توشك الأطراف اليمنية المشاركة في الحوار السياسي الذي يجرى برعاية الاممالمتحدة, إلى التوصل إلى اتفاق يبقي على البرلمان الذي حله المتمردون الحوثيون بشكل احادي مع تشكيل مجلس رئاسي. وكشف أمين عام حزب “العدالة والبناء” النائب عبدالعزيز جباري عن توصل القوى السياسية الموقعة على اتفاق السلم والشراكة في مشاوراتها التي استؤنفت أول من أمس, بصنعاء برعاية مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر إلى اتفاق مبدئي لإنهاء الأزمة الراهنة في البلاد. وقال جباري وهو أحد المشاركين في المشاورات في تصريح لصحيفة ”السياسة”, إن الاتفاق يقوم على تشكيل مجلس رئاسي من سبعة أعضاء يكون رئيسه واثنان من أعضائه من الجنوب وأربعة من الشمال والإبقاء على مجلس النواب الحالي وإعادة تشكيل مجلس الشورى بواقع 300 عضو نصفهم من الجنوب ونصفهم من الشمال بحيث يمثل الشباب بنسبة 20 في المئة والمرأة 30 في المئة, وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وكان بن عمر قال إن الأحزاب والمكونات السياسية استأنفت المشاورات انطلاقاً من حيث توقفت الخميس الماضي. وأضاف في تصريح صحافي نشره على صفحته في موقع “فيسبوك”, “ناقشت الأطراف الخيارات المطروحة وسبل حل الأزمة السياسية الراهنة, منها عدد من القضايا المتعلقة بترتيبات السلطة الانتقالية ودار الحوار في أجواء بنَاءة طبعتها روح وطنية عالية واحترام متبادل, على الرغم من احتدام النقاش في بداية الجلسة, وهذا أمر طبيعي في مشاورات من هذا النوع”. من جانبه, قال وزير الدولة في الحكومة المستقيلة أمين عام “حزب الحق” حسن زيد في تصريح ل”السياسة”, “قطعنا في المشاورات شوطا كبيرا بشأن تفاصيل الهيئات التشريعية في المرحلة الانتقالية وجرى حديث عن المجلس الرئاسي من حيث عدد أعضائه ومهامه مع استمرار تحفظ حزب “الإصلاح” (إخوان اليمن) وممثل “الحراك الجنوبي” ياسين مكاوي وتأكيدهم مع “الحزب الاشتراكي” على احترام الحريات وعدم منع التظاهرات وإزالة كل المظاهر والإجراءات الاستثنائية التي قام بها أنصارالله (الحوثيون) وبالذات استمرار فرض الإقامة الجبرية على الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي ورئيس وزرائه المستقيل خالد بحاح”. وأضاف “ومع ذلك لا أستطيع أن أعطي تفاؤلا زائفا للتوصل إلى اتفاق قريب, فالحوار بحاجة إلى وقت وحرص ورعاية من الجميع واستشعارهم لمخاطر التخندق والتمترس خلف مواقف ثابتة”. وقال “الحوثيون لم يعترضوا على ما تمسك به الجميع من أن مرجعية الحوار هي اتفاق السلم والشراكة ومخرجات الحوار الوطني”, مشيرا إلى أن “نقاشا دار حول تشكيل جمعية وطنية أو مجلس وطني تتطابق مع ما جاء في “الإعلان الدستوري” الذي أقر تشكيل مجلس وطني, لكسر احتكار حزبي “المؤتمر الشعبي” و”الإصلاح” لمجلس النواب بهدف هدم الفجوة القائمة بين الواقع الحالي الذي صنعه الإعلان الدستوري والأسس والمرجعيات التي كنا قد توافقنا عليها في بداية الحوار”. من جهته, استبعد السياسي البارز القيادي السابق في جماعة الحوثي علي البخيتي نجاح المفاوضات, موضحا في تصريح خاص ل”السياسة” أن “ميزان القوة مائل بشكل واضح لصالح الحوثيين, ولا يمكن تعديله إلا بميزان قوة جديد, بعيدا عن السلاح, وهو ميدان السياسة واستخدام الشارع”. وأضاف “إن هذه القوة بحاجة إلى تحالف واسع من مختلف القوى السياسية يكون قاسمه المشترك مواجهة الانقلاب الذي نفذه الحوثيون أخيرا, واستحوذوا من خلاله على مقاليد السلطة في شمال اليمن منتهكين بذلك كل التوافقات السياسية وعلى رأسها مخرجات مؤتمر الحوار واتفاق السلم والشراكة”. واعتبر أن أي حوار من دون هذا التحالف سيكون غير مجد وسيفضي في الأخير إلى شراكة صورية تحت الغلبة والقوة وبالتالي شرعنة ما قام به الحوثيون. ورأى أنه إذا ما أصر الحوثيون على خيارهم الأحادي فسيكون الوضع في اليمن كارثياً, مبينا “أن الجنوب لا يعترف بسلطتهم في صنعاء, وكذلك بعض المناطق في الشمال وتيارات سياسية كبيرة تعتبرهم نقيضا مناطقيا وطائفيا لا يمكن أن تقبل به كطرف يدير السلطة لوحده, إضافة إلى أن هناك حساسية من دول إقليمية تجاههم وينظرون إليهم كذراع طويلة لإيران في المنطقة ولا يمكن أن تقبل تلك الدول أن يتحكم الحوثيون بالسلطة بمفردهم في صنعاء, وهذا سيجعل اليمن مسرحاً لصراع إقليمي جديد بجانب المسارح التي لا تزال مفتوحة في سورية والعراق”. ورأى “أن التظاهرات الأخيرة لا ترقى إلى أن نطلق عليها انتفاضة, لأن نتائج الانقلاب الحوثي على الشراكة الوطنية ومخرجات الحوار لم تظهر على السطح بعد بشكل واضح ولم يلمسها المواطن العادي, وبالتالي لا تزال التحركات الشعبية في حدها الأدنى وغير مؤثرة على مسار الأحداث, لكن إذا مضى أنصار الله في خيارهم الأحادي إلى النهاية فأنا أتوقع أن تكون هناك انتفاضة ضدهم خلال عام من الآن إن لم يكن خلال أشهر”. ووصف البخيتي الإعلان الدستوري الصادر عن جماعة الحوثي الذي حل البرلمان وأقر تشكيل مجلسين رئاسي ووطني ب”الهزيل والمتناقض وركيك الصياغة”. وأضاف “على مستوى الظاهر فالإعلان الدستوري الحوثي يدعو إلى شراكة وطنية لكن على أرض الواقع أشك في أن يتم تبني ذلك بعد انهيار القوى الأخرى وهزيمتها العسكرية”, موضحا أن ذلك الإعلان خول اللجان الثورية بالاستمرار في العمل حتى بعد تشكيل المجلس الوطني ومجلس الرئاسة “وبالتالي ستكون تلك المجالس صورية, وسيكون شاغلو الوظائف العليا في الدولة من غير الحوثيين مجرد دمى بيد مندوبي اللجان الشعبية في أماكن عملهم”. في غضون ذلك, أقر لقاء وطني موسع, عقد في محافظة تعز وسط اليمن رفض الإعلان الدستوري, وعدم التعامل مع أي توجيهات صادرة من صنعاء. وبحسب بيان صادر عن اللقاء الذي ضم ممثلين عن معظم الأحزاب السياسية وشيوخ القبائل وقيادات اجتماعية, فإن “الإعلان الدستوري الصادر من قبل جماعة الحوثي لا يخص أبناء تعز وأحزابها, لذا نعلن عن رفضنا لذلك”.