تتابع أحزاب اللقاء المشترك باهتمام بالغ وقلق عميق الأحداث والتطورات السلبية والاختلالات الأمنية الخطيرة، التي تعتمل منذ أمد ليس بالقصير على طول البلاد وعرضها، وتحديداً العمليات العسكرية التي تستهدف قرى ردفان والضالع وحملات الاعتقالات في مختلف المحافظات الجنوبية، إلى جانب شن حملات دعائية تضليلية تقوم على التخوين ونشر مشاعر الكراهية الوطنية والدينية. أن كل ذلك ينذر بأفدح العواقب والتي من شأنها أن تطال الكيان الوطني وتمزيق ما تبقى من تماسك النسيج الاجتماعي والوطني، وتراجع ثقافة المجتمع المدني، وقيم المواطنة، لقد أدت مسلكيات السلطة وتوجهاتها إلى تعميق الأزمات والمشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشية و الأمنية على كافة الأصعدة، وبات المواطنون يشعرون بقلق حقيقي على مصيرهم ومصير وطنهم جراء هذه الأزمات العاصفة و المناخات الكئيبة التي يخيم عليها شبح الحروب والعنف والانقسامات وتفاقم الأزمات المعيشية. لقد عبرت أحزاب اللقاء المشترك -ولا تزال -عن رفضها لسياسات السلطة القائمة على فرض سياسة الأمر الواقع والتفرد بشؤون الوطن وقضاياه، وفي مختلف الظروف والمراحل، ودعت إلى إيجاد الحلول الحقيقية والواقعية لمجمل القضايا والمشكلات بروح المسؤولية الوطنية، وفي إطار المؤسسات وبعيداً عن الحسابات القصيرة النظر والآنية. وترى أحزاب اللقاء المشترك أن المشهد السياسي اليوم قد وصل إلى درجة بات معها التطرف هو المتحكم في مساراته، حيث أدت السياسة المتطرفة للسلطة في التعاطي مع القضايا الوطنية الكبرى من خلال ما أظهرته من تجاهل وإهمال للإصلاحات السياسية الجذرية واللجوء إلى المناورة والقوة وتعميم الفساد والاعتماد على نظام الولاءات بدلاً من الشراكة الوطنية إلى خلق حالة من الإحباط واليأس داخل المجتمع، الأمر الذي أدى إلى تفريخ نزعات التطرف في التعاطي مع الشأن الوطني، لقد أدى هذا الوضع إلى تمكين التطرف من استقطاب المشهد السياسي على نحو خطير ينذر بالمواجهة في أكثر من مكان ووضع البلاد على طريق الإنقسام. إن مواصلة عسكرة المحافظات الجنوبية بنشر القوات المسلحة واستحداث المواقع العسكرية على نطاق واسع ومواصلة الاعتقالات يعيد إلى الأذهان الحرب المأساوية في صعدة التي لا زالت حتى اليوم مفتوحة على كافة الاحتمالات، وبدلاً من الإسراع في بلورة مشروع سياسيه وطني، والإعتراف بالمشاكل والأزمات التي تفجرت في كل أنحاء البلاد من جراء السياسات الخاطئة للسلطة الحاكمة وحزبها بما في ذلك الاعتراف بالقضية الجنوبية، فإن مواصلة السير في الطريق الخاطئ قد وفر مناخات لضرب الجهد الوطني الرامي إلى إخراج البلاد من أزماتها ومشاكلها. وها هو شبح المواجهة اليوم بين مكونات منظومة التطرف التي تحاول الهيمنة على المشهد السياسي يخيم على البلاد والذي تتحمل السلطة مسؤوليته على نحو لا يترك أمامها من خيار سوى البحث الجاد عن الحلول الجذرية لبناء دولة الديمقراطية قولاً وعملاً بعيداً عن المناورات. إن تسارع إيقاعات المواجهات الدموية في أكثر من مكان وعلى نحو خاص في الجنوب فيما يشبه استعراض عضلات القوة الغاشمة على حساب استغلال الحلول الوطنية للأزمات، عبر حوارات وطنية شامله يشارك فيها الجميع، يضعنا أمام مسؤولية تاريخية لا يمكن التخلي عنها في هذه اللحظة الحاسمة. إن أحزاب اللقاء المشترك وهي تراقب هذا التدهور المريع ترى أنه لا خيار أمام القوى السياسية والاجتماعية سوى الحوار الجاد والمسؤول، وعلى السلطة أن تتخلى عن غطرسة القوى وعن مواصلة إنتاج التطرف الذي يشوه الحياة السياسية ظناً منها أن ذلك هو الطريق الذي سيقوض المشروع الوطني الهادف إلى التغيير وبناء اليمن الجديد.!! إن هذا الوضع المكتض بمشاعر الانقسام الوطني إنما هو محصلة تراكم الأخطاء القاتلة للسلطة الحاكمة وإصرارها على السير في نفس الطريق مع التصميم على تيئيس الشعب من بناء دولة الشراكة الوطنية، فالحراك السلمي في المحافظات الجنوبية هو تعبير موضوعي عن حاجة الشعب إلى هذه الشراكة في الحكم والثروة، وبالتالي فإن جوهر القضية الجنوبية كقضية سياسية يكمن في هذه الحاجة التي قدم الشعب في الجنوب من أجلها التضحيات وبرهن أنه على استعداد تام لتقديم المزيد من التضحيات من