتميز المتحف الوطني بصنعاء بكوادره الوطنية الموجودة والمدارس العلمية التي يتبعها في طريقة العرض والتي تختلف بحسب توصيفاتها وكذا نظام التوثيق الدقيق للقطع الأثرية وفرزها حسب تواريخها ووفق احدث التقنيات المتحفية ،حيث يتبع في طريقة العرض مدارس العرض الزمنية التي تعرض مجموعة آثار لفترة زمنية محدودة أو حضارة بقية مثل قاعة مملكة سبأ مملكة حضرموت ومدارس العرض النوعي وتعرض المجموعات الأثرية من نوع واحد ، مثل قاعة المخطوطات ، قاعة المعادن ، قاعة المصكوكات ، قاعة الخشب ومدارس العرض الموضوعي التي تعرض فيها المقتنيات حسب المجموعات الأثرية التي تشكل موضوعاً واحد وأن حسب نوعية وزمان المعروضات مثل الزراعة ، عادات الزواج الأفراح وحول توثيق القطع الاثرية بالمتحف الوطني يقول مدير المتحف :" أن تسجيل وتوثيق المقتنيات الأثرية في المتاحف هي تعنى أعطاء بطاقة هوية لكل قطعة تدخل المتحف عبر استمارة خاصة اعدت بشكل دقيق تشمل كافة البيانات المتعلقة بالقطعة بحيث تعطي رقماً خاصاً بها ويتم توصيفها توصيفاً دقيقاً معد تحديد مقاساتها والمكان الذي جاءت منه وتحديد مصدرها سواء كانت من حفرية، هدية ، أو اقتنائها عبر لجنة الاقتناء بوزارة الثقافة والسياحة أو الهيئة العامة للآثار والمتاحف إلى أخر المعلومات المطلوب تدوينها مع تحديد حالتها الراهنة هل هي سليمة أو تحتاج إلى ترميم وصيانة وعلاج معملي ثم تصور من كل الجوانب وتكون أهمية المقتنيات الأثرية في ضمان عودتها من أي مكان في العالم في حالة سرقتها أو فقدانها بموجب الرقم المتحفي وكرت التوثيق وذلك في إطار الاتفاقيات الدولية المتعارف عليها الخاصة بحماية التراث العالمي بينما القطع التي لم توثق من الصعوبة مكان استرجاعها لعدم وجود هوية خاصة بها وفي هذا المنطلق لابد من توثيق كل محتوياتها مهما كانت الضروف والمصاعب وبحسب علمي أن توثيق القطع الأثرية لا يتم بشكل منظم سنوياً إلا في المتحف الوطني بصنعاء والذي تتنامى مجموعته الأثرية سنه بعد أخرى بينما المتحاف الأخرى تواجه صعوبة شديدة في توثيق مجموعتها الأثرية لعدم وجود ميزانية خاصة بهذه المتحاف إلا في إطار الميزانية السنوية لهيئة الآثار والمتاحف والتي تقوم باخيتار مجموعة من المتاحف لتوثيق وتسجيل جزء من مقتنياتها الأثرية عبر إرسال لجنة من لجنة المتحاف بديوان الهيئة وهذه اللجنة تنتقل من محافظة إلى أخرى لأداء عملها وهذه الطريقة لايستفيد منها إلا عدد محدد من المتاحف والبقية تظل على حالها وابسط مثال على ذلك متحف التراث الشعبي بصنعاء والذي يقع في ميدان التحرير بقلب العاصمة صنعاء معظم محتوياته ومجموعته الأثرية لم توثق حتى ألان وبالتالي في حالة فقدان أي قطعة منها من الصعب استرجاعها حتى إيجاد ميزانية مناسبة مستقلة للمتاحف نرى إقامة دورة تدريبية في المتحف الوطني بصنعاء لتوثيق المقتنيات الأثرية يحضرها مندوبين من جميع متاحف الجمهورية يقوموا بنقل ما تعلموا إلى زملائهم وبالتالي يمكنهم من توثيق مجموعاتهم الأثرية دونما حاجة إلى انتظار اللجنة التي ترسل من ديوان الهيئة والتي لاتصل إلى بعض المتاحف إلا بعد سنوات. ويضيف الجنداري :" ثانيا ترميم وصيانة المجموعات الأثرية..أن وجود معامل وصيانة القطع الأثرية أمر حيوي وضروري في المتاحف وذلك لإنقاذ وترميم وصيانة هذه القطع فنحن نتعامل مع مجموعات أعمارها ألاف السنين وتتعرض لعوامل التعرية وسوء التخزين والكسر والتخريب إثناء النبش العشوائي الذي يقوم به البعض وحسب معلوماتي المتواضعة لا يوجد معامل ترميم الا في المتحف الوطني بصنعاء والمتحف الحربي بصنعاء وعلى تواضع هذين المعلمين فقد تم إنجاز العديد من القطع الأثرية والتي كانت حالتها سيئة جداً وتحتاج إلى علاج معملي سريع أما بقية المتاحف فلا يتوفر ابسط وسائل صيانة القطع الأثرية والتي يمكن أن تتعرض للتلف أمام