أدلى الرئيس زين العابدين بن علي بحديث خاص للمجلة الثقافية التونسية “رحاب المعرفة” في عددها الأخير، تناول فيه المكانة المتميزة للثقافة في المشروع الحضاري لتونس ودور حوار الحضارات والثقافات والأديان في مجابهة السلبيات التي تفرزها العولمة وأهمية الوحدة الثقافية في إقامة صرح مغاربي منيع فضلا عن الموقع المتميز الذي يحظى به الشباب ضمن اهتمامات رئيس الدولة. وأكد الرئيس بن علي على أن الثقافة سند للتغيير وهي في صميم المشروع الحضاري لتونس وليست أمرا ظرفيا أو خيارا لمرحلة محدودة. وأضاف أن التغيير فعل حضاري متواصل شامل لمختلف الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهو يستمدّ شروط نجاحه واستمرارية مساره من قاعدة ثقافية متطورة على الدوام تحفظ ثوابته وتغذيه بالقيم البناءة والرؤى المتجددة وتشحذ العزم على المضي قدما نحو الأفضل والأرقى. وبيّن حرص تونس على تعزيز المرجعيات الوطنية وحفز المبدعين على الإنتاج والابتكار بتكريس الحق في إنتاج الثقافة والاستفادة منها وتأمين مقومات العمل الإبداعي للعاملين في الحقل الثقافي وبإلغاء جميع أنواع الرقابة الإدارية على الكتب والمنشورات. وأشار إلى الزيادة التدريجية في الميزانية المخصصة لقطاع الثقافة والمحافظة على التراث لتبلغ سنة 2009 نسبة 1,25 بالمائة من ميزانية الدولة. وأكد سيادة الرئيس زين العابدين بن علي على أن الاختلاف بين الثقافات "ينبغي ألا يكون مبررا للإلغاء والإقصاء بقدر ما يكون مجالا رحبا للتنوع والثراء" وكل سعي للتنميط إنما هو حرمان للثقافة الإنسانية من ثراء إبداعاتها وتنوع مكاسبها ونيل من حقوق الشعوب في التمايز والتعبير عن ذاتها بما يفضي إلى التعصب والتطرف. ويظل الأخذ والعطاء والتفاعل بين مختلف الثقافات عاملا حاسما في مد الجسور بين الشعوب وقيام حوار متكافئ بين الحضارات والثقافات. وشدّد على حاجة الإنسانية اليوم أكثر من أي وقت مضى لتعزيز التضامن بين الشعوب وإلى تأسيس شراكة دولية للحوار والتعاون والسلم والتنمية تكرس التواصل بين جميع الأمم في كل مكان بقطع النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو اللغة”. وذكر باختيار تونس سنة 1997 عاصمة للثقافة من طرف اليونسكو وباحتفال بلادنا هذه السنة بالقيروان عاصمة للثقافة الإسلامية اعتبارا لمنزلتها التاريخية البارزة وإشعاعها الواسع عبر قرون على محيطها المغاربي والمتوسطي. وفي تقييمه للملامح الرئيسية لمستقبل الثقافة في تونس، أوضح الرئيس بن علي أن تونس تعتمد على مبدعيها لدفع مسار الثقافة ونحت معالمه الرئيسية وعلى مشاركة واسعة لمختلف الأطراف المعنية بالشأن الثقافي في مناخ ديمقراطي يقوم على الحوار ويحترم حق التنوع والاختلاف. وأكد أن تونس تولي عناية خاصة بالاستثمار في الثقافة والتشجيع على تطوير الصناعات الثقافية وفتح الآفاق أمام التقدم على مستوى الثقافة الرقمية الناشئة. وأشار سيادة الرئيس زين العابدين بن علي إلى أن الشباب هو الأساس في بناء حاضر تونس واستشراف غدها المأمول. وأكد أن تونس تحرص دائما على أن ننظر إلى المستقبل بعيون شبابها. وأكد أن البعد الثقافي لا يشكل عائقا في بناء اتحاد المغرب العربي والذي يبقى خيارا إستراتيجيا ثابتا لتونس وطموحا مشروعا وهدفا نبيلا ناضلت من أجله أجيال متعاقبة وتحتمه اليوم مصلحة الشعوب المغاربية وطبيعة المرحلة وما نشأ خلالها من تجمعات في المحيط الإقليمي والدولي. وأضاف :" إن الوحدة الثقافية المغاربية قائمة راسخة بفعل التاريخ والجغرافيا واللغة والدين وما يجمع بين شعوبنا من أواصر عريقة. وتمثل هذه الوحدة الثقافية اليوم الأساس الصلب لإقامة الصرح المغاربي .