تحفظ المسؤولون في الأممالمتحدة في الكشف عن تفاصيل وأجندة المؤتمر المرتقب عقده في جنيف لبحث الأزمة اليمنية، والذي حُدد له موعد مبدئي في الرابع عشر من يونيو (حزيران) الحالي. وجاء هذا فيما يشكك مراقبون في إمكانية أن تؤدي المشاورات المرتقبة إلى حل يفضي إلى تهدئة الحرب ووقف إطلاق النار وإعلان هدنة إنسانية والتقدم نحو التوصل لحل سياسي للصراع في وقت تتفاقم فيه الأزمة الإنسانية لأكثر من 20 مليون يمني. وقال فرحان حق، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في تصريحات خاصة ل«الشرق الأوسط»: «ليس لدينا موعد لمشاورات جنيف بعد، حتى يمكن إعلانه». وأشار حق إلى أن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد يبذل جهودا مكثفة للتحضير لعقد مشاورات جنيف في أقرب وقت ممكن. وحسب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فإن إسماعيل ولد الشيخ أحمد أجرى مشاورات في سلطنة عمان أمس، على أن يستتبعها بمشاورات أخرى في العاصمة القطرية الدوحة اليوم، من أجل مناقشة التفاصيل المتعلقة باجتماعات جنيف. وقال: «نأمل أن نكون قادرين على تقديم إعلان بشأن موعد وأجندة المشاورات في جنيف في وقت قريب جدا». وذكرت عدة مصادر دبلوماسية في الأممالمتحدة أن الأمين العام بانتظار أن يحصل إسماعيل ولد الشيخ أحمد على التزامات محددة من كل الأطراف اليمنية حتى يتم الإعلان النهائي عن تلك المشاورات. وأشار مسؤول دبلوماسي ل«الشرق الأوسط» إلى أن لقاء جنيف سيكون «تشاوريا» يقوم على مرجعيات محددة تستند إلى قرارا مجلس الأمن رقم 2216 ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وآليات تنفيذها، فيما أكد عز الدين الأصبحي، وزير الإعلام اليمني بحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، أن الحكومة اليمنية ستشارك في مشاورات جنيف، مؤكدا أنها للتشاور والبحث في تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي رقم 2216. وأشارت المصادر إلى أن المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد تلقى وعودا من الحوثيين تتعلق بقبولهم تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2216 الذي يطالبهم بتسليم الأراضي والمناطق التي استولوا عليها وتسليم أسلحتهم وتدور مشاورات المبعوث الأممي مع الحوثيين برعاية عمانية حول الانسحاب من مدينة عدن كبرى مدن الجنوب. وفي الوقت الذي أكد فيه سفير اليمن لدى الأممالمتحدة خالد اليماني ل«الشرق الأوسط» تقدم الحكومة اليمنية بموافقتها للأمين العام للأمم المتحدة للمشاركة في مشاورات جنيف، أوضح مسؤول دبلوماسي أن الأممالمتحدة لم تتسلم تأكيدات «بشكل رسمي» من الحوثيين أو من المؤتمر الشعبي وأتباع الرئيس المخلوع على عبد الله صالح بالاستعداد للذهاب إلى جنيف. وتضاربت إعلانات الحوثيين حول استعداهم للمشاركة في مشاورات جنيف ما بين الاستعداد للمشاركة دون شروط مسبقة وبين وضع عراقيل واشتراطات على الأطراف الأخرى المشاركة، وعراقيل حول الاعتراف بشرعية الحكومة اليمنية برئاسة هادي وعراقيل حول كيفية وأسلوب الالتزام ببنود قرارات مجلس الأمن وبنود مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية. كما أشارت تقارير حول خلافات بين قيادات حزب المؤتمر الشعبي بين موالين لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي وموالين للرئيس المخلوع عبد ربه منصور هادي وخلافات أخرى حول ما سماه قياديو الحزب ب«تمثيل عادل ومتساوٍ» للأطراف اليمنية ومن أكثر قدرة على بسط نفوذه خلال المشاورات. وقال المسؤول الدبلوماسي ل«الشرق الأوسط» إن من العراقيل التي تواجه توجيه الدعوات لمشاورات جنيف هي أن كل طرف يريد من الأطراف الأخرى التقدم بقائمة ممثليه كي يتم تسمية ممثليه، كما يسعى