القائمين على المتاحف لقلة الهيئة ورغم أننا في المتحف الوطني بصنعاء نظمنا دورة تدريبية لترميم الأخشاب خضرها 10 موظفين من مختلف متاحف الجمهورية إلا انه لم يتم الاستفادة منها ولم نسمع أي افتتاح أي معمل في أي متحف. المتحف في أرقام وقد شملت أعمال الترميم والصيانة والاستحداثات التي أجريت في المتحف ،إنشاء مخزن خرساني ارضي في ساحته الخارجية يتكون من طابقين وتم تجهيزه وفق احدث التقنيات الخاصة بمخازن التحف الاثرية بمبلغ اجمالي بلغ 500 الف دولار بتمويل من الصندوق الاجتماعي للتنمية وكذا تجهيز الحديقة الخارجية ورصفها وتجهيز بوابته الخارجية بمبلغ يقدر 228 الف دولار، كما تضمنت إعادة بناء وترميم الاجزاء الجنوبية والشمالية منه واستحداث صالات جديدة وتجهيزها بمبلغ يقدر 99 مليون دولار بتمويل مشترك من . وحسب بيانات رسمية تحصل عليها (التغيير نت) فأن إجمالي عدد ما استقبله المتحف الوطني خلال الفترة من (يناير-يونيو)، ليخضع لعملية ترميم وتوسعة وصيانة واسعة ، قد بلغ(81856)زائر منهم(81035) محليين ، و(821) أجانب ..فيما بلغ إجمالي عائداته للفترة نفسها 2 مليون و841 الف 550 ريال . ويؤكد مدير المتحف الوطني أن أسعار التذاكر ستبقى كما كانت عليه في الفترة السابقة قبل إغلاق المتحف حيث يبلغ سعر التذكرة للمواطن اليمني 30 ريال فيما يبلغ قيمة التذكرة للزائر الأجنبي 500 ريال . لكن تظل الصالات الموجودة في دار السعادة غير كافية أمام ما يحتفظ به المتحف من مخزون اثري ضخم لهذا يسعى القائمين على المتحف لتجهيز المبنيين الإضافيين ضمن مجمع المتحف لاستيعاب بقية القطع الأثرية . وتشمل المعارض التي تم الانتهاء من عملية ترميمها وتجديدها بدار السعادة خمسة معارض واصبح التركيز حاليا ينصب على تجديد وترميم مبنى دار المالية والذي سوف يخصص للمعارض الدائمة والمؤقتة الى جانب دار السعادة. مقتنيات المتحف ويضم المتحف حوالى 75 الف قطعة اثرية هامة بينها 25 ألف قطعة أثرية نادرة تم اقتناؤها من قبل وزارة الثقافة والسياحة بتوجيه من فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية يسعى المتحف لعرضها في حفل الافتتاح بعد ان تم توثيقها وترتيبها في أماكنها المخصصة في احد صالات العرض. ويرجح تاريخ المقتنيات هذه إلى القرن الأول قبل الميلاد وهي عبارة عن عقود وأساور وأقراط وأختام ذهبية وهي بمنظرها الجمالي الخلاب تمثل أية من آيات الفن اليمني القديم الذي يدل على عظمة إبداع الإنسان اليمني في نحت وزخرفة الحلي على أشكال رؤوس الوعول والغزلان وغيرها من الأشكال الهندسية والمطرزة بفصوص من العقيق اليماني. كما يضم المتحف قطع للموروث الشعبي ، ونماذج حجرية مسندية ورموز لشخصيات تاريخية ، وحيوانات مفترسة محنطة تم توزيع مجمل محتوياته بطريقة فنية دقيقة حسب الترتيب الزمني والتاريخي لها على صالات العرض الموزعة على طوابق المتحف. حيث تبدأ رحلة الزائر للمتحف صعودا وعبر مراحل زمنية متسلسلة باستعراض شواهد أثريه تنتمى للعصور والأزمنة الغابرة ، مرورا بشواهد عصور ما بعد الميلاد والحواضر والممالك اليمنية القديمة ، والمراحل الإسلامية وما قبلها ، حتى تنتهي بصالة الموروث الشعبي. نداء ورغم ما يبذل من جهود لتحسين أداء المتحف إلا أن أوضاع المتاحف بشكل عام تظل غير مرضية للقائمين عليها .. ولانتشال المتاحف من أوضاعها المتروكة ولتحسينها وتطويرها لتقوم بأداء رسالتها التربوية والثقافية بما يليق بالحضارة اليمنية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ يتوجه الجنداري بالنداء إلى فخامة رئيس الجمهورية علي عبدا لله صالح حفظه الله الذي يعرف بحبه وغيرته على تاريخ بلده بإنشاء قطاع للمتاحف ومنحه ميزانية مستقلة على أن يتبع مكتب رئاسة الجمهورية مباشرة- لما في ذلك من فائدة للمصلحة الوطنية العليا ومصلحة المتاحف في الجمهورية اليمنية