تدشن تونس مطلع العام الجديد فعاليات الاحتفاء بمدينة القيروان التاريخية التي اختارتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الأيسيسكو» لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2009م. ولتخلف بذلك مدينة الإسكندرية المصرية التي اختيرت عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2008م. وستشهد مدينة القيروان التاريخية طوال العام الجديد العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية المتميزة والتي تم الإعداد لها لتلائم مكانة هذه المدينة العريقة وتاريخها البارز ودورها الحضاري. وتحرص تونس على أن يكون الاحتفاء بالقيروان كعاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2009م، احتفاء متميزاً ومتنوعاً يليق بهذه المدينة التاريخية. وتمثل ذلك الحرص والاهتمام في توجهات ومتابعة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، الذي أكد على ضرورة العمل من أجل إنجاح اختيار مدينة «القيروان» عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2009م. ودعا في خطابه الذي ألقاه مؤخراً بتونس بمناسبة يوم الثقافة إلى اتخاذ كل الخطوات اللازمة لإنجاح هذا الحدث الثقافي الهام بالتعاون مع مختلف المؤسسات والكفاءات التونسية المختصة، حتى يكون هذا الاحتفال في مستوى مدينة القيروان وتاريخها المجيد، وإسهامها البارز في الحضارة العربية والإسلامية. ويشتمل برنامج التظاهرة الفكرية والفنية على مهرجانات استعراضية، وندوات دولية ومعارض ومسابقات وعروض مسرحية وسينمائية وأفلام وثائقية وأمسيات شعرية ودورات تدريبية في عدد من الفنون، وندوات ثقافية، ومن الندوات المقرر عقدها ندوة حول دور التربية في تعزيز قيم الحوار في الإسلام في المناهج التعليمية وملتقى دولي حول إسهامات علماء القيروان في التراث التربوي الإسلامي. ومن المقرر أيضاً تنظيم مهرجان للإنشاد الصوفي ومهرجان للأزياء والفلكلور الإسلامي إضافة إلى معارض لترويج التراث المعماري وفنون الزخرفة الإسلامية. وقد استعدت القيروان للتفاعل مع هذا الحدث المهم، وشملت الاستعدادات في مدينة القيروان عملاً مجسماً ضخماً يرمز لحدث القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية، إضافة إلى تهيئة ساحة جامع عقبة ابن نافع وتجميل منتزه فسقيات الأغالبة وإعادة تهذيب الحدائق العامة وصيانة المراكز الثقافية والمكتبات العامة خاصة المركز الثقافي أسد ابن الفرات، وتجميل المدينة العتيقة وإعادة رصف شوارعها وتجميل المعالم التاريخية إضافة إلى الشروع في وضع لوحات رخامية إرشادية تحمل أسماء أعلام ومشاهير القيروان بشوارع المدينة. ويعود تاريخ القيروان التي تعرف باسم عاصمة الأغالبة إلى عام 50 هجرية 670 ميلادية عندما قام بإنشائها عقبة ابن نافع، وكان هدفه أن يستقر بها المسلمون حتى يواصلوا الإشعاع الديني والحضاري في شمال وغرب أفريقيا، إذ كان يخشى إن رجع المسلمون عن التفاعل مع أهل أفريقية أن يعودوا إلى دينهم، والقيروان- وهي أحد أقدم المدن الإسلامية- هي في الأصل كلمة فارسية دخلت إلى العربية وتعني مكان السلاح ومحط الجيش وموضع اجتماع الناس في الحرب. ويعتبر إنشاء مدينة القيروان بداية تاريخ الحضارة العربية الإسلامية في المغرب العربي، حيث كانت تلعب القيروان مهمة مزدوجة هي الفتح والدعوة فبينما كانت الجيوش تخرج منها للجهاد والفتح كان الفقهاء يخرجون منها يعلمون العربية وينشرون الإسلام.