للمرة الأولى ومنذ نحو عشر سنوات ، أي منذ ما بعد الحرب الأهلية عام 1994م ، تشهد الساحة اليمنية حراكا ملحوظا للحركة النقابية ، تمثل الحراك في إضراب هيئات التدريس في الجامعات الحكومية اليمنية ولمساعديهم عن العمل .. ولم يمض وقت قصير حتى انظم الأطباء والصيادلة إلى الحراك وأعلنوا إضرابا شاملا في جميع المستشفيات الحكومية باستثناء ( أقسام الطوارئ ) التي بقيت تعمل فقط .. هذه الاضرابات النقابية شلت الجامعات والمشافي تماما وأجبرت الحكومة اليمنية على التحاور أو التفاوض معها ، لا فرق ، والرضوخ عند مطالبها وتلبيتها ولو جزئيا ، في ظل التلويح بالمزيد من الاضرابات مستقبلا إن لم تف حكومة حزب المؤتمر الشعبي العام ( الحاكم ) برئاسة عبد القادر باجمال بالتزاماتها وتعهداتها ..! ومثلت هذه الاضرابات النقابية ضربة موجعة للحكومة التي بحسب المراقبين اعتقدت أن حزبها يسيطر بصورة تامة على النقابات واتحادها العام .. أما مطالب أساتذة الجامعات ومساعديهم والأطباء والصيادلة ، فهي بلا شك عادلة ، فحملة الشهادات الجامعية العليا في اليمن يشكون تدني دخولهم مقارنة بالأجانب الذين تستقدمهم الحكومة للعمل بمرتبات كبيرة .. مثلا الممرضة ( الأجنبية ) العاملة في المستشفيات الحكومية اليمنية تتقاضى راتبا شهريا أضعاف ما يتقاضاه الطبيب اليمني !! *** على الصعيد الآخر من الساحة اليمنية تقول الوقائع والمنظمات المحلية والدولية إن واقع الحريات والصحفية منها على وجه الخصوص ، يشهد تراجعا ، وذلك بسبب اعتقالات طالت الصحافيين ومحاكمات ب " الجملة " لهم إن جاز التعبير .. ووصل الأمر حد الاعتداء الجسدي على عدد من المحامين والصحافيين القياديين في نقابتي المحامين والصحافيين داخل قاعة محكمة استئناف العاصمة صنعاء على يد رجال الأمن أثناء تنفيذ أمر لرئيس المحكمة بإخراجهم من القاعة وذلك في محاكمة الصحافي عبد الكريم الخيواني ، رئيس تحرير جريدة الشورى المعارضة المعتقل منذ سبتمبر ( أيلول ) الماضي .. الحادثة حظيت بتنديد محلي ودولي شديدين حيث دعت الدكتورة باولا دوبرياسكي ، وكيلة وزارة الخارجية الأميركية للشؤون الدولية ، خلال زيارتها صنعاء مؤخرا ، الحكومة اليمنية إلى عدم التراجع عن الدور الرائد الذي احتله اليمن في المنطقة في مجال الديموقراطية و الحريات والحفاظ على هذا الموقع من خلال المضي في توسيع الهامش الديموقراطي وعدم حبس الصحافيين والتضييق على قادة الرأي ، ونفس القضية ناقشها المستشار الألماني جيرهارد شرودر مع المسؤولين في صنعاء بعد أن خاطبه بشأن وضع الحريات في اليمن العشرات من الصحافيين والكتاب الألمان قبيل وصوله إلى صنعاء بوقت قصير ، وتحولت قضية اعتداء المحكمة محليا إلى أزمة سياسية بين الحكومة والمعارضة وتصدرت صفحات الصحف في الجانبين.. الأولى تحذر من المساس بالقضاء أو انتقاده أما الثانية فتطالب باستقلاله وحياديته .. وبين هذه وتلك ضحايا وراء القضبان أو أمام النيابات والمحاكم ، وسعي محلي ودلي حثيث لانتزاع تعديل على قانون الصحافة والمطبوعات يمنع حبس الصحافي في قضايا النشر تنفيذ لتوجيهات أصدرها الرئيس علي عبد الله صالح أواخر العام المنصرم 2004م . عن مجلة " السياسي العربي " الجزائرية