اجلها، على الرغم من غطرسة القوة وإنتاجها لخيارات التطرف والمغامرة، وهو في ذلك لا يبحث ولا يناضل إلا من أجل حقه المشروع في الحياة الكريمة والمواطنة المتساوية والحكم اللامركزي والنظام السياسي والاجتماعي العادل. إن ذلك لن يتحقق إلا بالعودة الى روح الوحدة السلمية ومشروعها الوطني الذي صادرته القوة والحروب، وعلى هذا الصعيد ترى أحزاب اللقاء المشترك أن الوطن اليوم بكافة قواه السياسية والاجتماعية بحاجة ماسة للوقوف بمسؤولية امام التحديات التي لا يمكن لخيارات القوة والعنف والتطرف والمغامرة إلا أن تسهم في تصعيدها وتمكينها من جر البلاد إلى مزيد من الانقسامات والتداعيات ودق آخر مسمار في نعش المشروع الذي عبرت عنه الوحدة السلمية يوم 22 مايو 0991م، ومضامينها الوطنية والديمقراطية القائمة على إنشاء دولة الشراكة الوطنية والنظام والقانون والمساواة والعدل وخيار الديمقراطية الذي يضع حداً ونهاية للتسلط والتفرد بالحكم، ويضع حداً ونهاية للتطرف والمغامرات ونهج العنف والصراعات، ولن تكتمل حلقة الدفع بالقضية الجنوبية العادلة نحو إنتاج دولة الشراكة تلك إلا بإنخراط بقية أبناء اليمن في النضال الحقيقي الذي يؤمن شراكتهم في مناطقهم المختلفة الأخرى، وإذا كانت المبادرة قد جاءت من الجنوب، فإن ذلك إنما يؤكد دور الجنوب التاريخي كمشروع سياسي وطني كان دائماً سباقاً في الكفاح الوطني والنضال الشعبي في محطاته التي حققت الاستقلال الوطني الناجز والمساهمة الفاعلة في القضاء على الملكية والسير نحو بناء اليمن الموحد الديمقراطي. إن الجنوب يجب أن لا يكافأ إزاء كل تضحياته الوطنية العظيمة بنشر الدبابات والعسكر، بتلك الطريقة التي شوهت وتشوه مضامين الوحدة وعلى ذلك النحو الذي يستفز المشاعر، فالوحدة التي تحققت سلمياً لا يمكن أن تحمل إلى الناس على ظهر دبابة في عالم اليوم الحديث الذي أخذ يعيد صياغة وعي الشعوب بناءً على قواعد مختلفة، ترسخ قيم التعايش والتسامح، وإنتاج وإدارة المصالح المشتركة، كما أنه لا يمكن للمشاريع المغامرة والمتطرفة إلا أن تكون الوجه الآخر لهذا النوع من الأنظمة التي تعتمد القوة، وهذا يعني أننا أمام محطة تاريخية هامة وحاسمة من حياة شعبنا تضعنا أمام مفترق طريقين، فإما أن نزكي نضالات شعبنا وتضحياته ونمجده ونتجه به صوب غاياتها النبيلة، وأما أن نتركها لعبث منظومة القهر والقوة والتطرف والخفة لتقود الوطن إلى مجاهيل المواجهات والعنف والحروب. أن أحزاب اللقاء المشترك وهي تراقب التطورات الدرامية في المسار الوطني والتغيرات الحادة في المزاج الشعبي إزاء الهموم الوطنية عموماً، والتراجع الخطير في الحوافز الوطنية تجاه مستقل الوطن لتدرك تماماً أن اقتحام المشهد السياسي بخياراتهم القوة والمغامرة والتطرف من شأنه أن يدخل البلاد في حالة من الفوضى والإختلالات الخطيرة التي أخذت مقدماتها تتصاعد على نحو مخيف خلال الفترة الماضية وهو أمر لا يجب بأي حال من الأحوال السكوت عنه. فهذا الوطن ملك للجميع، والجميع مسؤول عنه وعن مستقبله، ولن تتحق هذه المسؤولية إلا بالحوار الذي يجب أن يتركز بدرجة أساسية حول بناء دولة الشراكة الوطنية الديمقراطية ونظامها اللامركزي وأساسها القانوني القائم على العدل والمساواه بمشاركة كل أبناء الوطن في الداخل والخارج وعلى قدم المساواة. إن الوضع السياسي وتجلياته البارزة على الصعيد الإجتماعي والأمني والوطني عموماً، على الرغم مما آل إليه من أخطاء وأمراض، لا زال التاريخ يقدم فرصاً من الحل تجنب بلدنا الانزلاق نحو الكارثة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نرى وطننا يتجه نحو المجهول وفي الطريق الذي تقوده إليه غطرسة القوة والتطرف السياسي ونصمت. لقد كان اللقاء المشترك خلال الفترة الماضية هدفاً إعلامياً للدعاية الرسمية التضليلية بهدف تحويله إلى شريك للسلطة، يلغ معها في دماء المواطنين، وبهدف تمرير مشاريع القوة والمغامرة والخفة، في حين تمسك المشترك بمشروعه الوطني الديمقراطي، واليوم وبعد أن أوصلت القوة والمغامرة البلاد إلى هذا الوضع فإنه لا خيار إلا بالعودة إلى المشروع الوطني الديمقراطي الذي يؤسس لوضع يتسع للجميع على قاعدة الشراكة في الحكم والثروة. صادر بصنعاء 4/5/9002م __