الحوثيون إلى التوسع في المكاسب التي تحققها على أرض المعركة في اليمن لاستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية خلال محادثات جنيف، إضافة إلى مشكلة أخرى تكمن في طبيعة الحوثيين الذين يعملون للاستفادة من أي محادثات حول وقف إطلاق النار ويقومون بإعادة تريب أوضاعهم العسكرية للانقلاب على الصفقات ونتائج الحوار. وأشار المسؤول الدبلوماسي إلى أن الحوثيين يحاولون الحصول على عفو من أي ملاحقة سياسية أو قانونية، فيما تطالب الحكومة اليمنية بضمانات لالتزام جميع الأطراف بتنفيذ أي اتفاقات يتم التوصل إليها بشفافية. واستبعد المسؤول الدبلوماسي في تصريحاته ل«الشرق الأوسط» وجود مشاورات حول تنفيذ هدنة خلال شهر رمضان في الوقت الحالي، وقال: «من السابق لأوانه الحديث عن الهدنة في وقت نحاول فيه تقريب وجهات النظر والاتفاق على أرضية مشتركة لجلب الأطراف اليمنية إلى مائدة الحوار». وكان مجلس الأمن الدولي قد أيّد يوم الأربعاء الماضي الدعوة التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لإرساء هدنة إنسانية جديدة، مطالبا أطراف النزاع ببدء مفاوضات سلام في أسرع وقت وتسربت أنباء عن محاولات لتنفيذ الهدنة الإنسانية المقترحة خلال شهر رمضان. وأشارت مصادر إلى اجتماعات يعقدها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مع عدد من الأحزاب اليمنية التي تعترف بشرعية الحكومة اليمنية لبحث شكل التمثيل والأسماء المقترحة لتمثيل الحكومة اليمنية في مشاورات جنيف التي تحدد لها موعد في الرابع عشر من يونيو الحالي. وقد أشار السفير اليمني لدى الأممالمتحدة خالد اليماني إلى أن الحكومة اليمنية والأحزاب التي تعترف بشرعية هادي ستشارك في مشاورات جنيف بسبعة ممثلين فيما يشارك الحوثيون باثنين من الممثلين واثنين ممثلين عن المؤتمر الشعبي وثلاثة ممثلين من الأحزاب اليمنية الصغيرة. ومن المتوقع أن يتم عقد جلسة افتتاحية مفتوحة يلقي فيها الأمين العام للأمم المتحدة خطابا وتشارك الأمانة العالمة لمجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية في الجلسة ثم تعقد جلسات مغلقة بين الأطراف اليمنية يديرها مبعوث الأمين العام الخاص لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد. من جانب آخر، أشارت ماري هار، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إلى دعم بلادها لاستئناف عملية الحوار السياسي التي تقودها الأممالمتحدة. وقالت: «نحن نحث جميع الأطراف اليمنية على المشاركة في هذه المشاورات التي ندعمها». وأضافت: «نعتقد أن هناك خطوات ضرورية ينبغي اتخاذها بما يسمح بوصول المساعدات الإنسانية ووقف إطلاق النار وبغض النظر عن كيفية حدوث ذلك فإنه أمر ينبغي أن يحدث نظرا للوضع الخطير على أرض الواقع». وقد عملت كل من آن باترسون، مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، والسفير الأميركي لدى اليمن ماثيو توللر، على تقريب وجهات النظر بين الأطراف اليمنية المتنازعة وإجراء مشاورات مع ممثلي الحوثي في العاصمة العمانيةمسقط ومشاورات أخرى مع الحكومة اليمنية في الرياض، ولم توضح الخارجية الأميركية تفاصيل الدور الأميركي لدفع تلك الأطراف للمجيء إلى طاولة الحوار. وقال السفير الأميركي السابق لدى اليمن ستيفن سيش: «إذا كنا نستطيع جلب الطرفين للاتفاق على وقف الأعمال العدائية فإنه يمكن للأمم المتحدة أن تقوم بدور وأن تعمل بشكل وثيق مع المؤسسة السياسية اليمنية لإعادة تشكيل إطار للمفاوضات وعمليات الإصلاح وتحريك عمليات إعادة صياغة الدستور الجديد والاعتراف بأحزاب سياسية جديدة وتشكيلة جديدة من النفوذ السياسي في اليمن بما يضم جماعة الحوثي، وهذا ما يمكن أن يقنع الحوثيين للمجيء إلى مائدة المفاوضات في هذه المرحلة».